“شرق” الإيرانية تستكشف طريق .. الأمل الاجتماعي

“شرق” الإيرانية تستكشف طريق .. الأمل الاجتماعي

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

يحيا الإنسان بالأمل، وككائن وجودي، فإن الحياة تكتسب معناها في سياق الأمل، وهو ما يساعده على مواجهة التحديات الوجودية والتاريخية. وفي ظل الظروف الراهنة، يلعب الأمل الاجتماعي دورًا محوريًا في تعزيز صمود المجتمع، ليس فقط كمفهوم نظري، بل كضرورة عملية. بحسّب ما استهل “قادر باستاني”؛ مقاله المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.

إن “إيران” العزيزة؛ بتاريخها الحافل بالمقاومة والتلاحم، بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى إحياء وتعزيز هذا الأمل الجماعي لتبقى صامدة في وجه التهديدات.

ضرورة الأمل الاجتماعي..

نحن نعيش في عصر تسّارع التاريخ؛ حيث أحدثت ثورة الاتصالات تحولًا في الحدود الجغرافية والثقافية والمعلوماتية، وعزّزت الميل نحو الحوار والمشاركة الاجتماعية بسرعة غير مسبّوقة.

وفي هذا السيّاق، لا يتبلور الأمل الاجتماعي كشعور عابر، بل كبُنية ذهنية وجماعية تنشأ من خلال الحوارات البناءة، والمشاركة الفاعلة للمواطنين، ووجود مجتمع حيوي وديناميكي. إذ يُشكل الأمل الاجتماعي، كتصورات وتوقعات جماعية تجاه الحاضر والمستقبل، أساس تعزيز طموحات المجتمع على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وكما يبدو لن يتمكن مجتمع يشعر بافتقاره للقدرات السياسية والثقافية والاجتماعية، من إحياء الأمل في داخله. وبالتالي، فإن أسس الأمل الاجتماعي ليست فقط عاملًا للتغييّر الإيجابي في المجتمع، بل هي أيضًا ضامن لاستمراريته وبقائه.

دور المؤسسات الجماهيرية والمجتمع المدني..

في هذا الصدّد؛ يجب أن تنصب الأولوية على تعزيز مؤسسات المجتمع المدني، وتوسيّع الحوارات الحرة والعادلة، وزيادة الثقة بين الأفراد والجماعات والمنظمات، كمكونات أساسية للأمل الاجتماعي.

وفي ضوء التحديات المختلفة، يُمكن للأمل الاجتماعي كواقع استراتيجي، أن يُنقذّ المجتمع من التفتت ويقوده نحو التلاحم والتقدم. وفي هذا المسّار، تتحمل وسائل الإعلام، والمصلحين الاجتماعيين، وكل من يتمتع بمصداقية من الشعب والحكومة، مسؤولية إحياء الأمل من خلال الحوار والمشاركة والمصالحة الوطنية.

لا بُدّ من تعزيز الثقة بين الأفراد والمجتمعات والمنظمات المختلفة؛ لأن انخفاض مستوى الأمل الاجتماعي يؤدي إلى انخفاض الثقة، والمجتمع الذي لا يرى الفرد فيه سوى نفسه، لا يُمكن أن يكون مجتمعًا مفعمًا بالأمل.

كواقع وفضيلة استراتيجية..

الأمل الاجتماعي هو حاجة مُلّحة في الأوضاع الحرجة الراهنة، وهو أيضًا فضيلة استراتيجية لبناء مستقبل أفضل لـ”إيران”. ومن خلال تعزيز هذا الأمل، يُمكن لمجتمعنا ليس فقط أن يُقاوم التهديدات الخارجية، بل أن يبُرز كنموذج ناجح في تجاوز الأزمات في العالم المعاصر. الأمل الاجتماعي ليس وهمًا؛ بل هو واقع.

وتعزّيز المجتمع المدني هو نقطة ارتكاز الأمل الاجتماعي. وانخفاض القُدرة على توليد الثروة، وزيادة الفقر وعدم المسّاواة، والتهميش، تدفع المجتمع نحو التفتت.

ومواجهة هذه الرؤية، التي استولت للأسف على عقول شريحة كبيرة من الناس، وخاصة الشباب، يتطلب تعزيز التلاحم الاجتماعي كقضية أساسية في المجتمع.

والحقيقة أن هيمنة المتشدَّدين والمواقف المتصلبة تبُعد الشباب عن الأمل والحوار، وتخلق ظروفًا مواتية لقوى خارجية لتعزيز أجنداتها الضيقة.

وتتحمل وسائل الإعلام، في مثل هذه الأوضاع الهشة، دورًا أكثر حساسية وأهمية. فهي تعمل على تعزيز مؤسسات المجتمع المدني، وتصنع جسرًا بين الحكومة والشعب.

المساواة والعدل الاجتماعي..

وغالبًا ما يدعو المسؤولون إلى الصبر والمقاومة في مواجهة المشاكل والنواقص. وقد تحّمل المواطنون الكرام في بلدنا كل المعاناة والألم دون تذمر؛ لكنهم يشعرون بالاستياء عندما يرون أن وضع حياة أسر وعوائل المسؤولين يختلف تمامًا، وأن دعوة المقاومة تستهدف فقط الطبقة المتوسطة في المجتمع.

ما نحتاجه لخلق الأمل في الناس ليس بالضرورة زيادة الرواتب والإعانات، بل أن يُترك العمل للشعب. تجنب النظرة الضيقة الاستبعادية يُحيّي أجواء الثقة والأمل.

ومن خلال تعزيز الحوارات البناءة، واحترام تنوع الآراء، والتركيز على المصالح الوطنية، يُمكننا ليس فقط تجاوز التحديات الحالية، بل تحويل “إيران” إلى نموذج ناجح للتلاحم والتقدم في المنطقة والعالم.

اليوم هو فرصة ذهبية لإحياء الأمل وتعزيز المجتمع المدني. بخطوات ثابتة ونظرة نحو المستقبل، يُمكننا تحويل “إيران” إلى أرضٍ يكون فيها الأمل والعدل والتقدم ركائز أساسية للحياة الاجتماعية. هذا الطريق، وإن كان صعبًا، لكنه ممكن بعزيمة راسخة ووحدة جميع الإيرانيين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة