خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تحرص كل دولة على توفير الأمن بأي وسيلة، ويبدو أن “الإمارات العربية المتحدة” كانت قد سعت، خلال العامين الماضيين؛ إلى رفع مستوى معدلاتها الأمنية عن طريق زيادة حجم الاستثمارات الخارجية في بعض دول الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.
ووفق تقرير وكالة أنباء (رويترز)؛ تحولت “الإمارات”، قبل 10 سنوات؛ إلى عاصمة للاستثمار في الشرق الأوسط، ودخلت مؤخرًا ميدان المنافسة مع “المملكة العربية السعودية”.
وهذه المنافسات، سواءً على المستوى الإستراتيجي داخل النطاق الإقليمي، أو المجالات التجارية والاستثمارية. ومؤخرًا وفي إطار تدعيم مكانتها بالمنطقة، وقعت “أبوظبي” اتفاقية “تجارية-استثمارية” مع دول؛ مثل: “كوريا الجنوبية، وأندونيسيا، وكينيا، وأثيوبيا، وتركيا”.
وبحسب تقرير خبري كتبه “آرمين منتظري”؛ في صحيفة (اعتماد) الإصلاحية الإيرانية؛ في هذا الإطار تجاهلت “الإمارات” العداء مع بعض هذه الدول. على سبيل المثال، اندلعت الخلافات بين: “الإمارات” و”تركيا”، خلال السنوات الأخيرة؛ على خلفية الدعم التركي لجماعة “الإخوان المسلمين”.
وعليه يبدو أننا نشهد إنعطافة في السياسات الخارجية الإماراتية، حيث انسحبت “الإمارات” من الصراعات الإقليمية في: “اليمن” و”ليبيا” تدريجيًا؛ وتسعى إلى تبديل أعداءها القدامى إلى أصدقاء.
كانت “الإمارات” قد اتبعت سياسات خارجية هجومية، منذ العام 2011م، وبالتوزاي مع انتفاضات “الربيع العربي”، وحاليًا يبدو انحسار هذه السياسات الهجومية لقاء سياسات خارجية تفاعلية. إلا أن التحركات الإماراتية الأخيرة في الحوزة العراقية، والسورية، والتطبيع مع “الكيان الصهيوني”؛ قد تؤثر بعمق على التطورات الإقليمية.
استثمار المليارات في العراق..
ويرصد التقرير الإيراني؛ تمكنت الحكومة العراقية مؤخرًا من توقيع اتفاق تعاون مع شركة “المصدر” الإماراتية؛ ينص على موافقة “أبوظبي” على استثمار مبلغ: 03 مليار دولار في بناء 05 محطات لإنتاج الكهرباء الشمسية.
ويهدف الاتفاق إلى خفض اعتماد “العراق” على الطاقة الحفرية، وكذلك واردات الكهرباء من “إيران”. وتعتبر “طهران” المورد الرئيس للكهرباء العراقية. لكن وبعد انسحاب “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي”؛ وتجديد العقوبات على “إيران”، واجهت صادرات الكهرباء الإيرانية، إلى “العراق”، وتحويل المال من “بغداد” مشكلة كبيرة، إلا أن “واشنطن” وافقت على استثناء واردات الكهرباء الإيرانية إلى “العراق”، من العقوبات، على أن يتم تجديد الاستثناء كل: 90 أو 120 يومًا بالعادة.
وأصدرت التوصيات إلى “العراق” للبحث عن بدائل أخرى؛ حتى لا تتعرض إلى مشكلة في تأمين احتياجاتها من الكهرباء والغاز. من ثم يبدو أن الاتفاقية العراقية مع “الإمارات” تُعتبر أحد الحلول للخروج من دائرة الاعتماد على “إيران”.
في المقابل – يواصل “آرمين” – لا تتورع “الإمارات” و”السعودية” عن استغلال أي فرصة للحد من النفوذ الإيراني في “العراق”. ويبدو أن التحرك باتجاه تنمية الطاقة المتجددة في “العراق”؛ هو جزء من الإستراتيجية الإماراتية للتمكن من قلب وذهن العراقيين.
الإمارات شريك تجاري للحكومة السورية..
ويوضح التقرير الإيراني؛ رغم كل مساعي “أبوظبي”، في الفترة: (2012 – 2016م)، للإطاحة بنظام “بشار الأسد”، إلا أنها تعتبر شريك تجاري هام للدولة السورية.
وفي العام 2020م؛ أجرت “سوريا” و”الإمارات” مباحثات على هامش معرض (أكسبو دبي)؛ واتفق الطرفان على تدعيم علاقاتهما الاقتصادية.
ومؤخرًا اتفق “سامر الخليل”، وزير التجارة الخارجية السوري؛ ونظيره الإماراتي، لإحياء “مجلس التجاري الإماراتي-السوري” مجددًا.
يأتي إبرام كل هذه الصفقات؛ بينما تقع “سوريا” تحت “العقوبات الأميركية”.
لقد كانت “الإمارات العربية المتحدة” أول دولة عربية تستأنف العلاقات مع “سوريا”، عام 2018م، وفتح سفارتها في “دمشق”؛ بعد توقف دام 06 سنوات.
وقبل اندلاع الحرب الأهلية السورية كانت “الإمارات” تحتل المرتبة الثانية؛ من حيث الاستثمار في “سوريا” بمبلغ: 20 مليون دولار.
وتحسن العلاقات الإماراتية مع “سوريا”؛ أحد أسباب صمت “دمشق” على التطبيع الإماراتي مع “الكيان الصهيوني”. وماتزال “الإمارات” تستثمر في إعمار “سوريا”.
تأتي التحركات الإماراتية؛ بينما كانت “إيران” داعم رئيس للنظام السوري، في حين لم تتورع “الإمارات”، خلال سنوات الحرب الأهلية السورية؛ عن القيام بأي شيء من شأنه الإطاحة بالرئيس، “بشار الأسد”.
ويمكن من خلال خطاب “عبدالله بن الحسن”، ملك الأدرن، استنتاج دوافع “الإمارات” بشأن تحسين العلاقات مع “سوريا”، وفيه: “تحسين علاقات الدول العربية مع حكومة، الأسد، يهدف إلى فك الإرتباط بين سوريا وإيران”.
