“شرق” الإيرانية ترصد .. “ترمب” وممالك الخليج النفطية

“شرق” الإيرانية ترصد .. “ترمب” وممالك الخليج النفطية

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

في أول زياراته للشرق الأوسط؛ فاجأ الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، الكثير من المراقبين بحركة حاسمة، وبغض النظر عن المكاسّب الاقتصادية المتوقّعة، رسم الخطوط العريضة لسياساته الجديدة في هذه المنطقة المضطربة.

وباختيار ممالك الخليج النفطية باعتبارها وجهته الخارجية الرسمية الأولى، سعى الرئيس الأميركي؛ السابع والأربعون، إلى إعادة هذه الدول مرة أخرى إلى فلك “واشنطن”. بحسّب ما استهل “أردوان أمیرأصلاني”؛ تحليله المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.

اتفاقيات اقتصادية بأرقام فلكية..

وكانت هذه الدول التي تميّل للواقعية السياسية؛ قد اتبعت في السنوات الأخيرة سياسة: “عدم الانحياز”، وطورت علاقات قوية مع “روسيا والصين” كشركاء تجاريين.

وهذه المخاطرة على وشك أن تثَّمر؛ حيث وعدّت ممالك الخليج النفطية بتقديم استثمارات عامة في “الولايات المتحدة”؛ خلال السنوات العشرة المقبلة. وتشمل اتفاقية الاستثمار مع “المملكة العربية السعودية” بقيمة: (600) مليار دولار، ومع “قطر” بقيمة: (500) مليار دولار، ومع “الإمارات” بقيمة: (1.4) تريليون دولار، الصناعات الدفاعية والتنمية التكنولوجية و”الذكاء الاصطناعي”.

ونجحت الشركات الأميركية كذلك في التوقّيع على اتفاقيات هامة، مثل (بوينغ) التي كانت تواجه مشاكل مالية حادة، وكانت بحاجة ماسة إلى مثل هذه الاستثمارات.

وسجلت “الإمارات” طلب شراء عدد: (28) طائرة، كذلك وقّعت شركة (قطر للطيران) عقدًا ضخمًا بقيمة: (200) مليار دولار مع هذه الشركة الأميركية.

بالوقت نفسه؛ لا تغفل ممالك الخليج مصالحها، فـ”السعودية” تسّعى، مقابل هذه التعاونيات، إلى كسّب رضى “واشنطن” لتطوير صناعتها النووية السلمية، بينما تأمل “الإمارات” في التعاون في مجال الطاقة؛ وخاصة التكنولوجيا، حيث تسّعى “أبوظبي” لأن تُصبّح رائدة في مجال “الذكاء الاصطناعي”.

مكاسب “ترمب” السياسية والاستراتيجية..

بخلاف المكاسب الاقتصادية؛ استفاد الرئيس الأميركي من هذه الزيارة في تفصيّل توجهاته الأساسية في دورته الرئاسية الثانية؛ حيث ألقى “ترمب” خطابًا في مجال السياسة الخارجية أمام (منتدى الاستثمار الأميركي-السعودي)، انتقد فيها المداخلات غير المنضبطة للحكومات المحافظة الجديدة والديمقراطية السابقة، معتبرًا ذلك استفادة من دروس الماضي.

وامتدح نجاح الدول المضيّفة بعبارات غير تقليدية وعبّر عن احترام سيّادتها الوطنية؛ بقوله: “يجب على باقي العالم أن يفهم حقيقة أن هذا التطور الكبير ليس نتاج مداخلات غربية أو أشخاص جاؤوا بطائرات جميلة ليعلموكم فنون الحياة وإدارة بلدكم. لا، فلم يخلق روائع الرياض وأبوظبي أولئك الذين يسَّمون أنفسهم (بُناة الأمة)، ولا المحافظون الجدَّد، ولا الليبراليون القائمون على الأعمال الخيرية، الذين أنفقوا تريليونات الدولارات دون أن يتمكنوا من تطوير كابول أو بغداد أو غيرها من المدن”.

كما تطرق للحديث عن القضايا الاستراتيجية الساخنة في الشرق الأوسط، مثل مصيّر البرنامج النووي الإيراني ومستقبل “سورية”.

ورُغم انتقاداته الشديدة السابقة للسياسات الإيرانية، فقد أكد “ترمب” رغبته في إنهاء الصراعات والوصول إلى اتفاق مع “طهران”، ورفض عمليًا العمليات الوقائية التي كانت تُطالب بها “إسرائيل”.

مع هذا لا تزال نتائج المفاوضات مجهولة؛ حيث تضغط “إيران” على شرط المحافظة على برنامجها النووي السلمي.

إسرائيل تلعب منفردة !

علاوة على ذلك؛ اتخذ الرئيس الأميركي؛ بشكلٍ غير متوقع، قرار رفع العقوبات عن “سورية” التي تواجه شبح الانهيار الاقتصادي. وكان “محمد بن سلمان”؛ ولي العهد السعودي، قد حفز “ترمب” على اتخاذ هذا القرار عبر تقديم وعود بسدّاد مديونيات “سورية”؛ لـ”البنك الدولي”، بقيمة: (15) مليون دولار، والمشاركة في إعادة إعمار هذا البلد. وقد تسبب هذا الإجراء في احتدام التوتر بين “تل أبيب” و”واشنطن”.

وبينما جرى حذف “إسرائيل” عن برنامج زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة، قرر نائبه؛ “جيه. دي. فانس”، إلغاء زيارته إلى “تل أبيب” لأسبابٍ لوجستية، وذلك بالتوازي مع إعلان “إسرائيل” عن حملة جديدة على “قطاع غزة”، حيث تزداد الأزمة الإنسانية سوءًا، وهي الخطوة التي حالت دون قدرة “ترمب” على كسب رضا ممالك الخليج لتوسيّع نطاق “الاتفاقيات الإبراهيمية”.

ختامًا؛ فقد كانت زيارة الرئيس الأميركي الأولى للشرق الأوسط ناجحة من المنظور الاقتصادي، لكن ما يزال مصير الملفات الإقليمية؛ من مثل “الاتفاق النووي” مع “إيران”، ومستقبل “غزة، ولبنان، وسورية” غامضًا.

وعلينا أن نرى ما إذا كانت طريقة “ترمب”؛ التي قد تكون غريبة لكنها عملية، ستؤتي ثمارها أم لا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة