أبرز الصحافي الامريكي مات برادلي – في مقال له بجريدة وول ستريت جورنال – المساعي السنية في العراق لإعادة إحياء النفوذ السياسي للطائفة السنية العراقية عبر صناديق الاقتراع بعد ثماني سنوات مما يصفونه بالحكم الاستبدادي والعنصري لرئيس الوزراء العراقي نورى المالكي, مشيرًا في هذا الصدد إلى أن رجل الأعمال العراقي ذو الخلفية السنية، خميس الخنجر، كان قد أوفد من جانبه العديد من المرشحين على قائمة ائتلاف الكرامة خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت الأربعاء الماضي في محاولة منه لمنع الحركات السنية المناهضة للحكومة والتي يقودها بعض الإسلاميين المتشددين من الانجرار إلى العنف.
ونقل برادلي أيضًا تصريحات الخنجر التي أكد من خلالها على أن استمرار المالكي في السلطة يعني المزيد من العنف والتوتر، الأمر الذي سيكون مخيبًا للآمال, كما أنه وبعد سنوات من الظلم لم يكن أمام السنة من خيار سوى الاحتجاج أو حمل السلاح ضد الحكومة.
وأضاف الخنجر – الذي تحدث لحشد من شيوخ العشائر من مدينة أربيل – أن الائتلاف السياسي الجديد يسعى خلال السباق الانتخابي الأخير نحو استعادة الكرامة للأقلية العربية السنية التي تمثل خُمس التعداد السكاني في العراق.
ونوه برادلي إلى أنه قد يكون من المبكر الحكم على النجاحات التي من الممكن تحقيقها لقائمة المرشحين المدعومين من قبل الخنجر خاصة وأن النتائج النهائية لانتخابات الأربعاء لن يتم الكشف عنها إلا بعد عدة أسابيع، كما أن الصورة النهائية للحكومة الجديدة لن تكتمل إلا بعد إنجاز المواءمات والمساومات السياسية بين أطراف العملية الانتخابية في العراق.
ورغم المقاومة التي أبداها الطرف السني لحكم المالكي, إلا أن القيادة السنية ظلت ضعيفة ومنقسمة على نفسها، حسبما يرى كيرك سويل، محلل المخاطر السياسية، والذي يقوم بنشر مجلة السياسة العراقية التي تصدر شهريًّا، وتتخذ من الأردن مقرًّا لها.
وبحسب برادلي, يأمل الخنجر ومجموعته الجديدة – وأمام هذا الانقسام – في تلبية الطموحات السياسية للمحتجين السنة المناهضين لسياسات الحكومة، والذين قاموا من جانبهم – وبتمويل من الخنجر – بنصب العديد من الخيام في أرجاء محافظة الأنبار والعديد من المناطق الغربية في العراق التي شهدت سيطرة السنة العرب خلال سنوات عدة، لممارسة المزيد من الضغوط لدفع الحكومة نحو الاستجابة لمطالبهم التي تتمثل في التراجع عن سياسات مكافحة الإرهاب التي تستهدف السنة في الأساس بطريقة غير عادلة، والتي أسفرت عن اعتقال عشرات الآلاف من السنة استنادًا إلى أسباب قانونية مشكوك في صحتها حسبما يقولون, بالإضافة إلى الحصول على نسبة تمثيل أكثر وضوحًا للسنة في الحكومة.
وأشار برادلي إلى أن التحركات السياسية للخنجر إنما تعكس التحول الذي شهدته الهوية السياسية للسنة في العراق، في إشارة إلى الدعم المالي الذي كان الخنجر قد قدمه منذ سنوات قليلة لقائمة ائتلاف العراقية السنية بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، ذو الخلفية الشيعية، غير أن أعمال العنف المتصاعدة أفضت بدورها إلي انهيار التحالف الذي تلاشى أمام موجات العنف المتنامية.
ووفقًا لبرادلي؛ يعكف الخنجر في الوقت الراهن وبالتعاون مع مجموعة من الشخصيات القبلية في الأنبار وعدد من رجال الأعمال السنة على إنشاء ما يسمى بـ “مشروع السنة الجديد”؛ الذي يهدف إلى الدفع “بالرجال الأقوياء” الذين سيمثلون الطائفة السنية – حسبما يقول الخنجر – الذي عرض صورة لأحمد العلواني، أحد نواب البرلمان السنة السابقين والذي أثار اعتقاله في شهر ديسمبر الماضي العديد من موجات الغضب العنيفة ضد حكومة المالكي.
وبحسب برادلي, أبدى الخنجر تفاؤله حيال نسب المشاركة الأولية التي كشفت عنها تقارير اللجنة العليا للانتخابات العراقية، والتي تحدثت عن نسبة مشاركة لا تقل عن خمسين بالمائة في ظل التكهنات التي تحدثت عن مشاركة أقل نظرًا لأعمال العنف التي شهدها الإقليم ذو الأغلبية السنية مقارنة بنسبة مشاركة عامة بلغت ستين بالمائة، ما يشي بوجوب إعادة النظر في الظروف الأمنية للبلاد، وفقًا لما يراه أحمد علي، الباحث في معهد دراسات الحرب الأمريكي، الذي أكد أيضًا على أنه يمكن النظر إلى المشاركة السياسية الحقيقة للسنة والتي عكستها نسب التصويت باعتبارها تصويتًا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق (ISIS) الذي يسعى نحو دفع السنة في العراق لانتهاج العنف كبديل عن السياسة لتحقيق أهدافهم.
وعلى النقيض من الخنجر؛ عبر العديد من سكان إقليم الأنبار عن خيبة أملهم إزاء المشهد السياسي والعملية الانتخابية في ظل توقعاتهم بتزوير النتائج النهائية لصالح المرشحين السنة الموالين للمالكي, محذرين في الوقت ذاته من مغبة استمرار المالكي لولاية ثالثة وما قد يصاحبه من حرب طائفية قد تفضي بالعراق إلى الدمار.