خاص : ترجمة – محمد بناية :
أحيانًا يُقال، في بلادنا، على سبيل السخرية: “أحيانًا يجتمع المدينين الكبار للبنك ويختارون المدير التنفيذي للبنك”. ومما لا شك فيه إن هذه الكناية لم تُصدر من فراغ؛ وإنما عن أسباب.
وحاليًا تمر ثلاث سنوات على قرار الكشف عن المرتبات الضخمة للقيادات التي تحصل على راتب بقيمة ملايين الطومانات، حتى أن مفردات رواتبهم تضم بند تكاليف دراسة أبناءهم وإزجاء أوقات فراغهم.
وبعضهم كان مدراء تنفيذيين بالبنوك، ومن هنا جاء الحديث عن مناقشات صلاحية هذه الشخصيات وكيفية تعيينهم. ولقد إنتهت المتابعات الإعلامية والقضائية بالكشف عن عدد من المدينين الكبار بالقطاع المصرفي، وتورط “حسين فريدون”، شقيق الرئيس، “حسن روحاني”، في أحد الملفات. بحسب صحيفة (الرسالة) الإيرانية الأصولية.
قوة نفوذ “فريدون”..
ومؤكد أنك سمعت، عزيزي القاريء، أن “حسين فريدون”؛ كان يشارك بهذه المرحلة في اجتماعات الحكومة، وبعض المجالس العليا، لاسيما أكثر اجتماعات “المفاوضات النووية الإيرانية” و”مجموعة الست” الحساسة، ومن الطبيعي يسهل عليه تغيير المدير التنفيذي في أي بنك أو شركة مساهمة.
وحصل لقاء استخدام نفوذه على مليارات الطومانات؛ ومنها فيلا على مساحة 640 متر في منطقة “سعد آباد”، بالعاصمة “طهران”، مسجلة باسم زوجته.
لكن بالنهاية صدر، بالأمس، الحكم ضد “فريدون”، بالحبس مدة 5 سنوات وغرامة مالية بقيمة 31 مليار طومان. لكن ثمة بعض الملاحظات على هذه المسألة..
العدل والشفافية..
من المُفرح تعامل السلطة القضائية الحاسم، وعدم التهاون مع المخطيء حتى لو كان شقيق رئيس الجمهورية.
وقبل ذلك كان أحيانًا يسود تصور أن الجهاز القضائي يؤجل للأسف الفصل في مخالفات المسؤولين وعوائلهم إلى مرحلة ما بعد خروجهم من السلطة، وحكم “فريدون” يبطل هذا التصور.
فساد طغى على أي تجاهل..
يبدو أن فساد “فريدون” المالي؛ ونظرة المجتمع له إنتهى به إلى موقع يجعل أي شخص، حتى لو كان شقيقه، (رئيس الجمهورية)، يرفض تقديم تكلفة الدفاع العلني عنه.
وقبل ذلك؛ كان أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية قد قال، خلال المناظرات الانتخابية: لقد تم إخطار رئيس الجمهورية قبلاً بمخالفات، “فريدون”، لكنه لم يقع تحت طائلة المساءلة.
ونشاط “فريدون” مثل الرشوة، وإنشاء دور صرافة أثناء عضويته بالحكومة، والدراسة غير القانونية في مرحلة الدكتوراه، والتدخل في التعيينات وبخاصة بالقطاع المالي، جعله شخصية لا يمكن الدفاع عنها من جانب شقيقه رئيس الجمهورية، ومطالبة المجتمع بتطبيق العقاب عليه، بالشكل الذي يعجز أي شخص للدفاع عنه. وبلا شك، فإن دور الرأي العام والإعلام ونشطاء الشبكات الاجتماعية كان من العوامل المُحددة في هذا الموضوع.
محاولات تأخير المساءلة القانونية..
تعود مخالفات “فريدون”؛ إلى مرحلة وصول شقيقه إلى منصب رئيس الجمهورية، بل المستندات والوثائق تتحدث عن علاقاته بالمدينين الكبار في القطاع المصرفي، إلى ما قبل انتخابات 2013.
الآن وقد بات الحكم الصادر ضده قطعي، تعيش الحكومة عامها السابع وتتكشف بعض أبعاد القضية وتدخل “فريدون”، قبل سنوات، في الأجهزة الرقابية. صحيح أن الفصل القضائي يتخذ مسارًا واضحًا ومحددًا، لكن لابد من إنجاز العمل بأقصى سرعة في الملفات التي تنطوي على هذه الدرجة من الأهمية.
ومن الملاحظات الأخرى القول أحيانًا: طُرح ملف “فريدون”، في العام 2016، لكن أول مرة يتم القبض عليه كان، في العام 2017، وهذا خوفًا من حيثية تأثير مسار المحاكمة على نتائج الجولة الثانية من انتخابات رئاسة الجمهورية !..
وهذا الإستدلال لو صح؛ فهذه مسألة عجيبة بالحقيقة، لأنه لو كان المجرم شخصية مؤثرة فلابد من الإعلان العام بأقصى سرعة حتى تراعي الجماهير هذه المسألة في إتخاذ قرارهم وهذه القاعدة بلا استثناء.
التأثيرات السلبية على الحكومة..
الحكم القضائي بحق “فريدون” نهائي وعليه أن يقضى 5 سنوات في السجن؛ بخلاف الغرامة المالية، وهذا الإجراء وإن كان ضروريًا؛ إلا أنه غير كافي. لأنه عندما يرتكب شخص بهذا المستوى مخالفات جسيمة، كالرشى وتعيين المسؤولين، ممن ظهرت أسماءهم فيما بعد ضمن قضية المرتبات الكبيرة، فإنه لم يقضي على حيثيته فقط؛ وإنما يقلل من الاستثمار الاجتماعي للحكومة ويشوه الوجوه الحاكمة، ويتسبب في تراجع ثقة المواطن في الحكومة، ويخلق حالة من التوتر وعدم الثقة الاجتماعية.
لذا يبدو أن الدولة في حاجة ماسة وعاجلة لإتباع نظام علمي وتخصصي في التعيينات دون استثناء، فلو يحدث فقد إقترب عصر نهاية أمثال “فريدون”.