كتب – محمد بناية :
العراق من الدول التي يصعب تقسيمها.. لكن اشتدت الآن المساعي الرامية إلى تطبيق “نظام الفيدرالية” في العراق والوصول إلى نموذج يشبه “إقليم كردستان”، ومن ثم الانفصال السياسي والجغرافي وتشكيل “إقليم للسنة” بدءً من العام 2003. من هذا المنطلق قرر “المركز الدولي لدراسات السلام”، وهو مؤسسة بحثية إيرانية غير حكومية وغير ربحية، إجراء حوار مطول وتحليلي مع الكاتب الصحافي الإيراني “حسن هاني زاده”.
أغلب الأطياف السنية شمال وغرب العراق تعمل لصالح السعودية وتقسيم العراق..
المركز الدولي: كم عدد التيارات السنية المختلفة في العراق.. وما هي رؤيتهم لمناقشات تشيكل الإقليم والاستقلال.. وما هي رؤاهم المتباينة ؟
هاني زاده: يوجد في الحقيقة تياران متضادان تماماً داخل سنة العراق، هما السنة في “شمال” و”غرب” العراق.. فهما ينظران نوعاً ما إلى خارج حدود العراق، وتربطهم علاقات قوية مع “السعودية والتيار الوهابي”. ويسعى هذا الطيف الذي يتكون من أهل السنة في “الأنبار والموصل” وأجزاء من شمال العراق إلى استغلال الأجواء الراهنة في خلق سلسة من العراقيل للحكومة، فلا يأبه هذا التيار كثيراً لأن يكون “المالكي” رئيساً للوزراء أو “العبادي”.. لأنه يكره التيار الشيعي بسبب ارتباطه الفكري مع التيار الوهابي، وبالتالي يسعى هذا التيار إلى إفشال الحكومة ولا يميل إلى التعاون معها ويريد تقسيم العراق. وزعيم هذا التيار هو “طارق الهاشمي”، الذي فر إلى المملكة العربية السعودية بعد سلسلة من الجرائم ضد العراقيين. هذا الطيف هو سبب الفجوة بين الشيعة والسنة، والتوجه الطائفي لهذا التيار هو سبب انتشار “داعش” في الموصل والأنبار وصلاح الدين، بل إنهم يفضلون “داعش” عن حكومة العبادي. أما التيارات الأخرى مثل “تيار أثیل النجیفي” فقد كان سبباً في سقوط الموصل. أضف إلى ذلك “عزت إبراهيم الدوري” الذي تتضارب التقارير بشأن وجوده في شمال العراق. وأطياف أهل السنة العراقية غالباً ما تميل إلى حزب البعث السابق ويعملون بطرق متفرقة، وقد باءت جهودهم بالفشل في عهد المالكي، والآن ستبوء جهودهم بالفشل في عهد العبادي.
المركز الدولي: ما هي سائر تيارات طيف أهل السنة ؟
هاني زاده: التيارات الأخرى هي المعتدلة وكلما اقتربنا من “الفرات” نجد الأطياف السنية الأكثر اعتدالاً.. ولعل السبب يعود إلى تقارب أهل السنة مع المكون الشيعي في تلك المناطق. وهذا الأمر دفعهم إلى دمج أنفسهم مع “عراق موحد”. وهم يملون في الحقيقة إلى عراق هادئ ومستقر ودور اكبر في السلطة.
المركز الدولي: ما هي التيارات السياسية التي يتكون منها هذا الطيف ؟
هاني زاده: تيار “حيدر الملا” أحد أبرز الوجوه السنية المعتدلة. وللملا ارتباط وثيق مع الشيعة لا سيما في الجمهورية الإيرانية، ويسعى لأن يكون حلقة وصل بين الشيعة والسنة.
المركز الدولي: بالنظر إلى التطورات الراهنة.. إلى أي مدى يؤثر التراجع العراقي الحال على استقلال أهل السنة ؟
هاني زاده: في الحقيقة كانت التوقعات تشير إلى بقاء “داعش” في شمال العراق لفترة طويلة خاصة في الموصل، لكن يبدو بعد هزيمة “داعش” بسبب العمليات الحالية وسيطرة التنظيم على 10% من شمال غرب الموصل وتطهير 90% من المدينة، أن هزيمة داعش ترك أثراً عميقاً على معنويات أهل السنة العراقية وباتوا مؤمنين بعدم قدرتهم على الانفصال.. أضف إلى ذلك خسارة سنة العراق للدعم الإقليمي. ورغم جهود “السعودية وقطر ودول الخليج” لتحفيز هذا الطيف على الانفصال، لكن الأوضاع الراهنة غير مناسبة.
حرب دعائية ضد الفصائل الشيعية والسنية المعتدلة لصالح التقسيم..
المركز الدولي: ما هي الأسباب التي تتبناها التيارات المطالبة بالاستقلال ؟
هاني زاده: المتشددين من أهل السنة يريدون الانفصال.. واحد الأسباب التي يطرحونها هي أن هدف الشيعة من تطهير الموصول هو قتل السنة. لكن ذكاء القيادات العراقية ساهم في إفشال هذه الدعاية السلبية، لكن وسائل الإعلام السعودية والقطرية تروج إلى مسألة ان الشيعة لا سيما “الحشد الشعبي” يعمل على إبادة أهل السنة بالعراق. لكن هذه الدعاية باءت بالفشل واتضح بما لا يدع مجالاً للشك دور “الحشد الشعبي” والتيارات المؤثرة من الشيعة وأهل السنة بل والمسيحين في تطهير الموصل من الإرهاب.. وبالتالي لعبت وحدة العراق دوراً كبيراً في تحرير الموصل.
المركز الدولي: ما هي المكونات التي يمكن أن ينظر إليها في الترويج لمسألة الاستقلال بين أهل السنة ؟
هاني زاده: مكونات العروبة.. تبنى أهل السنة في شمال وغرب العراق الأفكار الوهابية المناهضة للمكون الشيعي.. وكما أسلفت فأهل السنة يولي جزء من أهل السنة بالعراق وجهه خارج حدود العراق وخاصة صوب “السعودية وقطر والإمارات والكويت”. أما التيار الآخر فيرتبط بالوهابية والمتطرفين من أهل السنة بالسعودية.
المركز الدولي: ما هو دور الأطراف الدولية وأنصار أهل السنة على الساحة الدولية ؟
هاني زاده: يسعى الأمريكيون لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام.. في هذه الأثناء توافق بعض الأطراف الدولية والإقليمية الأخرى على انفصال السنة وإنشاء إقليم سني داخل العراق.