خاص : ترجمة – آية حسين علي :
على مدار العصور حمل شعر المرأة الكثير من الدلالات حول شخصيتها وقوة أنوثتها، فمثلًا في الحضارات الرومانية واليونانية القديمة كان يُعتبر الشعر الطويل رمزًا على الصحة والخصوبة والأنوثة، بينما يشير الشعر المسترسل إلى الوفرة والصفات الجنسية المحمودة، كما كان يُعد معبرًا عن الشباب والحيوية.
نشرت المصورة الفوتوغرافية وطبيبية الأعصاب الأميركية، “روهينا هوفمان”، كتابًا حول المشاعر التي تربط المرأة بشعرها، ويحمل الكتاب عنوان (قصص الشعر-Hair Stories)، ويتضمن حكايات عن مشاعر 30 سيدة تتراوح أعمارهن ما بين 14 و100 عام فيما يخص شعرهن، وقفن جميعهن أمام كاميرة “هوفمان” وحكين لها ما الذي يمثله لهن شعرهن.
وجاءت فكرة الكتاب من رحم معاناة “هوفمان”، خلال فترة الطفولة؛ إذ أُجبرت لفترة طويلة على قص شعرها لدرجة أنها كانت تشبه الذكور إلى حد كبير، وذكرت المصورة: “لم استطع أبدًا التعافي من هذه المعاناة، ومعضلة فقدان السيطرة على هويتي بقي معي طوال حياتي”، أجرت المصورة المقابلات كلها في منزلها لإضفاء نوع من الحميمية بدرجة تسمح لهؤلاء السيدات بالتحدث بحرية أكبر.
أتسمت حكايات السيدات للكاتبة بالتباين؛ فمثلًا “لورين” قالت إنها تحب تغيير قصة شعرها كل فترة، وإنما تعتبر هذا الأمر طريقة للتعبير عن نفسها، وأكدت أن الموضوع لا يتعلق بمرض معين أو شعور بالخجل أو ضيق نفسي.
من بين القصص أيضًا، ما حكته السيدة، “غاسمين”، إذ قالت: “نشأت في كنف عائلة سلطوية، ولم يكن مسموحًا لنا بقص شعرنا، كانت القوانين التي تحكم كل جنس متأصلة بشكل كبير، ولم يكن هناك أية غموض”.
العلاقة بين طول الشعر والشباب..
ذكرت المستشارة الفنية، “إيميلي لامبرت كليمنتس”، في مقدمة الكتاب، أنه: “حتى الآن يعتبر الشعر دلالة على الهوية الجنسية، سواء بالنسبة للنساء أو للرجال على حدٍ سواء”، وبالنسبة للكثيرات، يجب الحفاظ عليه طويلًا، ومن الأفضل أن يظل مشابهًا للصورة الطفولية أو الشبابية.
وأوضح مصمم قصات الشعر، “إدوارد شانشيز”، أن: “بعض الناس يعتقدون أن الشعر الطويل يجعلهن في مظهر شبابي بشكل دائم”، كما ذكر المصمم، “بيبيتو خويس”، أنه لدى السيدات إحساس عام لا يعترفون به أبدًا، وهو أن إبقاء الشعر طويلًا نسبيًا يمنحن شعورًا بالأمان، أي أن إنسدال الشعر على الرقبة والعنق يشبه إرتداء الملابس؛ فبدونه يصبحن عرايا.
وأشار “خويس”، من واقع عمله في مركز تصفيف الشعر، إلى أن السيدان يُقدمن على قص الشعر عندما يكن منزعجات أو راغبات في التسلية، وأحيانًا يُقمن بهذه الخطوة نتيجة مرورهن بفترة اضطرابات أو عدم استقرار نفسي، وكذلك في حالة ما أنهين علاقة عاطفية فإنهن يرغبن في تغيير مظهرهن.
شعر المرأة في الدراما بين الواقع والخيال..
في حقل الدراما، يُعد شعر المرأة من الأمور الأساسية في بناء الشخصية، وترك إنطباع معين لدى المشاهد، وفي كثير من الأحيان تلجأ الشخصية إلى قص الشعر أو تغيير لونه للإشارة إلى التقلبات النفسية التي تمر بها، وأشار المخرج السينمائي، “غونثالث مولينا”، إلى أن: “مشهد قص الشعر يُعد رسالة موجزة، ونقطة تغير في الشخصية عما كانت من قبل”.
نشرت مجلة (ذا أتلانتك) الثقافية؛ مقالًا بعنوان: “عندما تكون سيدة في التليفزيون منزعجة تقص شعرها”؛ عددت خلاله الكاتبة، “كاسي كوينلان”، كثير من الأعمال الدرامية التي ظهرت بها سيدات يقمن بقص شعرهن في حالة الضيق، ومثال على ذلك، إقدام شخصية، “هانا هورفاث”، في الموسم الثاني من مسلسل (فتيات-Girls)، التي جسدتها، “لينا دنهام”، على قص شعرها بعد إصابتها بمرض عقلي، وفي الموسم الرابع من مسلسل (رجال ماد-Mad Men)؛ فعلت “سالي درابر” نفس الشيء من أجل إثارة إنتباه والدها، وكي تجعل الناس يلتفتون إليها.
ومن وجهة نظر التحليل النفسي، لا يشترط أن يعبر قيام المرأة بقص شعرها على شعورها بعدم الاستقرار، وليس كل مرة تقبل فيها السيدة على تغيير قصة شعرها دليلًا على رغبتها في البحث عن مخرج من ظروف قاسية أو معضلة أو تشير إلى سوء حالتها النفسية.