خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تحت ذريعة الدفاع عن النفس، شن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، ضد الجهاديين في سوريا، غارة جوية على قوات موالية للنظام السوري إثر هجوم في “دير الزور” على وحدات من “قوات سوريا الديمقراطية” التي يدعمها التحالف.
قائلاً، في بيان، إن “قوات موالية للنظام شنت في 7 شباط/فبراير 2018، هجوماً لا مبرر له ضد مركز مراقبة معروف جيداً أنه لقوات سوريا الديمقراطية”.
مقتل مئة بسبب ضربات التحالف..
أفاد مصدر عسكري أميركي؛ بأن القصف أدى إلى مقتل أكثر من مئة عنصر من القوات الموالية للنظام السوري في هذه الضربات، التي شنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن “في حالة الدفاع المشروع عن النفس” في شرق سوريا.
وقال المسؤول: “نقدر مقتل أكثر من مئة عنصر من القوات الموالية للنظام، في وقت كانت هذه القوات تشتبك مع قوات سوريا الديمقراطية والمدعومة من واشنطن وقوات التحالف”.
وذكر البيان أن “جنوداً من التحالف يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية في مهمة إستشارة ودعم ومرافقة؛ كانوا مع شركائهم في قوات سوريا الديمقراطية، حين وقع هذا الهجوم على بعد ثماني كيلومترات شرق نهر الفرات، الذي يمثل الخط الفاصل لمنطقة خفض التصعيد” المتفق عليها مع روسيا.
ويسعى التحالف الدولي، مدعوماً بـ”قوات سوريا الديمقراطية” إلى طرد من تبقى من جهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية” في الضفة الشرقية لنهر الفرات، وقد أبرمت واشنطن اتفاقاً مع موسكو تلتزم بموجبه الطائرات الحربية الروسية التي تدعم قوات الرئيس “بشار الأسد” بالتحليق حصراً في سماء الضفة الغربية وعدم تجاوز خط النهر إلى الضفة الشرقية.
للدفاع عن قوات التحالف وحلفائهم..
لفت، البيان، إلى أنه “دفاعاً عن قوات التحالف وحلفائهم فقد نفذ التحالف ضربات ضد المعتدين”، من دون أن يوضح ما إذا كان الحادث قد أسفر عن إصابات.
كذلك لم يوضح التحالف من هي القوات “الموالية” للنظام السوري التي قصفها، والتي يمكن أن تكون وحدات تابعة للنظام أو حتى وحدات من الجيش الروسي، الذي كثرت في الآونة الأخيرة الحوادث بينه وبين قوات التحالف بسبب إنحسار رقعة القتال والناجم عن الهزائم المتتالية التي يتكبدها تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وشدد البيان على أن “التحالف يبقى مصمماً على تركيز جهوده على قتال تنظيم «الدولة الإسلامية» في وادي الفرات، ويؤكد على أن حقه في الدفاع عن النفس غير قابل للمساومة”.
إرتكاب جريمة حرب..
من جانبها، اتهمت وزارة الخارجية السورية، التحالف الدولي، بـ”حماية ودعم الإرهاب” وإرتكاب “جريمة حرب”، إثر الضربة العسكرية التي وجهها التحالف لقوات تابعة للنظام السوري.
وقالت “وزارة الخارجية السورية” إن قوات التحالف الدولي إرتكبت، ما وصفتها، بـ”مجزرة وحشية” في ريف “دير الزور”، مضيفة: أن “هذا العدوان الجديد الذي يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ودعماً مباشراً وموصوفاً للإرهاب؛ يؤكد طبيعة النوايا الأميركية الدنيئة ضد سيادة سوريا ووحدة أرضها وشعبها”، وذلك في رسالة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية.
وطالبت الخارجية السورية: “بإدانة هذه المجزرة، وتحميل التحالف الدولي المسؤولية عنها وإلزامه بوقف جرائمه وإعتداءاته التي تسببت بمقتل وجرح آلاف المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وتدمير البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة”، على حد تعبيرها.
وأضافت: “تجدد الحكومة السورية المطالبة بحل هذا التحالف غير الشرعي، بوصفه قوة حماية ومساندة ودعم للإرهاب. وتؤكد أن مؤسساتها وقواتها ستواصل الإضطلاع بمسؤولياتها مهما بلغت التضحيات لمنع التحالف الأميركي من تحقيق أهدافه الإرهابية المكشوفة، ولضمان مواصلة التصدي لإرهاب تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية وداعميها وحفظ سيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها وشعبها”.
الضربة الجوية “عدوان”..
من جهتها، اعتبرت روسيا أن الضربة الجوية، التي نفذها التحالف على قوات موالية للحكومة، “عدوان”.
ونقلت وكالة (إنترفاكس) الروسية للأنباء، عن “وزارة الدفاع” قولها، اليوم، إن الهدف النهائي للولايات المتحدة في سورية ليس محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لكن الإستيلاء على أصول اقتصادية.
وأوضحت أن المقاتلين السوريين، الذين استهدفهم التحالف بقيادة واشنطن، لم ينسقوا أنشطة إستطلاعهم بشكل مسبق مع روسيا. وأبلغت واشنطن عن تنفيذ الضربة، الأربعاء.
ونقلت الوكالة أيضاً عن العضو في البرلمان الروسي، “فرانز كلينتسفيتش”، قوله إن الضربة الجوية التي نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة على قوات موالية للحكومة السورية؛ “عمل من أعمال العدوان”.
وأضاف: “أعمال التحالف الأميركي لا تتماشى مع الأعراف القانونية، وهي عدوان من دون أدنى شك”.
نوجد في سوريا للقضاء على “داعش” فقط..
رداً على الإتهامات، أكد التحالف الدولي أن قواته في سورية لا ترغب في قتال أي طرف في سورية سوى “داعش”، قائلاً المتحدث باسم التحالف الكولونيل، “راين ديلون”، إن الرد على الهجوم كان دفاعاً عن النفس، و”يمثل رسالة لأولئك الذين يفكرون بشن هجوم على قوات التحالف الدولي”، مشدداً على أن قوات التحالف موجودة في سورية للقضاء على “داعش”، وأن الهجوم الذي إستهدف قوات سورية الديموقراطية، مساء الأربعاء، “سيشتت جهود القضاء على التنظيم”.
مضيفاً أن التحالف الدولي يعكف، في الوقت الراهن، على إعادة تقييم الأحداث وتحديد هوية المجموعات التي شنت الهجوم على “قوات سورية الديمقراطية”.
موضحاً أن قوات التحالف تعرضت لهجوم “لا مبرر له” من قوات النظام السوري.
تم التنسيق مع الروس..
لافتاً إلى أن التحالف نسق مع الروس، قبل وأثناء وبعد، إستهداف الميليشيات الموالية للنظام، مشيراً إلى أن “التحالف لا يرغب بالتصعيد، وما حدث كان دفاعاً عن النفس وعن الحلفاء”.
وأكد “ديلون” على أنه: “خلال الأسبوع الماضي أخبرنا الروس بتعزيز النظام السوري لقواته في المنطقة”، وأضاف: “أخبرنا الروس بالغارات قبل وقوعها من خلال خط منع الإشتباك”.
متابعاً: “سنرد على أي هجمات مهما كان مصدرها، وسنحمي أنفسنا من أي هجوم سواء من «داعش» أو غيره”.
وقال أن خط التنسيق مع الروس هام للغاية لتفادي أي إشتباك، وتابع: “لا ننتظر ضوءاً أخضر من الروس للدفاع عن أنفسنا”.
لمواصلة الضغط على سوريا للوصول إلى الأهداف..
تعليقاً على ما حدث، أشار الكاتب والباحث، “حميدي العبدلله”، إلى أن الولايات المتحدة سوف تلجأ إلى بدائل أخرى في حال تعذر عليها شن هجوم عسكري على سوريا، وذلك بهدف مواصلة الضغط على الدولة السورية وعلى حلفائها من أجل الوصول إلى غاياتها وأهدافها في سوريا.
تكرار الهجمات يتراجع..
رأى الكاتب في مقاله، الذي نشرته جريدة (البناء) اللبنانية، أن إحتمال تكرار الولايات المتحدة شنّ عدوان عسكري على سورية، على غرار الإعتداء الذي إستهدف “جبل الثردة” في “دير الزور”، أو الإعتداء الذي إستهدف “مطار الشعيرات” بذريعة الردّ على استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي في “خان شيخون”، واضح أنّ مثل هذا الإحتمال تراجع بقوّة كبيرة لأسباب عديدة أبرزها:
أولاً: إنتشار المستشارين الروس واللجان الروسية العسكرية التابعة لمركز المصالحة في “حميميم”، في كلّ المناطق السورية التي تمّ تحريرها، وبالتالي فإنّ أيّ إعتداء على هذه المناطق، سيعني تهديد أمن المستشارين والقوات الروسية، وهذا أمر لن تسكت عنه موسكو، لا سيما أنّ العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تمرّ بمرحلة شديدة التوتر والحساسية، وبالتالي أيّ مغامرة جديدة يمكن أن تقدم عليها القوات الأميركية تحت أيّ ذريعة لن تكون مبرّرة ومفهومة، وقد لا تعامَل بشيء من ضبط النفس من قبل روسيا، ولن يتكرّر سيناريو الردّ على إعتداء “مطار الشعيرات”، حيث كانت ردّة الفعل الروسية بعد الإعتداء عبر تجميد التعاون مع الولايات المتحدة في سورية، والتهديد العلني بإسقاط أيّ جسم طائر يحلق في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية. بكلّ تأكيد واشنطن تأخذ بعين الاعتبار أنّ إعتداء عسكري جديد، قد يواجه بفعل مباشر من قبل روسيا، أو عبر الجيش السوري وبمساندة فنية من القوات الروسية المنتشرة في سورية.
ثانياً: لم يعد هناك تداخل في عمل القوات على الأرض يفسح المجال أمام قيام الولايات المتحدة بشنّ إعتداء، والقدرة على تبرير هذا الإعتداء بوجود خطأ، كما حصل عند الإعتداء على “جبل الثردة”.
توجد بدائل أخرى..
من وجهة نظر الكاتب، فإن “الولايات المتحدة سوف تلجأ إلى بدائل أخرى لمواصلة الضغط على الدولة السورية وعلى حلفائها من أجل الوصول إلى غاياتها وأهدافها في سورية، ومن بين هذه البدائل استمرار الإعتداءات الإسرائيلية على غرار الإعتداء الجديد، الذي وقع فجر يوم الأربعاء، وتقديم دعم نوعي للجماعات الإرهابية من نوع الدعم الذي تمّ تقديمه لـ«جبهة النصرة» في «إدلب»، والذي مكّنها من إسقاط طائرة روسية متطوّرة من طراز (سو 25)، إضافةً إلى مواصلة الحملة الإعلامية والسياسية تحت دعوى استخدام الجيش السوري لأسلحة كيماوية ضدّ الجماعات المسلحة، سواء في «الغوطة الشرقية» أو في محافظة «إدلب»”.
وختم “العبدالله” مؤكداً على: أن “الولايات المتحدة تدرك أنّ أوراق الضغط التي تمتلكها في سورية للتأثير على مجرى الأحداث الميدانية آخذة في التراجع، فتنظيم «داعش» يكاد يختفي عن الوجود بعد سيطرة الجيش على «دير الزور» والبادية السورية، ومواقع المسلحين في معاقلهم الأخيرة في «إدلب والغوطة الشرقية» تتهاوى؛ وهي بحاجة إلى إسناد بدلاً من أن تكون أوراق ضغط فاعلة، واستخدام مجلس الأمن لتبرير إعتداءات باسم الشرعية الدولية بات حلماً بعيد المنال في ظلّ «الفيتو» الروسي”.