شراء “العراق” لمنظومة دفاع جوي جديدة .. هل ينجح في الاتجاه إلى “روسيا” والإفلات من عقوبات أميركا ؟

شراء “العراق” لمنظومة دفاع جوي جديدة .. هل ينجح في الاتجاه إلى “روسيا” والإفلات من عقوبات أميركا ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بين الحين والآخر تتصدر أنباء عودة “العراق” إلى التسليح الشرقي؛ وبشكل خاص في سلاح الطيران ومنظومات الدفاع الجوي، إلا أن هناك عقبات دولية وأخرى محلية دائمًا ما تقف عائقًا في تحقيق هذا التوجه.

وأمس الأول، أكد نائب رئيس “لجنة الأمن والدفاع” في “مجلس النواب” العراقي، “نايف الشمري”، أن الحكومة ستتعاقد، خلال الأشهر المقبلة، لشراء منظومة دفاع جوي.

وقال في تصريح صحافي، إن: “الموازنة المالية لعام 2021، تضمنت تخصيصات لتزويد القوات المسلحة بأجهزة حديثة لمواكبة التطور الحاصل في جيوش العالم، كما أن اللجنة أجرت عدة لقاءات مع وزير الدفاع وقائد الدفاع الجوي بهذا الخصوص”.

وأضاف، أن: “الحكومة ستتعاقد، خلال الأشهر القليلة القادمة، مع شركات مهمة لتزويد العراق بمنظومة حديثة للدفاع الجوي”.

وأشار “الشمري”؛ إلى أن: “التعاقد من اختصاص وزارة الدفاع حصرًا، ومن خلال دائرة التجهيز والتسليح في الوزارة، ونحن سنراقب كافة العقود التي ستُبرمها”.

وسبق وأن أفادت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، نقلاً عن برلمانيين عراقيين؛ بأن الحكومة العراقية تدرس المضي قدمًا بمناقشة شراء أنظمة (إس-400) الروسية للدفاع الجوي.

وأكدت “موسكو”، العام المنصرم، استعدادها لتلبية طلبات “العراق”؛ فيما يتعلق بالتسليح والتعاون العسكري.

لكن “وزارة الخارجية” الأميركية؛ قد أعلنت أنها قد تفرض عقوبات على “العراق”، في حال قرر شراء الأنظمة الروسية.

روسيا الأقرب للعراق..

في هذا الصدد؛ قال الخبير الإستراتيجي والسياسي، الدكتور “د. صلاح بوشي”، إن “روسيا” هي الأقرب لـ”العراق”؛ في بعض التفاهمات على المستوى السياسي والعسكري، مرجحًا أن تتجه الحكومة العراقية، لـ”موسكو”، لشراء ما تحتاجه من معدات ومنظومات عسكرية.

وأوضح “بوشي”، أن “العراق” يسعى إلى أن تكون له سيادة؛ بعيدًا عن تدخل “الولايات المتحدة الأميركية”، والتي ينظر إليها الشعب العراقي على أنها قوات احتلال، وبالتالي لابد أن يكون هنالك بدائل إيجابية مضمونة من الناحية العسكرية والفنية، ومن ناحية دعم النظام السياسي للدولة العراقية، مؤكدًا أن “واشنطن” ستكون عائقًا أمام أي صفقة قد تُبرمها “بغداد” مع “موسكو”.

فساد وسوء إدارة وسوء تقدير..

كما يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العراقي، اللواء دكتور “أحمد الشريفي”، أن إمكانية توجه “العراق” نحو تطوير منظومة الدفاع الجوي من خارج مظلة التسليح الأميركي متوفرة، ومن البداية كان هناك توجه نحو عملية إحياء السلاح الجوي والدفاع الجوي الروسي، نظرًا لما كان لدينا من خلفية في هذا الميدان، حيث كانت طواقمنا مدربة لسنوات عديدة على السلاح الروسي بكفاءة عالية.

مضيفًا أن الخبرة في هذا السلاح، ليست خبرة ميدانية فقط، وإنما هي خبرة قتالية أيضًا، وكذلك بالنسبة للطيران، لكن سبب التأخر في استعادة تلك المنظومة الروسية؛ ليس ضغطًا من الأميركان فقط، وإن كانت “واشنطن” قد أبدت رغبتها في أن يكون التسليح غربي، لكن الأمر كان متعلقًا بصُناع القرار السياسي، حيث تخلل برنامج عودة التسليح الشرقي؛ فساد وسوء إدارة وسوء تقدير موقف أيضًا.

وتابع “الشريفي”: “من حيث التقييم الآن؛ نجد أن برنامج الـ (إف-16)؛ هو برنامج فاشل، نحن ذاهبون إلى برنامج إعادة إحياء طائرة (ميغ-29) السوفياتية الصنع، حيث أن طواقمها الفنية وطياريها موجودين والقاعدة متكيفة معها، وكان بإمكاننا أن نمتلك اليوم عدة أسراب منها، لكن للأسف كان الرأي، آنذاك، ضد رأينا، وهذا كان أحد العوامل التي أدت إلى عزلتنا السياسية اختلفنا معهم في تلك القضية، فكان رأينا أنه على أقل تقدير أن تكون منظومات الدفاع الجوي والطيران روسي”.

مخاوف من منظومة “إس-400”..

وفيما يتعلق بالعقوبات والتهديدات الأميركية تجاه “العراق”، حال توجهه للتسليح الشرقي، قال الخبير الإستراتيجي، في الحقيقة؛ “الولايات المتحدة” لم تهدد سوى فيما يتعلق بمنظومة الدفاع الجوي الروسية، (إس-400)، نظرًا لما تحتويه تلك المنظومة من تفوق تقني يُهدد الطيران المتقدم الأميركي، ويُحقق التفوق في الميدان لدولة تُوصف بأنها صديقة وحليفة لـ”الولايات المتحدة”، فكان اعتراض “واشنطن” على منظومة الـ (إس-400). وأيضًا بإمكاننا شراء الـ (إس-300)؛ ويمكن المناورة بها بعيدًا عن منظومة الـ (إس-400)، التي تُعد سلاحًا إستراتيجيًا، ويمكن إقتناء الـ (إس-400) بالحوار مع الأميركي، لأن أحد أسباب الاعتراض الأميركي أن هذا المقترح تبناه الراحل، “أبومهدي المهندس”، و(الحشد الشعبي)، فكانت “الولايات المتحدة” ترى أن التسليح للحشد، وليس للدولة والدفاع.

التدخل الأميركي في العراق..

من جانبه؛ قال المحلل السياسي العراقي، “أياد العناز”، سبق للإدارة الأميركية وأن عملت على التدخل في العديد من الاتفاقيات الدولية التي تسعى إليها الحكومة العراقية، في كافة المجالات؛ ومنها العسكرية، بسبب النفوذ والتواجد الأميركي في “العراق”، وسعي “واشنطن” للإستحكام بمقدرات البلاد ومنع أي مشاركة دولية في المشاريع والاتفاقيات التي تخص “العراق”؛ وترفض أي شريك لها في “بغداد”.

موضحًا: “أن الولايات المتحدة الأميركية سعت إلى أن تكون الداعم الرئيس للتحالف الدولي في مواجهة الإرهاب، وإجراء عمليات التدريب والمساعدة في الأمور اللوجستية والمعلوماتية، والتواجد في بغداد وبصيغة قيادة التحالف، والتفاعل ميدانيًا مع الواجبات الموكلة للتحالف، وهذا هدف ميداني ضمن الرؤية الإستراتيجية الأميركية في التعامل مع مجريات الأحداث في العراق”.

عامل مساعد للتوجهات الإيرانية..

وتابع “العناز”، الحديث المتداول الآن حول عملية تطوير سلاح الدفاع العراقي؛ واحتمالية حصول “بغداد” على منظومة الدفاع (إس-300) أو (إس-400)، تأتي في سياق التوازنات الإقليمية التي تسعى إليها “إيران”، ووجود هذه المنظومة ستكون عامل مساعد للتوجهات الإيرانية، خاصة وأن الوجود والتمدد الإيراني والتدخل في شؤون “العراق” واضحة ومعلومة ضمن المشروع الإيراني في المنطقة، وهي ضمن أهداف “طهران” في تمتين العلاقات، بين “موسكو” و”بغداد”، والإرتقاء بها لمديات أوسع.

وأوضح المحلل السياسي، أن هذا الأمر ليس خافيًا على “واشنطن”، وهي تُدرك حقيقة المساعي والأهداف الميدانية الإيرانية، ولهذا سوف تعمل على تطويق وتحجيم هذا الدور وفق الرؤية والمصالح الأميركية الخاصة، ويبقى أي قرار أو توجه عراقي في بناء علاقات سياسية والانفتاح على المحيطين الدولي والإقليمي، رهين بمدى الإنعتاق والإبتعاد على الوجود والاحتلال الأميركي والهيمنة والنفوذ الإيراني؛ وهذا غير متحقق بمدياته وآفاقه الواسعة في الوقت الحاضر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة