استغربت صحيفية أميركية إصرار العراق على المضي بتنفيذ أحكام الاعدام رغم الادانة الدولية والأممية الواسعة، ورغم أن تنفيذها لم ينجح بردع “الارهابيين” الذين يستمرون بالقيام بعمليات إجرامية نوعية طالت قسما منها وزارات ودوائر حكومية محصنة، مرجحة ان هدف الاعدامات التي تطبقها الحكومة سياسي وليس قضائيا، وهو ما يميل اليه عدد من السياسيين العراقيين الذي تحدثوا للصحيفة، فيما ذكرت ان موظفا في وزارة العدل أخبر هيومن رايتس بان مجلس الوزراء يسلم أحكام الاعدام مباشرة الى إدارة السجن.
وقالت “ايراشيا ريفيو”، وهي جريدة إلكترونية أميركية، في تقرير كتبه لها أمس الأحد، جيم كوري، صحفي وعضو في الرابطة الوطنية لضباط الشرطة في الولايات المتحدة، إنه “في ظل استمرار الهجمات الارهابية التي يشهدها العراق بشكل يومي تقريبا منذ مغادرة القوات الأميركية، يلحظ زيادة كبيرة في حالات الاعدام بين الارهابيين والمتمردين والمجرمين العاديين، وفقا لتقرير منظمة غير حكومية صدر الخميس الماضي”.
وكان حسن الشمري، وزير العدل، صرح في وقت سابق، بان بغداد ستواصل تنفيذ عقوبات الاعدام، على الرغم من النداءات الدولية واسعة النطاق بشان إيقافها.
ورأت الصحيفة أن “تنفيذ عقوبات الاعدام ولدت مخاوف لدى الأمم المتحدة وبريطانيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي، بالاضافة الى المنظمات الحقوقية كالعفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش”، مشيرة الى أنه ”بحسب المسؤولين في منظمة هيومن رايتس ووتش، فان تزايد أعداد حالات الاعدام، لجأت اليه الحكومة العراقية بعد ان تيقنت أن نظامها القضائي يتهاوى وبحاجة الى اصلاحات جذرية”.
واضافت هيومن رايتس ان “وزير العدل حسن الشمري، أعلن أن الوزراة ستقوم باعدام 150 شخصا في الايام المقبلة، فيما أعدم 50 شخصا في الشهر الماضي”، لافتة الى انها “تحدثت في شهري شباط وآذار، مع عدد من المعتقلين بصورة منفصلة، والذين أكدوا أنه لم يتم النظر في قضاياهم طيلة أشهر”.
وبينت الصحيفة الأميركية أن “هولاء المحتجزين تحدثوا بصورة تفصيلية عن ملفاتهم، بما في ذلك الاعتقال دون أوامر قضائية، والاحتجاز لفترات طويلة دون مثول أمام القضاة، بالاضافة الى استخدام قوات الأمن التعذيب والانتهاك خلال عمليات الاستجواب”.
بدوره، ذكر توماس هانراهن، الخبير في الاستجواب وتقنيات المقابلة ان “ليس هناك ما يثير الدهشة بشأن سرعة اتخاذ المواقف من قبل المنظمات الحقوقية حيال هذه الاجراءات”، موضحا ان “أي شرطي بامكانه ان يخبرك بأن هولاء المعتقلين لجرائم العنف والارهاب، هناك بينهم من تم اعتقاله تعسفا دون وجود أي اتهامات بحقه”.
واستغرب كوري معد التقرير للصحيفة الاميركية من أن “بيانات وزارتي العدل وحقوق النسان في العراق، تشير الى أن هذه الاعدامات تمت بحق (إرهابيين)، ومع ذلك نجح ارهابيون بشن هجوم مخطط ومنظم في 17 آذار الماضي، بسيارت مفخخة، وكان بينهم أشخاص يرتدون الزي الرسمي لضباط الشرطة في وزارة العدل، ما أدى الى مقتل 24 شخصا”.
من جهته، قال جيري لوكان، الذي خدم في العراق كمستشار تدريب للشرطة، إن “الحقيقة هي ان مئات العراقيين يتم استهدافهم بشكل يومي، من قبل الارهابيين، ومناهضي الحكومة، الذين يستخدمون العبوات الناسفة في جميع أنحاء البلاد”.
ولفتت “ايراشيا ريفيو”، الصحيفة الالكترونية الى ان “البيانات التي أصدرتها وزارتا العدل وحقوق الأنسان، بالاضافة الى مؤشرات ارتفاع حالات الاعدام في البلاد، دفعت النشطاء المدنيين وعددا من أعضاء مجلس النواب، الى اعتبارها أداة سياسية بيد الحكومة، لمحاولتها اقناع ناخبيها بانها قادرة على ضرب الارهاب”.
المسؤولون في هيومن رايتس يؤكدون انه “نادرا ما توفر وزارة العدل معلومات حول الاعدامات خلال وقت مبكر، أو هويات المعدومين، او الادلة المقدمة ضدهم في المحكمة”، كاشفين عن أن ”موظفا في وزارة العدل أطلع مندوبي هيومن رايتس، بانه يتم تسليم أوامر الاعدام بحق المحكوم عليهم مباشرة من مكتب رئيس الوزراء الى إدارة السجن”.