23 أبريل، 2024 1:15 ص
Search
Close this search box.

ضربات “واشنطن” عملت على تقويتهم .. “الحوثيون” قالوا لبايدن “كش ملك” في البحر الأحمر !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

بدأ اعتداء “إسرائيل” المتواصل على “قطاع غزة” في دفع منطقة الشرق الأوسط نحو صراع إقليمي أوسع. إذ برز (الحوثيون) في “اليمن” كطرفٍ قوي غير متوقع خلال الأسابيع الماضية، ونجحوا في تعطيل حركة الشحن العالمية، خاصة تلك التي تسّير نحو “إسرائيل”؛ بسبب استمرار الحرب في “غزة”، ودفعوا “الولايات المتحدة” على شّن سلسلةٍ من الضربات الجوية في محاولة ردع أميركية فاشلة.

“الحوثيون” حاصروا “بايدن” في وضعية “كش ملك”..

على مدار الأشهر الثلاثة الماضية؛ هاجم (الحوثيون) سفن التجارة المارة عبر “البحر الأحمر”، في تدخّل عسكري غير متوقع، يستهدف إجبار “إسرائيل” على إنهاء هجومها المدعوم أميركيًا على “غزة”، والسماح بدخول المساعدات إلى القطاع المحاصَر.

وبدأ ضغط (الحوثيين) على ممر التجارة الحيوي في التأثير على الاقتصاد العالمي بالفعل: حيث غيّرت شركات الشحن المذعورة مسّار سفنها إلى طرقٍ أكثر تكلفة، مع ارتفاع رسوم التأمين ضد المخاطر وأسعار الشحن العالمية. ومن المحتمل أن تبدأ آثار محاولة سّد “مضيق باب المندب” في الظهور على تكاليف النفط والسّلع حول العالم قريبًا.

منذ الأسبوع الماضي؛ شنّت “الولايات المتحدة”: (05) ضربات جوية ضد أهدافٍ حوثية. فضاعف (الحوثيون) جهودهم، واستهدفوا السفن المارة بأعداد أكبر من الصواريخ والمُسيَّرات. وتضمنّت الأهداف سفنًا تجاريًا أميركية وسفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية – في مؤشرٍ على أن الضربة الأميركية زادت الحركة المسلحة شجاعة، كما يقول تقرير لموقع (The Intercept) الأميركي.

وخلال مؤتمر صحافي بـ”البيت الأبيض”؛ يوم الخميس 18 كانون ثان/يناير، أقرّ الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، بأن الضربات الجوية لم توقف (الحوثيين). لكنه أردف أن “الولايات المتحدة” ستستمر في استهداف الجماعة على أي حال.

بهذا القرار؛ يبدو أن إدارة “بايدن” جعلت نفسها عُرضةً للحصار الجيوسياسي في وضعية: “كش ملك” بواسّطة (الحوثيين)؛ كما يقول موقع (إنترسبت) الأميركي، إذ إن تصعيد ضرباتها الجوية ضد الجماعة سيُزيد اضطرابات الشحن العالمية؛ وهو الأمر الذي سيُسّفر عن نتائج عكسية على صعيد تخفيف التداعيات الاقتصادية، كما سيُخاطر باندلاع حرب إقليمية شاملة.

أما في حالة التفاوض أو الرضوخ لمطالب جماعة ميليشياوية غير حكومية، فسوف يرى الكثيرون في ذلك استسلامًا أميركيًا من شأنه تعزيز شعبية (الحوثيين) المسّتحدثة.

لا تراجع من قِبل “الحوثيين” والتحدي يتزايد..

يقول الموقع الأميركي؛ إن (الحوثيين) لا يبدون على استعداد للتراجع، بل يُرحبون بالصراع الأوسع أيضًا، وذلك بعد أن اشتد عودهم نتيجة حربهم الأهلية ضد الحكومة اليمنية المنفية، المدعومة من “السعودية”.

من جهتها؛ تقول “أيونا كريغ”، الصحافية الأميركية والمتخصصة بـ”اليمن”: “يُريد (الحوثيون) هذا الصراع بكل تأكيد. إنه جزء من إيديولوجيتهم التي تَشكل عنصرها المناهض للولايات المتحدة أثناء فترة الغزو الأميركي للعراق. وهم ينظرون إلى أنفسهم اليوم على اعتبارهم المدافعين عن الفلسطينيين وشعب غزة”.

وفي ظل عدم ارتداع (الحوثيين)، سلكت “الخارجية الأميركية” نهجًا مختلفًا؛ يوم الأربعاء 17 كانون ثان/يناير، بتصّنيف الميليشيا كجماعة “إرهابية دولية”، مصنفة تصنيفًا خاصًا. ويُمثل هذا القرار تراجعًا جزئيًا عن قرار “الخارجية” السابق بإزالة اسم (الحوثي) من قائمة: “المنظمات الإرهابية الأجنبية” الأكثر صرامة. حيث إن التصّنيف الجديد يجعل (الحوثيين) عُرضةً للعقوبات الاقتصادية والسياسية، لكنه يتجنب القواعد الأكثر صرامة لقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. بينما قالت الجماعات الإنسانية إن فرض التدابير الأقسّى سيعوق وصول المساعدات إلى مناطق “اليمن” التي سيّطر عليها (الحوثيون) أثناء الحرب الأهلية.

وبعد ساعتين من تصنيفهم كجماعةٍ إرهابية بواسّطة “الولايات المتحدة”، استهدف (الحوثيون) حاملة طائرات أميركية، لترد “الولايات المتحدة” بجولةٍ جديدة من الضربات الجوية.

قال “دانييل ديبيتريس”؛ زميل مركز أبحاث (Defense Priorities) للسياسة الخارجية في “واشنطن”، لموقع (The Intercept) الأميركي: “يبدو أن إدارة بايدن تأمل أن يؤدي تراجع قدرات (الحوثيين) إلى إجبارهم على التوقف، لكن من الواضح أن هذه الخطة غير مجدية. ومن الممكن ردع الجميع، فـ (الحوثيون) ليسوا مجانين. لكن مشكلة التعامل مع الأطراف النشّطة غير الحكومية تكمن في أنهم يحتاجون إلى قوةٍ أكبر حتى يقتنعوا بتغيّير حساباتهم الاستراتيجية”. ثم أردف: “ظن السعوديون أيضًا أنه بإمكانهم هزيمة (الحوثيين) عسكريًا دون الحاجة إلى التطرق لمطالبهم السياسية”.

من متمردين في “صعدة” إلى أصحاب تطلعات إقليمية..

كان (الحوثيون) عبارة عن جيش صغير منسّي في جبال “صعدة”؛ شمال غرب “اليمن”، في وقتٍ من الأوقات، لكنهم تعلّموا الرد على الجيوش الأقوى منهم بمراحل على مدار سنوات من الحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية – واكتسّبوا المعارف التي يبدو أنهم يضعونها موضع التنفيذ في مواجهة “الولايات المتحدة” اليوم.

وعادةً ما يُقلل الناس من شأن (الحوثيين) باعتبارهم مجرد وكلاء لـ”إيران” وأعضاءٍ في تجمع جماعات يُشار إليه باسم (محور المقاومة)، الذي يضم (حزب الله) في “لبنان”؛ وميليشيات شيعية أخرى في “العراق”. لكن المحللين يقولون إن “إيران” ربما تزوّد (الحوثيين) بالمال والسلاح والتدريب العسكري، لكن (الحوثيين) يتصرفون باستقلال سياسي نسّبي، كما يقول موقع (إنترسبت).

إذ قال “هشام العميسي”؛ المستشار الكبير لشؤون “اليمن” في معهد (European Institute of Peace)، للموقع الأميركي: “إننا نسّلب (الحوثيين) وكالتهم عندما نصفهم بأنهم مجرد أدوات في يد “إيران”. حيث إنهم يتمتعون بعقليتهم، وأجندتهم، وإيديولوجيتهم الخاصة”.

ويَعتبرُ (الحوثيون) المواجهة مع “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” عنصرًا رئيسًا في إيديولوجيتهم منذ وقتٍ طويل، ويُعبرون عن ذلك بمزيجٍ من الإسلاموية ومناهضة الإمبريالية علنًا. ويرفض (الحوثيون) غالبية جوانب النظام السياسي المدعوم أميركيًا في المنطقة، كما هو حال الجماعات الأخرى المدعومة من “إيران” أو المتحالفة معها، وشكلوا تهديدات جادة لاستقرار الأنظمة المتحالفة مع “الولايات المتحدة” مثل نظامي: “السعودية والإمارات”.

وأوضح “العميسي”: “لا يقتصر الهدف النهائي لـ (الحوثيين) على اليمن فحسّب، وهذه من النقاط الرئيسة التي تفوت الناس أثناء الحديث عنهم. هذه جماعة توسّعية لديها طموحات إقليمية. ويُمثل هذا الصراع فرصةً مثاليةً لهم حتى يقولوا إنهم الطليعة الحقيقية للأمة العربية، أما بقية القادة من أصدقاء أميركا فهُم متواطئون في معاناة الفلسطينيين”.

الضربات الأميركية عّززت مكانة “الحوثيين” في الشرق الأوسط..

تأتي أزمة “غزة” في قلب اضطرابات “البحر الأحمر”، بعد أن دمرها القصف الإسرائيلي الذي بدأ عقب هجوم (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.

إذ دخل (الحوثيون) في المعمعة على الفور تقريبًا. وفي الأيام التي أعقبت شنّ “إسرائيل” لهجومها الانتقامي، أرسل (الحوثيون) صواريخهم (الباليستية) نحو “إسرائيل” وبدأوا في مهاجمة طرق الشحن بـ”البحر الأحمر”.

ولطالما كان (الحوثيون) قوةً استقطابية في الساحة السياسية اليمنية، لكنهم استغلوا المشاعر المناهضة لـ”أميركا” في العالم العربي وتجاهل الأنظمة الموالية لـ”أميركا” معاناة “غزة” حتى يُعّززوا مكانتهم الجيوسياسية.

ولم يكتفِ (الحوثيون) بتميّيز أنفسهم على أنهم أنصار لـ”القضية الفلسطينية” فحسّب، بل أعادوا كذلك تحسّين سمعتهم على الجبهة الداخلية، التي كانوا يُعانون من أجل تأسيس حكومة فاعلةٍ فيها وسط الحرب الأهلية.

وأصبح المتحدثون باسم (الحوثيين) يظهرون على القنوات التلفزيونية الناطقة بالعربية، ليحتفوا بدورهم في مواجهة الغرب من أجل محنة الفلسطينيين.

ومن المُرجّح أن يتصاعد الغضب ضد “الولايات المتحدة” في المنطقة؛ لأن إدارة “بايدن” توليّ الاقتصاد العالمي أهميةً أكبر من أرواح الفلسطينيين على ما يبدو، وذلك من خلال قصفها لـ (الحوثيين).

وقال “العميسي”: “يجب أن تضع الولايات المتحدة في اعتبارها أن هذه التصرفات في غزة تُثير غضب الشعوب في كل أرجاء المنطقة. ويقول الانطباع الأميركي إن إراقة دماء الفلسطينيين طيلة الأشهر الثلاثة الماضية؛ لم تزعج أحدًا، لكنهم تحركوا على الفور بمجرد تهديد المصالح الاقتصادية للغرب. وتتماشى هذه الرسالة مع خطاب (الحوثيين) تمامًا، وتلقى أصداءً قوية في المنطقة”.

ومن الواضح أن مشروع (الحوثيين) ينجح. فبدلاً من إضعافهم يبدو أن الضربات الجوية الأميركية عّززت مكانة (الحوثيين) السياسية في أرجاء الشرق الأوسط. ويقول المحللون إن نظرة الرأي العام لـ”الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط قد بلغت مستويات متدنية غير مسّبوقة منذ غزو “العراق” عام 2003. وتُظهر استطلاعات الرأي بين العرب في المنطقة حالة غضب وخيبة أمل واسّعة النطاق تجاه “الولايات المتحدة” منذ بدء حرب “غزة”، مع آراء أكثر ميلاً لدول منافسة مثل “روسيا والصين”.

ومع تورط الجيش الأميركي الآن في تبادل الهجمات مع (الحوثيين)، يقول الخبراء إن إدارة “بايدن” لم تُعد لديها أي خيارات جيدة. حيث قال “ديبيتريس”: “لا أعتقد أن الولايات المتحدة تُحاول الانخراط في محاولةٍ لتغييّر النظام في اليمن. لكن استمرار تضخم هذه المواجهة قد يدفع الإدارة إلى التفكير في ذلك والانجرار لمواجهة أوسع بنهاية المطاف”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب