خاص : ترجمة – محمد بناية :
“رحم مؤجر”.. جملة لم تعد غريبة على المجتمع الإيراني مؤخرًا، وقد أضحت قبل عشر سنوات أحد السُبل لمعالجة الأمهات اللائي فشلن في اختبار تجربة الأمومة.
لكننا نواجه اليوم حالات تفصلنا عن الجوانب العلاجية والدور الرئيس لـ”الرحم المؤجر” !.. ذلك أن بعض النساء المعاصرات يختلفن كثيرًا عن أمهات الماضي اللائي كُن يعتقدن أن الله سوف يمنّ عليهن بالأطفال يومًا ما، وفي بعض الحالات كانت إحداهن تنجب حتى عشرة أبناء !..
وحالياً هناك فُصيل من النساء يتجنبن الحمل خوفًا على قوامهن، وبالتالي يلجأن إلى تأجير الأرحام. في المقابل بعض النساء على استعداد بسبب الفقر والعوز لغض الطرف عن مشاعر الأمومة وتأجير عضو من أجسادهن وحمل أبن آخرين في أحشائهن !.. كما تقر بذلك الصحافية، “مى گل هشترودي”؛ بصحيفة (شمس يزد) الإيرانية.
إعلان: أنا متزوجة.. وأؤجر رحمي !
بالبحث في الفضاء الإلكتروني، وجدنا الكثير من الصفحات التي تتحدث عن الأرحام المؤجرة، وتُرى التعليقات إلى جانب إعلانات “تأجير الأرحام” المنشورة على هذه الصفحات، وسوف يصدمك أن ترى الكثيرون قد أدرجوا أرقام هواتفهم. وفي العادة ما تكون الإعلانات على النحو التالي: “أنا متزوجة، وأؤجر رحمي، ولدي أبن من ولادة طبيعية”. يليها رقم هاتف لتتصل به عند الحاجة !
اتصلت بأحد الأرقام، فأجاب طفل وطلبت إليه أن يعطي الهاتف إلى والدته، وبعد فترة قصيرة أجابني صوت نسائي متعب.
قدمت نفسي كباحثة عن رحم للإيجار؛ وطلبت إليها أن تعطيني نبذة عن حالتها، فقالت: “عندي ولد يبلغ من العمر 5 سنوات !.. وقد كانت ولادتي طبيعية وأنا متزوجة”.
فسألتها عن سبب القيام بهكذا عمل؛ فأجابت: “أنا في حاجة مُلحة إلى عوائد هذا العمل المالية، زوجي عاطل ونعيش في بيت أمي. وليس لدينا أموال حتى نتمكن من الإنفاق على أنفسنا !.. أنا فعلاً بحاجة إلى المال”.
سألتها عن المبلغ الذي تريده لقاء هذا العمل ؟.. فسكتت برهة؛ وقالت: “كم المبلغ الذي تريدين أن تدفعي ؟”.. فاقترحت مبلغ 20 مليون طومان مقابل إيجار الرحم، شريطة ألا ترى حتى الطفل في المستشفى، وأن توقع على ورقة تنازل بحيث لا يمكنها المطالبة بالطفل في أي وقت؛ فقالت: “سوف أوقع على التنازل ولا مشكلة في عدم رؤية الطفل إذا زدت المبلغ بقيمة 5 مليون !!”.. فأخبرتها أنني سوف أعاود الاتصال في حال وجدت رغبة”.
هذا الحوار البسيط يعكس مدى استعداد سيدة للتخلي عن كل مشاعر الأمومة مقابل المال، بل إنها مستعدة للتوقيع على تنازل يمنعها من المطالبة الطفل الذي نما في أحشاءها. ومن الواضح أن أي أم تركن إلى هكذا عمل إنما تبحث بشكل أساس عن المال.
تسعيرة السوق ليست بيدي !
اتصلت برقم آخر؛ وأجاب رجل فسألته عن إعلانه على الفضاء الإلكتروني، فأجاب مؤكدًا وقال: “نشرت الإعلان بنفسي، وزوجتي بالمنزل فإذا تريدين أعطيكِ رقم هاتفها”. بدا صوته غامض إلى حدًا ما وكأنما خرج عن حالته الطبيعية. ثم أعطاني رقم هاتف زوجته؛ وسألته إذا كان يعاني مشكلة فيما يخص قيام زوجته بتأجير رحمها ؟.. فقال بكل أريحية: “لا.. أنا من نشر الإعلان، ولو كُنت أعاني أي مشكلة لما كتبت رقم هاتفي !”.. سألته عن المبلغ الذي يريد ؟.. فأجاب: “نُركز في هذا العمل على الثواب والمال ليس مهمًا !.. لقد نذرت زوجتي نذرًا، ونفعل ذلك للوفاء بالنذر !.. واتصلي بها الآن وسوف توضح لكِ التفاصيل”.
اتصلت بالزوجة؛ وكان الهاتف مشغولاً. ثم عاودت الاتصال دون إجابة فاتصلت بالزوج مجددًا حتى يعطيني، إذا أمكن، رقم الهاتف المنزلي، ولكن تعجبت بشدة لأن رقم الزوج كان أيضًا مشغول وتصورت أنه يخبر زوجته بالقصة.
عاودت الاتصال بالزوجة بعد دقائق؛ وسمعت صوت إمراة شابة أخبرتها أني أتصل بشأن الإعلان وسألتها عن حالتها، فقالت: “أبلغ من العمر 25 عامًا، وعندي فتاة تبلغ من العمر 9 أعوام، والآن أريد تأجير رحمي !”.. قلت لها: “زوجك تحدث عن نذر، أي أنكِ لن تحصلي على مال لقاء هكذا عمل ؟”.. فقالت: “أجل أقول بذلك للوفاء بنذري؛ ولذلك سوف آخذ مبلغ أقل بقليل مما تأخذ الباقيات !”..
وحاولت ألا تعطيني سعرًا، وقالت: “تسعيرة السوق ليست في يدي، أخبريني أنتِ بالأسعار وسوف آخذ أقل من الباقيات !.. وكذلك أوقع على تنازل ولا يكون لي أي علاقة بالطفل !”.. وحين سألتها عن نذرها؛ قالت: “لا أستطيع التوضيح، لكن إذا أردتِ واتفقنا فسوف أقوم بالعمل وبعدها أخبركِ عن النذر”. وأكدت مجددًا أن تحصل على مبلغ أقل من الباقيات !
أمهات تتخلى عن حب الأمومة !
ربما يصعب تصديق هذا الموضوع؛ لكن المؤكد أنه يستحيل على الأمهات اللائي تذوقن طعم الأمومة تصديق هذا الأمر، والجزء الأصعب الذي يستحيل تصديقه هو أسباب اللجوء إلى هذا العمل.
حب الأم للإبن هو أعمق شعور موجود؛ ويعتقد الخبراء أن هذا الحب يتبلور مع تكون الجنين في بطن الأم.
الآن كيف يمكن لإحداهن أن تتخلى عن هذا الإحساس الذي يبدأ مع نمو الجنين ويزداد يومًا لقاء مبلغ من المال ؟!!