صعوبات ومعوقات كثيرة .. هل ينقذ “النقد الدولي” سعيد من أزمة تونس المالية ؟

صعوبات ومعوقات كثيرة .. هل ينقذ “النقد الدولي” سعيد من أزمة تونس المالية ؟

وكالات – كتابات :

مرحلة سياسية جديدة تمر بها “تونس”؛ بعد استفتاء 25 تموز/يوليو 2022، واعتماد الدستور الجديد الذي أقره الرئيس؛ “قيس سعيد”، في وقت تواجه البلاد أزمة اقتصادية تحتاج للخروج منها إلى استعادة الدول والمؤسسات المالية الدولية للثقة تجاه الاقتصاد المحلي.

بعد الدستور الجديد.. هل تستعيد تونس ثقة مؤسسات المال الدولية ؟

ينظر محللون أن تغيّرًا واضحًا في مواقف المؤسسات المالية الدولية من الأزمة الاقتصادية التونسية، حيث عبّر مسؤولو “صندوق النقد الدولي” عن تقدّم “جيّد” للمفاوضات مع الجانب التونسي بشأن اتفاق حول قرض جديد.

وقالت وكالة (فيتش) للتصنيف الائتماني، في أحدث بيان لها، إن “تونس” ما زالت تحظى بالدعم الدولي بعد التصويت بالموافقة على مشروع الدستور المُثير للجدل.

وتوقعت أن تتوصل “تونس” إلى اتفاق مع “صندوق النقد الدولي”؛ في النصف الثاني 2022، دون الحصول على دعم “الاتحاد العام التونسي للشغل”؛ نظرًا لأن الدستور يوفر أساسًا أقوى لتحرك تشريعي.

لكن ثقة المؤسسات المالية والمانحين لن تكون كافية لاستئناف نمو قطاعات الاقتصاد المحلي، إذ لا يزال يتعين على الحكومة التونسية حل أزماتها مع النقابات المحلية كأولوية، كما يقول تقرير لوكالة (الأناضول) التركية.

إجراءات اقتصادية قاسية تنتظر التونسيين بسبب برامج “النقد الدولي”..

ويرى “رضا الشكندالي”، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، أن: “الضامن الوحيد لاستمرارية برنامج صندوق النقد الدولي مع الحكومة؛ هو رئيس الجمهورية”، حسب تعبيره.

قائلاً إنه: “حتى وإن شاركت الأحزاب السياسية في الانتخابات التشريعية وفازت، فلن يكون لها أي دور في تحديد اسم الوزير الأول والحكومة”، مشيرًا إلى أن: “صندوق النقد؛ طلب من رئيس الجمهورية الإطلاع على مسودة الدستور الجديد، قبل عرضه على الاستفتاء، وتم الاتفاق أنه في حالة الموافقة على الدستور عبر الاستفتاء فإنه سوف يمضي على الاتفاق”.

ويترقب التونسيون إجراءات، قد تكون قاسية، على شكل برامج إصلاح اقتصادي تم التوافق عليها بين الدولة و”صندوق النقد”، تُمهد للموافقة على قرض مالي.

وقال الخبير الاقتصادي: “من المتوقع أن يمضي الصندوق على مبلغ: 02 مليار دولار؛ وليس: 04 مليارات، وهو ما يعني: 06 مليارات دينار ستدخل لخزينة الدولة”.

وحسب “وزارة المالية”، يُقدر حجم الدين العام: بـ 107.6 مليار دينار؛ (34.1 مليار دولار)، في نهاية آيار/مايو 2022، أي: 79.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل: 98.3 مليار دينار؛ (31.2 مليار دولار)، بنهاية آيار/مايو 2021.

ويتوقع أن يصل الدين العام إلى: 114.1 مليار دينار؛ (36.2 مليار دولار)، في نهاية العام 2022، أي: 82.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن “الشكندالي” اعتبر أن توقيع اتفاق مع “صندوق النقد الدولي”: “سيفتح الباب أمام المؤسسات الدولية الأخرى كالبنك الإفريقي للتنمية، وبنك الإنشاء والتعمير الأوروبي للحصول على تمويلات”.

وتحتاج “تونس” قروضًا خارجية بمقدار: 12.6 مليار دينار؛ (04 مليارات دولار)، لتمويل عجز ميزانية 2022، مقارنة: بـ 12.1 مليار دينار؛ (3.84 مليارات دولار)، في قانون المالية التكميلي لعام 2021.

وقال: “مع فرضية حدوث انتخابات رئاسية مبكرة وعدم نجاح الرئيس الحالي؛ قيس سعيّد، فإن الضامن الوحيد لاستمرارية برنامج صندوق النقد سيضمحل وقد يأتي حزب آخر قد يُغيّر حتى في نص الدستور”.

الاتفاق مع “النقد الدولي” لن يحل مشكلة الاقتصاد التونسي..

من جهته؛ أكد “عبدالجليل البدوي”، الخبير الاقتصادي، أن هناك تغيرًا كبيرًا في مواقف المؤسسات المالية الدولية تجاه “تونس”؛ وذلك لأسباب عديدة، أبرزها: “الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار في المنطقة”.

وقال “البدوي”: “عدم الاستقرار لهذه البلاد يعني انتخابات جديدة، والوضع الآن لا يحتمل، باعتبارها موقعًا جيوستراتيجيًا هامًا؛ (يحد دول الجوار: ليبيا، والجزائر).

وأكد: “الموقع الإستراتيجي أصبح أكثر أهمية من قبل مع الأزمة الطاقية الحالية”؛ إذ تقع بالقرب من شريان الغاز الجزائري نحو “أوروبا”، وبجانب “ليبيا” التي استعادت إنتاج النفط لمستوياتها الطبيعية؛ (1.3 مليون برميل يوميًا).

ومن الأسباب الأخرى: “الظروف الاستثنائية الأخيرة؛ (كورونا، والحرب “الروسية-الأوكرانية”)، وهو ما عمّق الاختلالات العمومية في تونس باعتبار جزء كبير منها ناتجًا عن عناصر خارجية”، بحسب “البدوي”.

وأردف الخبير: “إذا تواصل عدم الاستقرار في تونس، فإن في ذلك تهديدًا لمصالح هذه المؤسسات وأيضًا سيفتح عليهم أفواجًا من الهجرة السرية ويزيد من مشاكل أوروبا”.

وزاد: “الاتفاق مع الصندوق لن يحل المشكلة المالية، ولكنه سيُسّهل الدخول في السوق المالية العالمية، التي بدورها تُعاني من نقص شديد في السيولة، بسبب تبعات (كورونا) والحرب (الروسية-الأوكرانية) وارتفاع التضخم”.

شروط “صندوق النقد الدولي”..

تشمل شروط “صندوق النقد الدولي”؛ لمنح “تونس” قرضًا: بـ 04 مليارات دولار، تنفيذ الحكومة لما يُعرف في “تونس” بالإصلاحات الموجعة؛ بتجميد كتلة أجور موظفي الدولة وأعوانها، وإيقاف الانتدابات والتخفيض في جرايات التقاعد.

أيضًا يُطالب “صندوق النقد الدولي”؛ “تونس”، بإصلاح الصناديق الاجتماعية المُفلسة، والتفويت في المؤسسات المملوكة من طرف الدولة، والرفع التدريجي للدعم على المواد الأساسية.

وقال “قيس سعيّد” في وقت سابق إنه من الضروري القيام: “بإصلاحات مؤلمة” لتجاوز الأزمة، كما أن الحكومة التونسية؛ كذلك تُناقش مراجعة دعم المواد الأساسية التي تُثقل كاهل الموازنة العامة.

وبلغت الموازنة، وفق وزيرة المالية التونسية حوالي: 1,3 مليار دولار في خلال العام الجاري؛ مقابل: 3,2 مليار دولار العام الماضي، فيما قدّرت الوزيرة أن تبلغ: 1,5 مليار دولار؛ في 2023، بسبب الحرب “الروسية-الأوكرانية” وارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية كالقمح.

وخفّضت وكالة (فيتش) الدولية، في آذار/مارس الماضي، تصنيف “تونس” السيادي من: (ب سلبي) إلى: (س س س)، وقالت إنه يعكس مخاطر السيولة المالية والخارجية المتزايدة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة