خاص: كتبت- نشوى الحفني:
أيام قليلة مرت على تنصيب الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، إلا وقد انكشفت الخطط والأوراق عن مصّير الفلسطينيين في “قطاع غزة”، عقب تنفيذ وقف إطلاق النار، وبدء تبادل الرهائن والأسرى بين (حماس) والاحتلال الإسرائيلي، حيث طرح “ترمب”؛ السبت، خطة لـ”تطهير” غزة؛ (على حد تعبيره العنصري)، قائلًا إنه: “يُريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط”.
ردًا على ذلك؛ قال رئيس دائرة العلاقات الخارجية لحركة (حماس)؛ “باسم نعيم”، إن: “الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عانى من الموت والدمار على مدى (15) شهرًا في واحدة من أكبر جرائم الإنسانية في القرن الـ (21)، لمجرد البقاء على أرضه ووطنه. وبالتالي، لن يقبل بأي مقترحات أو حلول، حتى لو بدّت حسّنة النية تحت ستار إعادة الإعمار”، كما اقترح الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”.
وأضاف “نعيم”: “شعبنا أحبط كل مخططات التهجير والوطن البديل على مدى عقود، ويرفض مثل هذه المشاريع أيضًا. ونؤكد أن شعبنا قادر على إعادة إعمار غزة بشكلٍ أفضل من ذي قبل، شريطة رفع الحصار عن المنطقة”.
وصرح “ترمب”؛ للصحافيين: “نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برُمتها”، واصفًا “غزة” بأنها: “مكان مدَّمر”، وقائلًا إن هذه الخطوة قد تكون: “مؤقتة أو طويلة الأجل”.
أسوأ ما في أجندة اليمين المتطرف..
وأدانت حركة (الجهاد الإسلامي)؛ بأشد العبارات تصريحات “ترمب” الأخيرة، ودعت الحركة في بيان كل الدول إلى رفض ما وصفته: بـ”خطة ترمب”، مشيرة بشكلٍ خاص في هذا الشأن إلى الحكومتين المصرية والأردنية. وقالت إن: “الشعب الفلسطيني بصّموده ومقاومته، سيُفشل هذا المخطط كما أفشل مخططات سابقة كثيرة”.
ومضى البيان بالقول إن: “تصريحات ترمب المدَّانة والمستَّهجنة، تتسّق مع أسوأ ما في أجندة اليمين الصهيوني المتطرف، واستمرار لسياسة التنكر لوجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه.. كما أنها تندرج في إطار التشجيع على مواصلة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لإجبار شعبنا على الرحيل عن أرضه”، وفقًا للحركة.
تسليم “إسرائيل” قنابل ثقيلة..
وفي وقتٍ سابق من اليوم؛ أعلن الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، أن: “عددًا كبيرًا من الأشياء” التي طلبتها “إسرائيل” من “الولايات المتحدة”، يجري تسليمها حاليًا، وذلك ردًا على تقارير صحافية أفادت بأن إدارته أفرجت عن شُحنة قنابل يبلغ وزنها: (2000) رطل؛ (907 كلغ).
وكتب “ترمب” على منصته للتواصل الاجتماعي؛ (تروث سوشل): “الكثير من الأشياء التي كانت إسرائيل قد طلبتها ودفعت ثمنها، ولكن لم يُرسلها الرئيس السابق؛ جو بايدن، باتت الآن في طريقها إلى التسليم”.
وكانت إدارة الرئيس الديمقراطي السابق؛ “جو بايدن”، علّقت العام الماضي تسليم “إسرائيل”: (1800) قنبلة تزن (2000 رطل)؛ في الوقت الذي كان الجيش الإسرائيلي يُخطط فيه لشّن هجوم واسع النطاق على “رفح”؛ في جنوب “قطاع غزة”؛ المكان الذي لجأ إليه (1.4) مليون فلسطيني بسبب القصف والحرب.
وكان “بايدن” قد حذّر من أن استخدام هذا النوع من القنابل في مناطق كهذه سيتسبب في: “مأساة إنسانية كبيرة”.
وفي مقال نُشر على موقع (أكسيوس)، كتب الصحافي الإسرائيلي المتخصص في الأمن القومي؛ “باراك رافيد”، أن “ترمب” أمر “وزارة الدفاع” برفع الحظر عن إرسال القنابل التي تزن (2000 رطل) لـ”إسرائيل”.
وهذا النوع من القنابل الكبيرة التي يجري إسقاطها من الجو، دقيق وشديد التدمير، ويُستخدم بشكلٍ عام لإحداث أضرار واسعة النطاق ضد أهداف مثل المنشآت العسكرية ومراكز القيادة والبُنية التحتية.
خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى؛ كثيرًا ما تباهى “ترمب” بأن “إسرائيل”: “لم يكن لديها صديق أفضل منه في البيت الأبيض”، وهو شعور كثيرًا ما كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، الحديث عنه.
تجاوز للخطوط الحمراء..
وأدانت الرئاسة الفلسطينية أي: “مشاريع تهدف لتهجير أبناء شعبها من قطاع غزة، مؤكدة أنها تجاوز للخطوط الحمراء”.
وشدّدت على أن: “الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه ومقدَّساته، ولن يسمح بتكرار نكبات 1948 و1967″، بحسّب وكالة الأنباء الرسمية (وفا).
كما جدّدت: “الرئاسة؛ شكرها لمصر والأردن على مواقفهما الرافضة لمشاريع التهجير، وكذلك للدول الشقيقة والصديقة التي سانّدتها في هذا الموقف”.
وأكدت الرئاسة أن: “الشعب الفلسطيني وقيادته؛ لن يقبلا بأي سياسة تمّس وحدة الأرض الفلسطينية، داعية الرئيس الأميركي؛ ترمب، إلى مواصلة جهوده لدعم تثبيّت وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل للاحتلال الإسرائيلي”.
وأوضحت الرئاسة أن: “فلسطين مستَّعدة لتولي مسؤولياتها في قطاع غزة، ومواصلة السعي لتحقيق السلام، وفق رؤية حل الدولتين”.
وحذرت من تداعيات هذه السياسات الإسرائيلية التي ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار والمسّاس بسيّادة “فلسطين” والدول المجاورة.
وأشارت الرئاسة إلى أن: “الرئيس محمود عباس؛ يُجري اتصالات عاجلة مع قادة الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة بشأن هذا الموضوع”.
رفض أردني..
من جهته؛ أكد وزير الخارجية الأردني؛ “أيمن الصفدي”، الأحد، أن مواقف “الأردن” تجاه “القضية الفلسطينية” ثابتة وواضحة، مشدَّدًا على أن: “تثبيّت الفلسطينيين على أرضهم هو ثوابت أردنية، لم ولن تتغيّر”.
ولم يُعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، بعد على اقتراح “ترمب”، في حين رأى وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف؛ “بتسلئيل سموتريتش”، أنه: “فكرة رائعة”، قائلًا إن الفلسطينيين: “سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى”.
تمسَّك مصري بثوابت “القضية الفلسطينية“..
كما أكدت “وزارة الخارجية” المصرية؛ تمسَّك الدولة المصرية بثوابت ومحدَّدات التسّوية السياسية لـ”القضية الفلسطينية”، مشددةً أنها تظل القضية المحورية بالشرق الأوسط، وأن التأخر في تسّويتها، وفي إنهاء الاحتلال، وعودة الحقوق المسّلوبة للشعب الفلسطيني، هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة.
وأعربت “وزارة الخارجية”، في بيان صحافي مساء الأحد، عن استمرار دعم “مصر” لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وتمسَّكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه، وبمباديء القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
كما شدّدت “مصر” على رفضها لأي مسّاس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها، من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً كان بشكلٍ مؤقت أو طويل الأجل، وبما يُهدد الاستقرار، ويُنذر بمزيد من امتداد الصراع إلي المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
ودعت “مصر” المجتمع الدولي في هذا السيّاق إلى العمل على بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما في ذلك تجسّيد “الدولة الفلسطينية” على كامل تُرابها الوطني، وفي سيّاق وحدة “قطاع غزة والضفة الغربية”، بما في ذلك “القدس الشرقية”، وفقًا لقرارات الشّرعية الدولية، وخطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967.
تستهدف تصفية “القضية الفلسطينية”..
ووصف محللون سياسيون، تحدثوا لـ (24)، الخطة بأنها محاولة لتصفية “القضية الفلسطينية” على حساب دول الجوار، مما يجعلها محكومة بالفشل.
المحلل السياسي؛ “عامر ملحم”، أكد أن “ترمب” ينظر إلى “القضية الفلسطينية” كأنها أزمة عابرة، يُمكن التعامل معها بمقاييس الصفقات السياسية، دون إدراك للتعقيدات التاريخية والإنسانية للقضية.
وأوضح “ملحم” أن أي: “محاولة لفرض تهجيّر قسّري للفلسطينيين هي انتهاك صارخ لحقوقهم”، مشيرًا إلى أن هذه الخطط تهدف لتصفية “القضية الفلسطينية”، عبر حلول مؤقتة أو طويلة الأمد، تتعارض مع القانون الدولي.
وأضاف أن تصريحات “ترمب” الأخيرة؛ تعكس: “مقامرة سياسية مرفوضة”، تستهدف إجبار المنطقة على قبول حلول غير عادلة.
اختبار لـ”صفقة القرن2″..
بدوره؛ أشار المحلل؛ “حسن الخالدي”، إلى أن “الأردن” سبق أن أفشل محاولات مماثلة خلال ولاية “ترمب” الأولى، معتبرًا أن الإدارة الأميركية تسّعى حاليًا إلى اختبار مواقف دول المنطقة تجاه ما وصفه: بـ”صفقة القرن 2″.
وأضاف “الخالدي”؛ أن الترتيبات الجديدة التي ترّوج لها الإدارة الأميركية قد تتضمن حلولًا طويلة الأمد، تهدف لإعادة تشكيل المنطقة سياسيًا وديموغرافيًا.
كما أشار “الخالدي” إلى أن قرار الإدارة الأميركية بوقف المساعدات إلى “الأردن” يأتي كوسيلة ضغط لدفع المملكة لقبول المقترحات، إلا أن “عّمان” ردت برفضٍ قاطع لأي تسّوية تنتقص من حقوق الفلسطينيين، أو تسّعى لتصّفية “القضية الفلسطينية”.
أمر متوقع لكنه سريع !
ومن جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة (القاهرة)؛ الدكتور “طارق فهمي”، إن دعوة “ترمب” لتهجير سكان “غزة” إلى كل من “مصر والأردن”، كان أمرًا متوقعًا، ولكن ليس بهذه السرعة، وبعد أسبوع واحد فقط من توليه منصبه.
موضحًا أن الدولة المصرية ترفض هذه الدعوة؛ وخاصة أن الرئيس المصري؛ “عبدالفتاح السيسي”، أكد في أكثر من مناسبة رفض الجانب المصري لتهجيّر الشعب الفلسطيني كمبدأ عام، لا يمكن تغيّيره، وبالتالي ستكون هناك حالة من التفاوض، خاصة بعد استثناء “مصر وإسرائيل” من قرار تجميّد المساعدات الأميركية.
وأكد أستاذ العلوم السياسية؛ أن فكرة إرسال عدد من الفلسطينيين من “قطاع غزة” إلى “مصر” تحدث فعليًا منذ بدء “حرب غزة”، وهناك الآلاف من الفلسطينيين المتواجدين داخل محافظات “مصر”، ويُقيّمون بها مثل باقي الجنسيات العربية الأخرى، وذلك حتى تتعدل الظروف لعودتهم ضمن إجراءات الإقامة الأجنبية التي تُطبقها الحكومة المصرية، ولكن ليس بشكل توطين دائم.
وانتقد “فهمي”؛ أستاذ العلوم السياسية، تصريحات “ترمب”، التي طالب فيها “مصر والأردن”، باستقبال مزيد من الفلسطينيين من “قطاع غزة”، واصفًا هذه التصريحات بأنها تفتقر إلى الدقة والدراسة، مشيرًا إلى أنها تأتي في سيّاق سلسلة من التصريحات غير المدروسة التي يُطلقها الرئيس الأميركي.
وأوضح “فهمي”، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية؛ “عزة مصطفى”، ببرنامج (الساعة 6) على فضائية (الحياة)، أن هذا التصريح لا يعدو كونه محاولة لجّس النبض وتكرار ما سبق، وأضاف: “أمام كل هذه المخططات، لم يأتِ ترمب بجديد؛ فالقاهرة لديها خطوطها الحمراء التي لا تتهاون فيها”.
وأشار إلى أن الجانب المصري وقف بحزم ضد “صفقة القرن” وغيرها من الملفات الحسّاسة في مسّار العلاقات “المصرية-الأميركية”، مؤكدًا أن تصريحات “ترمب” تعكس عدم تفهمه لطبيعة العلاقات “المصرية-الفلسطينية”.
واختتم “فهمي” حديثه؛ بتأكيد أن “مصر” تتعامل مع هذه التصريحات بقوة وجدية، مشددًا على أن الإدارة الأميركية تُدرك تمامًا أهمية العلاقات مع “مصر” وتعي مع من تتعامل، وأوضح أن “مصر” تُمثل حجر عثرة أمام تصفية “القضية الفلسطينية”، وتظل مواقفها ثابتة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني.
استكمال لخريطة “كوشنير”..
ومن جانبها؛ قالت عضو (المجلس المصري للشؤون الخارجية)؛ الدكتورة “نورهان الشيخ”، إن دعوة “ترمب” لتهجير سكان “غزة” إلى “مصر والأردن” استكمال لمسّار “صفقة القرن”، والخريطة التي تم عرضها من قبل صهر “ترمب”، “غاريد كوشنير”، في عام 2020، وتوضح أن “غزة” يجب السيّطرة عليها بالكامل، وإخلاؤها من الفلسطينيين للقضاء على حركة (حماس).