خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بعد 20 عامًا ذاب جليد المفاوضات التنفيذية بين الجمهوريتين الإيرانية والعراقية؛ بخصوص بناء سكة حديد (شلمجة-البصرة).
وفي لقاءه الأخير مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء العراقيين، وقع “رستم قاسمي”؛ وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، اتفاق تنفيذ بناء خط سك حديد، بداية الشهر المقبل. بحسب “حميد فرحي”؛ في صحيفة (وطن آمروز) الإيرانية الأصولية.
طريق ذا تاريخ..
ويبدأ خط السكة الحديد الإيراني من “طهران”؛ ويستمر حتى (عبادان) جنوبًا ثم يمتد حتى “المحمرة” و(شلمجة)، على أن ينطلق الخط العراقي من “البصرة” وصولًا إلى “بغداد” مرورًا بـ”الفلوجة”؛ وانتهاءً بـ”الجمهورية السورية”.
ويمتلك “العراق” الكثير من خطوط السكة الحديد المؤهلة، وفي حال وصل هذا الخط، الذي يمتد على مسافة: 32 كيلومتر؛ بين “البصرة” و”بغداد”، فسوف يُمثل تطورًا كبيرًا للجانبين الإيراني والعراقي.
وقد شهد العام 1916م؛ بناء خط سكة حديد (البصرة-الناصرية)؛ بطول: 125 ميل. وفي أعقاب ذلك كان الربط بين “بغداد” و”البصرة”، وتفعيل هذا الخط بداية من العام 1920م بهدف تمرير البضائع ونقلها. وربما حين فكر البريطانيون في مد خطوط السكة الحديد الإيرانية من “طهران” باتجاه “عبادان” واستكمال خطوط السكة الحديد العراقية؛ حتى “الهند”، حتى يكون بمقدورهم الاستيلاء بسهولة على نفط الخليج و”إيران”، وإمكانية نقل السلع والأسلحة إلى “الهند”.
مشروع “دول المقاومة”..
واليوم يُستكمل المشروع بأيادي “دول المقاومة”؛ حتى تتمكن “إيران” من الوصول إلى “البصرة” ثم “بغداد” عبر “شلمجه”. ويملك “العراق” عدد من خطوط السكة الحديد، الأول: خط (بغداد-البصرة)؛ بطول: 545 كيلومتر، وهو خط مطابق للمعايير ويمتد حتى “الشكال” عبر “دجلة”، ويمتد كذلك من “الموصل” باتجاه الشمال الغربي، ويبُعد عن منطقة “ربيعة” الحدودية؛ بحوالي: 116 كيلومتر وصولًا إلى “سوريا” ومنها إلى “تركيا” و”أوروبا”؛ والمعروف باسم: “طريق سكة حديد الشرق السريع”. وسوف يصل هذا الخط بين “شلمجه” و”البصرة”، بحيث يصل “دول المقاومة”، أي “إيران” و”العراق”؛ بدول “أوروبا” عبر “تركيا”، وبذلك التخلص من المشكلات الأمنية في مضيق “هرمز” بسبب تواجد القوات الأميركية.
المسار التالي في “العراق”؛ هو مسار: (بغداد-القائم)؛ وسوف ينتهي في “البوكمال” السورية. وهذا الخط حديث النشأة في شمال “بغداد” يمتد حتى منطقة الحدود “القائم”، مع “سوريا”، مرورًا بـ”الفلوجة” و”الرمادي”. وهناك خط فرعي يصل “القائم” بمنطقة صناعة الفوسفات، “عكاشات”؛ بطول: 144 كيلومتر.
ويبلغ مجموع طول هذا الخط حوالي: 375 كيلومتر. وهذا الخط يربط “العراق” بالموانيء العربية على ضفاف “البحر الأبيض المتوسط” في دول “سوريا” و”لبنان”.
يخدم “دول المقاومة”..
ولذلك الخط مسارين داخل “سوريا”، الأول: يعبر “البوكمال”؛ ويدخل “حلب وإدلب واللاذقية” عبر “الميادين”. والملاحظة الأساسية على هذا الخط هي أنه يربط “إيران” و”العراق”، بـ”البحر الأبيض المتوسط”؛ ويُمثل من المنظور السياسي والاقتصادي والعسكري انتصارًا كبيرًا وإستراتيجيًا لـ”الجمهورية الإيرانية” و”دول المقاومة”، حيث يمكن السفر ونقل السلع من “إيران” باتجاه “سوريا” بسهولة وأمان.
الثاني: خط فرعي يخرج من منطقة “الميادين”؛ باتجاه “حمص ودمشق”؛ وسوف يدخل “لبنان” ويمتد حتى “الخليل”، في “فلسطين” المحتلة. وقد عارض هذه الخطوط بعض الأطراف، في المقدمة: “الولايات المتحدة”، التي لم تسمح خلال العشرين عامًا الماضية بتمرير هذه الاتفاقية، وأرادت باستقرار قواتها العسكرية في منطقة (النتف) إفشال هذه المشروع، لكن “إيران” نجحت في الوصول إلى “دمشق” عبر خط سكة حديد “القائم”.
كذلك يُعارض الإرهابين المأجورين من المحور “الغربي-العربي”؛ هذا المشروع؛ خوفًا من أن يتسبب مسار اتصال “الميادين”، بـ”حلب وإدلب واللاذقية”؛ في المشكلات.
بدورها تُعارض فصائل المعارضة السورية هذا المشروع؛ لأنه يُزيد وفق إعتقاداتهم من النفوذ الإيراني ويساعد “طهران” على توفير الدعم اللازم للقوات في “العراق” و”سوريا”.
بشكل عام يُعتبر مشروع السكة الحديد الذي يربط “إيران” بدول: “سوريا ولبنان”؛ أحد أهم الإنجازات خلال العقود الأخيرة؛ والذي يربط “إيران” بسهولة بحلفائها في “البحر الأبيض المتوسط”.
وهناك اتفاقية تتيح لـ”الجمهورية الإيرانية” الحصول على معادن: “الفوسفات والكبريت السوري”، ومن ثم سيكون النقل أسهل والتكلفة أقل ويُمثل إنجازًا اقتصاديًا للدول الثلاث: (إيران، والعراق، وسوريا). وهكذا يمكن تسمية هذا الوصل: بـ”خط قطار المقاومة الكبير”.