خاص : ترجمة – حمدي جمال محمد :
وبدأ الزخم الانتخابي داخل الواقع السياسي الإيراني يأخذ تفاعله المعهود من تصارعات وتفاهمات ومهادنات وصفقات بين القوتين الفاعلتين داخل المشهد الإيراني من إصلاحيون وأصوليون، عاقدين الآمال على دور أكثر تأثيرًا في المشهد الكلي عبر الظفر في الانتخابات المقبلة.. فحسب الاتفاق المبرم بين “مجلس صيانة الدستور” و”وزارة الداخلية”، فسوف تُعقد الانتخابات البرلمانية في دورتها الحادية عشر، والانتخابات النصفية لـ”مجلس خبراء القيادة”، بدورته الخامسة، يوم الجمعة الموافق 21 آذار/مارس 2020.
ونظرًا لما تضفيه الظروف الإقليمية والدولية الحالية، من اشتعال الصراع “الإيراني-الأميركي” وتصاعده بشكل شبه يومي وما تعكسه أحداثه من تبعات على دول المنطقة، على تلك الانتخابات الإيرانية المقبلة من أهمية؛ أرتأت (كتابات) رصد إرهاصاتها وتحليل قواها المحركة من داخل المشهد السياسي الإيراني…
تحركات التيارات السياسية الانتخابية..
إزدادت بقوة نشاطات التيارات السياسية بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، في دورتها الحادية عشر، والانتخابات الرئاسية، في دورتها الثالثة عشر، حيث يسعى التياران الإصلاحي والأصولي، من خلال تكثيف الاجتماعات والبرامج المختلفة، إلى تشكيل مجموعة متناغمة للمشاركة في هذه الدورة الانتخابية سواء البرلمانية أو الرئاسية.
ومما يلفت الإنتباه بالبحث في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، الحديث عن مشاركة النواب الإصلاحيون في الانتخابات ودعوة “محمد باقر قاليباف” لتشكيل “برلمان جديد” بمشاركة الشباب. بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية، (إيرنا).
الإعلام الإصلاحي..
عدد من التقارير الحالية المنشورة بتلكم الوسائل؛ عبارة عن: مشاركة الإصلاحيون في أجواء الضعف والركود السياسي بالمجتمع. ولا يمكننا أن نسلم للدولة لجبهة الثبات وسياساتهم الخاطئة. والإصلاحيون على مفترق طرق.
فكرتان مختلفتان تمامًا بشأن مشاركة الإصلاحيون في الانتخابات. إنتفاء مقاطعة الإصلاحيون للانتخابات. يتعين على الإصلاحيين عدم تكرار الخطأ والمطالبة بحصتهم. دعوة الشباب للمشاركة في الانتخابات صحيحة في ذاتها. فقط لأنه شاب لا يعني أنه لا يستطيع أن يكون كفء للبرلمان. مناقشة أحد الأحزاب لمسألة تحمل المسؤولية يجلب ثقة الشعب. بعض الوجوه التي كانت مطروحة بالماضي تحولت على الصعيد العملي إلى أوجه محروقة. للأحزاب دور ضعيف في الانتخابات الرئاسية، وفي الغالب سوف تتنافس الشخصيات الطبيعية.
مشاركة الإصلاحيون في الانتخابات..
في رد فعله على أجواء مشاركة الإصلاحيون في ظل الركود السياسي المجتمعي ومكاسب التيار المناويء، قال “حسين مرعشي”، المتحدث باسم “حزب كوادر البناء”، في حوار إلى وكالة أنباء (إيلنا): “لقد كان المجلس الأعلى للتخطيط السياسي للإصلاحيين محور كل القضايا الانتخابية داخل التيار الإصلاحي، وهذا المجلس هو أيضًا رمز جبهة إصلاحيو إيران الإسلامية، حديثة النشأة، وركنها الأعلى”.
وأضاف: “رغم الأجواء الصعبة لكل السياسيين بشكل عام والإصلاحيين بشكل خاص، لكن هذا لا يعني أن الإصلاحيون غير عابئون بمصير الدولة”.
واختتم بالقول: “لا سبيل للإصلاحيين سوى المشاركة في الانتخابات قدر استطاعتهم، لأنه لا يمكننا تسليم الدولة إلى أعضاء جبهة الثبات وسياساتهم الخاطئة”.
بدوره قال “علي رضا رحیمي”، عضو “كتلة الأمل” في البرلمان العاشر: “استنفذنا نحن الإصلاحيين في البرلمان كل جهدنا حتى نتمكن من ضخ الفكر الإصلاحي في النظام التشريعي والرقابي، وقد صوت الشعب لصالحنا مع الأخذ في الاعتبار لتجارب البرلمانات السابع إلى التاسع غير المرضية، حتى يتسنى لهم رؤية التشريع والرقابة بشكل ملائم”.
وتحت عنوان “الإصلاحيون على مفترق طرق”؛ كتبت صحيفة (آرمان): “لطالما أبدى الإصلاحيون أنفسهم كأنصار للصندوق، إلا في بعض الفترات الزمنية الخاصة، وطلبوا إلى الجماهير الدعم من خلال المشاركة في الانتخابات للحصول على جزء من السلطة التنفيذية والتشريعية. ولم يبدي التيار الإصلاحي رغبة المشاركة في الانتخابات للمرة الأولى مع إنطلاق مارثون انتخابات البرلمان السابع بسبب رفض صلاحية الإصلاحيين من الصف الأول وحادث اعتصام نواب البرلمان السادس، ومن ثم حصلت التيار المنافس، (الأصوليون)، على الأغلبية في البرلمان. وبعد ذلك لم تكن مشاركة الإصلاحيون في الانتخابات البرلمانية قوية، وقد طُرحت فكرة المقاطعة في انتخابات البرلمان التاسع. حينها لم يبدي الإصلاحيون بسبب احتجاجات 2009، رغبة في المنافسة على السلطة التنفيذية، ناهيك عن رفض مجلس صيانة الدستور السماح لهم. بالتالي قاطع التيار الإصلاحي الانتخابات ولم يشارك سوى بعض الشخصيات مثل رئيس حكومة الإصلاح، (محمد خاتمي)”.
وعليه وبالنظر إلى ضعف الإقبال ورؤية النواب المتشددة للقضايا السياسية؛ فقد واجهت الدولة الكثير من المشكلات الإدارية، لاسيما خلال السنة الأولى والثانية من عمر حكومة الرئيس، “حسن روحاني”، وكسب ثقة البرلمان على التشكيل الحكومي. لكن وباقترابنا من الانتخابات البرلمانية الحادية عشر ظهرت فكرتان مختلفتان تمامًا تتعلقان بمشاركة الإصلاحيين في الانتخابات.
“قاليباف” يدعو الشباب للمشاركة في الانتخابات..
علق “حسام الدين آشنا”، مستشار رئيس الجمهورية، على دعوة “قاليباف” للشباب، قائلاً: “يتطلع الكثير من شبابنا الأعزاء، من أصحاب التوجه الإصلاحي الجديد، للحصول على عضوية البرلمان وهذه حقهم. وتكمن المشكلة في إنهيار ثقل القادة، حيث يتعين على الجماهير، (وأكرر)، تلبية دعوتهم والتصويت لصالح هذا الشباب المصطنع”.
والملاحظ أن مستشار الرئيس، “حسن روحاني”، تعمد استخدام كلمتي، “القادة” و”أكرر”. وترتبط كلمة “قائد” بسوابق عمل، “محمد باقر قاليباف”، في القوات الشرطية، وكذلك دوره القيادي طبقًا لما يقول في توجيه شباب الأصوليين الجدد.
من جهة أخرى، فإن استخدام هذه الكلمة إلى جانب كلمة “وأكرر”؛ في جملة واحدة، يعيد إلى الأذهان ذكريات، العام 2005، حين قال قائد التيار الإصلاحي: يمكن ذكره، (قاليباف)، باعتباره قائد للتيار، وطلب إلى الجماهير في رسالة مصورة التصويت بشكل كامل لصالح القائمتين المدعومتين من الإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية ومجلس الخبراء. وقد أكد في الرسالة المصورة: “أكرر إلى جميع أفراد القائمتين”..
في السياق ذاته؛ قال الناشط الأصولي، “حسين كنعاني مقدم”، في حوار إلى صحيفة (المبادرة): “يسعى بعض السياسيين مؤخرًا لإدخال الشباب المعترك الانتخابي، وفي هذا الصدد يسمون المواقع الإلكترونية ويصدرون البيانات ويطلبون إلى الشباب ممن يتطلعون للترشيح إلى التسجيل على هذه المواقع. وهذا الأسلوب صحيح في ذاته، لكن في المقابل فإن كل الشروط المتوفرة حاليًا للترشح في الانتخابات تدور حول ما إذا كان الشاب يمتلك معايير الترشح أو ما إذا كنا نتطلع إلى برلمان كفء ؟.. وعليه فإن مجرد الشباب لا يمكن أن يعتبر معيار على البرلمان الكفء”.
وكتبت صحيفة (دنيا الاقتصاد): الأجواء العامة للعام الحالي تغيرت تمامًا، فسوف يأتي المرشحون للبرلمان ويكشفون ملامح عملية كسر الحجب، وبعدها يشرعون في استخدام أسلوب الفلونسر لجذب المخاطبين، ودليل ذلك السيد “قاليباف”.
فقد كتب الكابتن الدكتور “قاليباف” تغريدة مؤخرًا؛ وقال: “ليأت الشباب الذين يريدون الترشح للبرلمان ويسجلون أسماءهم”. وربما يحدد كخطوة تالية جائزة، ويقول: “كل شخص يترشح ثلاثة من أصدقاءه يشير إليهم وسوف نقدم للفائز في القرعة جهاز (آبل)”.
ومما لا شك فيه أنه قدم في دعوته مجموعة من المميزات. إذ قال الدكتور “قاليباف”: “الشباب الذين يعتزمون الترشح لابد وأنهم يعيشون حياة بسيطة، ولكن كان من الأفضل الإشارة بدقة: فالأشخاص الذين يملكون 3 مليون طومان في حساباتهم المصرفية يخرجون من قائمة الحياة البسيطة. على كل حال، فقد نسينا أن الشعار الرئيس لدعايته الانتخابية أن تكون جميل وأشقر، لذا هو رئيس الجمهورية بالتأكيد. الملاحظة الثانية أن قاليباف أورد في مؤشرات الترشح الحديث عن (الاستقرار السياسي). ونحن نوافقه الرأي. فالشباب الذين يريدون الترشح على قائمة قاليباف يجب أن يكونوا مثله ينعمون بالاستقرار ويترشحون مرة باسم الإصلاحيين وأخرى باسم التكنوقراط وثالثة باسم الأصوليين ورابعة باسم الأصوليين الجديد”.
مساعي لانتخابات حزبية..
بموجب تقرير صحيفة (الشرق)؛ قال “أحمد حكيمي پور”، أمين عام “حزب إرادة الشعب” الإيراني، في ثالث تجمع عام للحزب: “نصر على أن تكون الانتخابات حزبية، بحيث تناقش أركان الحزب أداء النائب وعليه هو أيضًا أن يقدم تقريرًا للحزب بشكل منتظم. إن مناقشات تحمل الحزب المسؤولية وفاعليته يؤدي بالتبعية إلى تقوية الأسس الحزبية في الدولة ويزيد من ثقة الجمهور”.
إقامة انتخابات إلكترونية..
تعليقًا على أخبار إقامة الانتخابات بشكل إلكتروني، قال “جمال عرف”، المساعد السياسي لوزير الداخلية: “أخطرت هيئة الانتخابات مجلس صيانة الدستور باستعدادها لإجراء انتخابات إلكترونية، وهي بانتظار الرد وتوفير الأجهزة التنفيذية مثل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للبنية التحتية المطلوبة”.
وأضاف: “شهدت الدورات الانتخابية السابقة إجراء الانتخابات بشكل إلكتروني في عدد 139 مدينة إيرانية، ومما ساعد على ذلك وجود البنية التحتية اللازمة، ونسعى لإحلال التجربة في عدد أكبر من المدن خلال انتخابات العام الجاري. وقد تقرر بالفعل أن يكون تقديم خدمات تداول المعلومات في 50 – 60 شعبة انتخابية بشكل إلكتروني، مع هذا لم يُتخذ حتى الآن قرار بتحويل كل المراحل في صناديق الإقتراع إلى الشكل الإلكتروني”.
وحول عدد الدوائر الانتخابية، قال: “يبلغ عدد مقاعد التمثيل النيابي، في انتخابات العام الجاري، 290 مقعدًا وسوف يرتفع عدد الدوائر الانتخابية إلى 208 دائرة”.
احتمالات مشاركة مرشح جديد في الانتخابات الرئاسية..
تحدث السياسي الأصولي، “محمد رضا باهنر”، في حوار صحافي إلى موقع (سايت نامه)، عن إحتراق بعض المرشحين واحتمالات ترشح وجوه جديدة، لأن الانتخابات الرئاسية تفوق الانتخابات البرلمانية زخمًا، لاسيما وأن الانتخابات ليست حزبية وسيكون دور الأحزاب في الانتخابات الرئاسية هش وستكون المنافسة أكبر بين الشخصيات الطبيعية.
الإعلام الأصولي..
تطالب شخصيات إصلاحية بإعادة النظر في هذه الحالات، مساعي إصلاحية بائسه للهروب من الهزيمة، بعض الإصلاحيين بصدد تجاوز الحكومة، من الواضح أن الإصلاحيون سوف يواجهون الهزيمة في الانتخابات المقبلة، ونحن نريد تمثيل الشعب في البرلمان القادم، ولا للدلال الذي يحصل على إمتيازات من الوزير.. هي كلها من جملة العبارات المحورية في وسائل الإعلام الأصولية.
مشاركة الإصلاحيين في الانتخابات..
تعرض تقرير صحيفة (خراسان)؛ عن إرتباط وضوح موقف الإصلاحيون بتوقف مشرع تشكيل برلماني الإصلاح، وكذلك الدورات الانتخابية الأخيرة داخل “المجلس الأعلى للتخطيط السياسي”، وسوف تكون “الجبهة الإيرانية للإصلاحيين” محور التيارات والأحزاب الإصلاحية.
في غضون ذلك، انتقدت بعض الوجوه الإصلاحية آلية انتخاب النواب في الدورات الأخيرة وطالبوا بإعادة النظر في هكذا حالات.
دعوة “قاليباف” الشباب للمشاركة في الانتخابات..
وللتعليق على أنباء مشاركة الشباب على الأصعد الإدارية، قال “محسن كوهكن”، عضو لجنة الصناعة والتعدين بالبرلمان الإيراني، في حوار إلى وكالة أنباء (فارس): “الخطط المنظمة واضحة الأطر لمشاركة الشباب محببة، ومن الطبيعي أن تحل المشاركة الشبابية الحماسية الكثير من المشكلات بشكل أفضل.. وأنا أرحب بدعوة الشباب للمشاركة في الانتخابات البرلمانية وإنعدام اللامبالاة، وحتمًا سوف أشجع الشباب على التواجد في البرلمان. من جهة أخرى، يتعين على وسائل الإعلام توضيح المعايير بطريقة واقعية ولفت إنتباه الجماهير لقضايا الشباب، والخبرة والقدرة”.
وأضاف: “الشاب القادر على الإلمام بالمشكلات والحلول يستطيع مناظرة شخص محنك في وجود الجماهير، فيدافع النائب المسن عن أداءه وخبرته في حين يطرح المرشح الشاب حلوله، وفي النهاية يقرر الناس التصويت لأي المرشحين. وأنا أعترض على مسألة أن البرلمان مكان المحنكين وغير مناسب للشباب”.
جهود الحصول على عضوية البرلمان..
أكد حجة الإسلام، “محسن رهامي”، على هامش ثالث اجتماعات “حزب إرادة الشعب” الإيراني: “سأكون نائب الشعب في البرلمان المقبل، وليس هذا الدلال الذي يحصل على إمتيازات من الوزير مقابل عدم استجوابه”.