صوت الشارع .. الفنانون الجائلون بشوارع إيران بين براثن البطالة ومضايقات المجتمع

صوت الشارع .. الفنانون الجائلون بشوارع إيران بين براثن البطالة ومضايقات المجتمع

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

بينما ينشّغل الجميع بتدبير أمر المعيشة؛ تتردد في أزقة المدينة أنغام العازفون في الشوارع والحدائق. وبينما فاق التضخم قدرة المواطن، يعزف فنانوا الشوارع لتدبير المعيشة. بحسّب ما استهل “پویا اصل باغ”؛ تقريره المنشور بصحيفة (عالم الصناعة) الإيرانية.

وللأسف يواجه هؤلاء الفنانون؛ بخلاف المشكلات الاقتصادية، تحديات أخرى. حيث واجه أغلب العازفين وفناني الشوارع خلال السنوات الماضية، مشكلات حقيقة مثل موظفو البلدية، والنظرة السلبية، والاستغلال.

ورغم ذلك؛ لم يتخلى عازفو الشوارع عن ألحانهم، ويقومون يوميًا بتقديم العروض حفاظًا على هذا الفن وتدبير أمر المعيشة.

أوضاع العازفين..

نمت موسيقى الشارع خلال السنوات الأخيرة؛ لا سيّما في المدن الكبرى. ويُقبل أغلب الشباب، نتيجة انعدام الوظائف، على تعلم العزف، ويضطرون إلى عزف الموسيقى في الشوارع بسبب نقص الدعم.

ولا توجد للأسف إحصائيات رسمية عن أعداد الفنانين الجائلين، لكن بحسّب المشاهدات الميدانية ينتشر عدد كبير منهم في الشوارع، والحدائق ومحطات المترو، وتُقدر الإحصائيات غير الرسمية أعداهم بنحو: (2430) عازف.

وهذا الأمر يُعتّبر مؤشر على زيادة الوظائف الكاذبة نتيجة تفاقم أزمة البطالة. ويعتقد الخبراء أن الأعمال من مثل العازفين والباعة الجائلين مهدّدة بالخطر نتيجة عدم الاهتمام ونقص الدعم.

وبحسّب الكثير من العازفين، تتراوح عوائدهم اليومية بين: (200-700) ألف طومان. وبالطبع يوفر لهم هذا البلغ الحد الأدنى من العائد اليومي، في حال لم يتسبب موظفو البلدية بمشكلة.

مع هذا تنطوي دوافع العازفون الجائلون على أهداف أخرى غير كسّب المال. ووفق بعض الخبراء يُقبل الكثير منهم على العزف بغرض استعراض الثقافة والفن والموهبة. والحقيقة يواجه العازفون الجائلون العديد من التحديات، ومع ذلك لم يتخلوا عن الفن والعزف.

تحديات العازفون الجائلون..

بغض النظر عن المشكلات الاقتصادية، يواجه العازفون الجائلون معضلات جسيّمة. فقد شكّل عمال البلدية عقبة في طريق العازفين الجائلين، خلال السنوات الماضية، بسبب انتهاج العنف والسلوك المهين.

من جهة أخرى؛ لا يزال بعض أصحاب الأفق الضيق، ممن يعتبرون الموسيقى ممارسة مذمومة وضارة، ينظر إلى العازفين الجائلين كتهديد خطير للمجتمع. وقد ساهم هؤلاء الأشخاص، بالتعامل العدواني والسب، في نشر مشاعر الخوف واليأس بين هذا الجزء من نسيج المجتمع.

غير أن المشاكل لا تتوقف عند هذا الحد؛ إذ تشَّكل النساء والأطفال جزءًا من العازفين الجائلين، ويتعرضون للمضايقات من بعض الاستغلالين بسبب اضطرارهم للعزف فترات طويلة بجوار الحدائق أو في الأماكن العامة. وهؤلاء مثل أصحاب الأفق الضيق، ينظرون إلى العازفات الجائلات كأدوات، مما جعلهم يشكلون معضلة حقيقية للعازفين الجائلين.

لقد تكررت حوادث الاعتداء الجسدي على العازفين الجائلين وإتلاف آلاتهم الموسيقية، بسبب المشاحنات والعنف الذي يُثيّره عمال البلدية، وهو ما تسبب في تحول العديد من العازفين الجائلين إلى مهن أخرى خوفًا من مثل هذه التصرفات.

فأمثال هؤلاء لا يمتلكون فهمًا كاملًا للثقافة والفن والموسيقى، ويسعون دائمًا إلى إسكات صوت هذا الجزء من المجتمع. وقد ركز هؤلاء، بدلًا من استهداف الأسباب الجذرية الحقيقية للبطالة، على محاربة العازفين الجائلين.

تأثير العازفون الجائلون على الثقافة والمجتمع..

يعتقد بعض النشطاء في المجال الموسيقي، أن العازفين الجائلين يُحافظون على حياة الثقافة والفن بالمجتمع. علاوة على ذلك، فإن سماع أصوات العزف والألحان يبعث على تحسَّن حال بعض الأفراد، ويبُعدهم للحظات عن أوضاعهم المعنوية الصعبة.

مع هذا لا يمكن إنكار الجوانب السيئة للعازفين الجائلين، لأنهم يُمثّلون مؤشرًا على أزمة البطالة في البلد. لذلك أحيانًا تكون موسيقاهم بمثابة رثاء مؤلم يعكس حجم تجاهل المواهب الكبرى.

هذا الجزء من المجتمع الذي يحمل على عاتقه عبء الثقافة والفن، يؤثرون بعُمق رغم المشكلات على رواح المواطنين والفن، ولا يمكن إنكار دورهم في الهيكل الموسيقي والمجتمعي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة