خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
فيما يواجه الاقتصاد الإيراني الكثير من التقلبات وعدم الاستقرار؛ تلعب المفاوضات السياسية؛ (شئنا أم أبينا)، دورًا محددًا في بلورة التوقعات العامة، والسلوكيات الاقتصادية لرجال الأعمال والمواطنين على السواء؛ وحين يركب الفضاء الإعلامي الموجة، يُصبح متغيَّر التوقعات ذا تأثير ملحوظ. بحسّب ما استهل “وحيد أرشدي”؛ عضو الهيئة العلمية بـ”مركز الدراسات الإسلامية” جامعة (الفردوسي)، تحليله المنشور بصحيفة (شهر آرا) الإيرانية.
من جهة أخرى؛ قام العدو بتفعيل “ضغوط الحد الأقصى” وغيرها من التهديدات المختلفة؛ في محاولة لفرض مطالبه، وذلك للتأثير بشكلٍ أكبر على متغيرات التوقعات والتفاؤل بالمفاوضات.
المفاوضات السياسية والمجتمع الإيراني..
والمجتمع يتوقع من المفاوضات تحسَّن الأوضاع، وخفض مستوى التضخم أو زيادة فرص العمل، والتأثير المباشر على عملية صناعة القرارات المالية للأفراد والشركات.
من جهة أخرى؛ تزيد الاضطرابات الاقتصادية مثل تقلبات سوق العُملة، والتضخم، والعقوبات، من المخاوف وتراجع الثقة العمومية في السياسات الاقتصادية. فطالما كانت المفاوضات الدولية؛ لا سيّما فيما يخص القضية النووية أو العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، عاملًا مؤثرًا على الفضاء النفسي للسوق، وتوقعات المواطن.
وأي تقدم أو فشل في المفاوضات؛ يؤثر بشكلٍ مباشر على سعر العُملة، وسوق الاستثمار.
انعكاسها على السوق المحلي..
على سبيل المثال؛ التفاؤل حيال الاتفاقيات الدولية قد يؤدي إلى تراجع سعر الدولار وتهدئة السوق نسبيًا؛ في حين يستتبع فشل المفاوضات أو مضاعفة العقوبات، ارتفاع في الأسعار وإقبال المواطن على السوق الموازي.
وبعد استلام الحكومة الرابعة عشر العمل، باعتبارها رمز الحكومات العاشرة والحادية عشر، تم إدراج موضوع المفاوضات مع “الولايات المتحدة” للتخلص من العقوبات والمشاكل الاقتصادية، على جدول أعمال المسؤولين.
كذلك بذل الفريق الإعلامي لـ”حكومة الوفاق” جهوده لإثبات إرادة الدولة لمفاوضات الحد الأقصى، ولفت انتباه رجال الأعمال لتلك الاستراتيجية. صحيح أن المرشد الأعلى كان قد حظر بشكلٍ صريح المفاوضات المباشر، في فترات مختلفة من هذه الفترة بالنظر إلى مواقف المسؤولين الأميركيين؛ لا سيّما فيما يخض “ضغوط الحد الأقصى”، واعتبر أن الغيرة الوطنية بل والمصالح الوطنية تعتمد على رفض التفاوض، غير أن الأوضاع تطورت لدرجة جعلت الأميركيين يتعرضون للاختبار مرة أخرى، وتم خلق الأرضية للمفاوضات غير المباشرة.
انتظارًا للنتائج..
وسلوك رجال الأعمال والشعب، يدور في فلك نتائج المفاوضات المذكورة؛ لا سيّما وأن القرائن والأخبار تثبت أن الحكومة الثالثة عشر برئاسة المرحوم “إبراهيم رئيسي”؛ كانت قد قبلت بالمفاوضات غير المباشرة، إلا أن سلوكيات وأقوال المسؤولين آنذاك، وكذلك وسائل الإعلام في تلك الفترة، لم تعكس عملية ونتيجة المفاوضات في حياة رجال الأعمال والشعب كما كان الحال مع الحكومتين العاشرة والحادية عشر، وإنما حظيت الإصلاحات الأساسية للهيكل الاقتصادي الإيراني بالمزيد من الاهتمام.
والشعب باعتباره الطرف الرئيس في الاقتصاد، يُنظم تصرفاته على أساس من الأخبار والتحاليل، فإذا تناقصت الثقة في المشرَع الاقتصادي، ينحسر الميل إلى الادخار ويقل الاستثمار المنتج، وفي المقابل، يزداد الاتجاه نحو شراء أصول غير مستقرة مثل العُملات والذهب.
هذه السلوكيات تزيد في ذاتها من التقلبات. وللحد من الاضطرابات، لا يكفي فقط تحسّين المؤشرات العامة، وإنما عبر إدارة توقعات المواطن من خلال الشفافية في المفاوضات وصناعة القرارات الضرورية. يتعين على الحكومات تقديم معلومات دقيقة وواقعية، للحيلولة دون بلورة توقعات تضخمية أو ركودية.
كما يمكن أن يساهم تعزيز المؤسسات الاقتصادية، وزيادة الثقة، في الحد من السلوكيات الانفعالية في السوق وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. أخيرًا، يمكن للمفاوضات الناجحة والمستَّدامة أن تعيد الأمل إلى المجتمع وتمنع تفاقم الأزمات الاقتصادي.