خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
يشهد “العراق” مجددًا مشاهد من الاضطرابات والمصادمات المقلقة، ويعتقد الكثيرون أن هذه الاضطرابات إنما تهدف للتأثير على انتخابات تشرين أول/أكتوبر المقبل، في المقابل يعتقد، “محمد صالح صدقيان”، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والعراق، وقوف مثلث: “بن سلمان” و”أميركا” و”الكيان الصهيوني”؛ وراء هذه الاضطرابات.
ومن جملة الأخبار الصغيرة والكبيرة عن “العراق”؛ يمكن الإشارة إلى: مسعى “مقتدى الصدر”، للاستبداد بالانتخابات المقبلة، ومسعى “الكاظمي”؛ لإجراء انتخابات نزيهة وترك سيرة ذاتية قوية من أجل مستقبله السياسي، واندلاع الاضطرابات في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، وكذلك “بغداد”، وإلقاء القبض على أحد قيادات (الحشد الشعبي) لأسباب غير مقبولة وغيرها.
وقد أجرت صحيفة (آفتاب يزد) الإيرانية؛ الحوار التالي مع: “محمد صالح صدقيان”، للإجابة على بعض الأسئلة…
“الصدر” والإشارات الانتخابية..
“آفتاب يزد” : هل تزداد تدريجيًا قوة فرضية مشاركة، “مقتدى الصدر”، في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فالأخبار المنشورة عن “العراق” توحي بإشارات “الصدر” إلى “الولايات المتحدة”. ولعل موافقة “الصدر” تكون محددة في اختيار رئيس الوزراء المقبل، إلى أي مدى توافق على هذه الفرضية ؟
“صالح صدقيان” : الأوضاع في “العراق” حاليًا بالغة الحساسية، ويمكن مناقشتها من أوجه متعددة.
والقضية الأولى هي انتخابات تشرين أول/أكتوبر المقبلة.
والقضية الثانية تتعلق بالتغييرات الإقليمية؛ وتأثير الحرب الأخيرة بين “قطاع غزة” و”الكيان الصهيوني” على “العراق”.
القضية الثالثة هي “الولايات المتحدة الأميركية”، بالنظر إلى أهمية هذه القضية بالنسبة للمستقبل العراقي. من ثم فقد أصدرت السفارة الأميركية وإدارة الأمن القومي الأميركي بيانًا بخصوص أحداث الأسبوع الماضي؛ ويعبر عن استمرار الدعم والتأييد الأميركي، للسيد “مصطفى الكاظمي”.
وعليه فالموقف الأميركي؛ بالغ الأهمية سواءً فيما يخص الأوضاع في “العراق”، وحكومة “الكاظمي”؛ أو فيما يخص الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة.
القضية الرابعة؛ وترتبط بالحالة الداخلية. حيث يتطلع كل طرف في “العراق” حاليًا لتشكيل الحكومة. والسيد “مقتدى الصدر”، كان قد أعلن، قبل أربعة أشهر، أنه سيحدد الحكومة المقبلة وسيكون رئيس الوزراء من (التيار الصدري)، لكنه تراجع حاليًا.
والأجواء العراقية مأزومة ومتعددة الأطراف. والمشكلات العراقية الداخلية؛ وأعني الخدمات والرفاهية والاقتصاد وغيرها بالغة التعقيد؛ وأستبعد أن يتمكن السيد “مقتدى الصدر”، من السيطرة على الأوضاع. لأن شخصيات تيار “الصدر” لا تمتع بالقوة الإدارية، وتقتصر قوتها على الشارع فقط؛ وحتى الآن رأينا كيف لا يستطيع “الصدر” العمل مع الآخرين، ولم يدخل في أي تحالفات خلال الثمانية عشر عامًا الماضية.
واشنطن لن تستفيد من “الكاظمي” ولا من”الصدر”..
“آفتاب يزد” : سياسة “بايدن” لا تتوافق وتفكير “مقتدى الصدر” !!
“صالح صدقيان” : من القضايا المهمة الأخرى، اختلاف أميركا “بايدن” عن أميركا “ترامب”. وكذلك يختلف “توني بلينكن”، وزير الخارجية، ورئيس وكالة المخابرات المركزية، ومستشار الأمن القومي الأميركي عن، “بولتون” و”بومبيو”.
إدارة “ترامب” كانت تسعى لإشعال نيران الحرب والاضطرابات في المنطقة، لكن في الإدارة الجديدة يرأس، على سبيل المثال؛ وكالة الاستخبارات؛ عقل مفكر شغل بعد الخروج من “وزارة الخارجية” منصب رئيس مؤسسة بحثية.
والأمر كذلك بالنسبة لكل أعضاء الإدارة الأميركية الحالية. والحقيقة أن سياسة “بايدن” لا تتوافق وتفكير “مقتدى الصدر”؛ واستبعد أن يقبل “بلينكن” و”ساليوان”، شخصية كـ”الصدر”، بل لا يمكنهم بالأساس التعامل مع هكذا شخصية. فهم يبحثون عن شخصية تستطيع الحديث، منظّر، وأفقه السياسي المستقبلي واضح.
وأتصور أنه لا حكومة السيد “الكاظمي”؛ تفيد “أميركا” ولا حكومة السيد “الصدر”، وأعتقد أنه سيتم تغيير كلا الشخصين بعد الانتخابات، وأقول إن الانتخابات سوف تجري في موعدها؛ لأن الإدارة الأميركية الحالية تريد تغيير وضع “العراق”.
المنطقة متجاذبة بين تياران متناقضان..
“آفتاب يزد” : هل تعتقد أن سياسات التفرقة الأميركية في شمال ووسط “العراق”، وسياسة نشر الاضطرابات البريطانية جنوب “العراق”، قد تُثير توتر الأجواء السياسية العراقية ؟
“صالح صدقيان” : في “العراق” حاليًا تياران؛ وكلاهما يؤثر على أداء رئيس الوزراء العراقي، الأول: متأثر بتيار “ترامب”؛ ويتفق مع تصريحات “بومبيو”، بخصوص قطع الأيد الإيرانية من “العراق”.
وهذا التيار يضغط على الإدارة الأميركية الحالية للاستمرار في هذا المسار. وحاليًا تقود “السعودية” و”إسرائيل”، هذه الضغوط.
الثاني: يريد استقرار “العراق” والتعاون مع “أميركا” و”إيران” وكل دول المنطقة. وأعتقد أن التيار الثاني يخوض حربًا ضد التيار الأول؛ بخصوص إجراء الانتخابات في موعدها.
وعلينا انتظار إجراء الانتخابات حتى يمكننا الحديث عن القضايا الإقليمية وفوق الإقليمية. ومسألة “الاتفاق النووي” مع “إيران”؛ مهمة جدًا بالنسبة للسيد “بايدن”، وهو يعتقد في قدرة “أميركا” على حل الكثير من المشكلات بالوقوف مع “إيران”، باعتبارها المدخل لحل مشكلات المنطقة.
والسيد “بايدن” يعرف جيدًا أهمية الدور الإيراني في تهدئة المنطقة، وهو يريد عودة الهدوء النسبي إلى تلكم المنطقة، لأنه يريد الاهتمام بقضايا أكثر إلحاحًا، كـ”الصين”، وهو ما يؤيده الانسحاب الأميركي من “سوريا” و”أفغانستان”.