28 مارس، 2024 11:00 م
Search
Close this search box.

شبح “الخروج” بعيد .. مصير أردوغان مع مناطحته “الكبار” في الناتو

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – نشوى الحفني :

حتى لا تأخذ تركيا مكانة أكبر تعزز دورها على الصعيد الدولي، وبسبب إثارتها عدداً من الخلافات السياسية الداخلية والخارجية، رفضت بعض الدول الأعضاء الأساسية في حلف “الناتو” برئاسة “ألمانيا وفرنسا وهولندا والدنمارك” عقد قمة الحلف في اسطنبول العام 2018.

وأفادت صحيفة “دي فيلت” الألمانية، أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد اقترح خلال “قمة الناتو” بوارسو في العام الماضي 2016، عقد لقاءات الدول الـ28 الأعضاء في الحلف داخل “اسطنبول” على مدار السنتين المقبلتين.

وعلى الرغم من عدم اتخاذ أي قرار رسمي آنذاك، فإن الكثير من المراقبين حينها رأوا أن عرض “أردوغان”، سيلقى قبولًا، لكن ما حدث كان عكس التوقعات تمامًا.

ونقلت الصحيفة الألمانية عن مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى على علم بالموضوع، قولها: “لا نريد تعزيز مكانة تركيا الدولية، ولا نريد أن نخلق انطباعًا أن الناتو يؤيد السياسة الداخلية للحكومة التركية”، واقترحت الدول المذكورة إجراء قمة العام المقبل في بروكسل، التي وافقت بدورها على استضافتها، موضحة أن هذا الموقف يحظى بدعم 18 دولة أوروبية عضواً بالحلف إضافة إلى “كندا”، ومن المتوقع أن يتخذ وزراء دفاع “الناتو” قرارًا بهذا الشأن في اجتماعهم المقرر في الشهر المقبل. ولفتت “بروكسل” إلى أن هذا الموضوع شغل حيزاً من مناقشات القمة الأخيرة لرؤساء دول وحكومات الحلف التي حضرها الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” في بروكسل قبل أسبوعين.

إنتكاسة لأردوغان.. واستياء من الحلفاء..

رأت الصحيفة الألمانية أن سحب استضافة تركيا لقمة الناتو لعام 2018، يمثل انتكاسة لأردوغان “لأنه سيحرم بلاده من دعم سياسي دولي كبير”، وذكرت أن الحلفاء الأطلسيين مستاؤون بشكل متزايد من سياسة الحكومة التركية، ولا يبدون تفهماً لما تقوم به من موجة اعتقالات وتقييدٍ للحقوق الديمقراطية الرئيسة.

وخلصت “دي فيلت” إلى أن هذا الاستياء بلغ مداه بعد معارضة أنقرة لتَعاون “الناتو” مع “النمسا”، الدولة المحايدة وغير العضو بالحلف، ورفض مشاركتها في تدريبات عسكرية داخل البلقان، رداً على الانتقادات المستمرة التي توجهها فيينا لحكومة الرئيس “أردوغان”.

تركيا تنفي إدعاءات “دي فيلت”..

كان لتركيا رد فعل سريع علي تصريحات صحيفة “دي فيلت” الألمانية، حيث افاد الناطق باسم وزارة الخارجية “حسين مفتي أوغلو”، الجمعة 2 حزيران/يونية 2017، أن ما ذكرته الصحيفة الألمانية حول رفض دول في حلف شمال الأطلسي عرض تركي لاستضافة قمة للحلف، بأنه “خبر عارٍ عن الصحة”.

مشيراً “مفتي أوغلو” إلى دهشتهم من إدعاء رفض عدد كبير من دول “الناتو” بينها “ألمانيا وفرنسا وهولندا والدنمارك”، دعوة رئيس الجمهورية “رجب طيب أردوغان” باستضافة القمة وذلك خلال قمة “الناتو” التي عقدت في وارسو عام 2016.

موضحاً أن الأمانة العامة للناتو قررت في اجتماعها ببروكسل عقد قمة الحلف في 2018، وأنه سيتم تحديد الدول المستضيفة للقمة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وأكد الناطق باسم الخارجية على أن رئيس الجمهورية “رجب طيب أردوغان” أعرب عن استعداد تركيا لاستضافة القمة المقبلة للحلف خلال لقاءه بالأمين العام للحلف “ينس ستولتنبرغ” في بروكسل، على هامش القمة الأخيرة التي عقدت خلال شهر أيار/مايو الماضي، قائلاً: “على عكس ما ادعته صحيفة “دي فيلت” الألمانية، فانه ليس من الوارد رفض مقترح تركيا لاستضافة القمة القادمة، هذه الأخبار الخاطئة تهدف إلى خلق تصورات سلبية عن بلدنا”.

أزمات سياسية تثيرها أنقرة..

سبق لأنقرة وأن أثارت العديد من الأزمات السياسية والدبلوماسية مع أعضاء بارزين في الحلف العسكري، وعلى رأسهم “الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وهولاندا وبلجيكا”، وهو السبب الحقيقي وراء موقفهم الحالي منها، والتي بدأت قبيل إجراء الإستفتاء على التعديلات الدستورية التي أطلقتها أنقرة في منتصف نيسان/ابريل الماضي، والتي حولت بموجبها النظام التركي من برلماني إلى رئاسي من خلال توسيع صلاحيات الرئيس “أردوغان”.

“أردوغان” ينتقد السلطات الألمانية..

بدأت الأزمات مع “ألمانيا”، التي ألغت سلطاتها تجمعات سياسية تركية لحشد التصويت بـ”نعم” للاستفتاء التركي، الأمر الذي أثار غضب “أردوغان” ودفعه إلى توجيه أسهم الانتقاد إلى السلطات الألمانية، تارة باتهامها بممارسة النازية، وتارة أخرى باتهامها بمساعدة وإيواء أشخاص خططوا للإنقلاب التركي الفاشل الذي وقع في تموز/يوليو الماضي، حتى وصلت الخلافات بينهما إلى رفض أنقرة، في وقت سابق من الشهر الجاري، زيارة وفد من البرلمان الألماني للجنود الألمان المتمركزين في قاعدة “إنجرليك” الجوية بتركيا التابعة للحلف الأطلسي، واعتقال مراسل صحيفة “دي فيلت” الألمانية “دنيز يوغيل”، في تركيا خلال شباط/فبراير الماضي.

النظام التركي قائم على القمع وتكميم الأفواه..

الأمر الذي ما لم يختلف كثيرًا مع “هولندا والسويد والدنمارك”، حيث دأبت الدول الثلاثة على انتقاد النظام السياسي التركي، القائم على القمع وتكميم الأفواه، وقد كانت للدول الثلاثة مواقف مشابهة لذلك الموقف الألماني قبيل الاستفتاء الدستوري التركي، حيث اشتعلت الأزمة بين تركيا و”هولندا” على خلفية منع الأخيرة وزيرين تركيين من دخول أراضيها لحشد التأييد للاستفتاء التركي، حيث منعت السلطات الهولندية طائرة وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو”، من الهبوط في مطار روتردام، ومنع وزير شؤون المرأة “فاطمة بتول”، من دخول قنصلية بلادها في المدينة ذاتها، الأمر الذي دفع القادة الأتراك حينها، وعلى رأسهم “أردوغان”، لتوعد هولندا بإجراءات عقابية، واتهموا ساستها بالفاشية.

دعم موقف هولندا وألمانيا..

اجتمع قادة “السويد والدنمارك وبلجيكا”، حينها، على دعم موقف “هولندا وألمانيا”، حيث طلب رئيس وزراء الدنمارك، “لارس رسموسن”، بتأجيل زيارة كانت مقررة لرئيس الوزراء التركي “بن علي يلدريم”، إلى كوبنهاغن، وبرر ذلك بما وصفه بالهجمات التركية على هولندا، كما ألغت “السويد” تجمعًا للجالية التركية كان من المقرر أن يحضره نائب رئيس الوزراء التركي.

“أردوغان” يعول على وصول “ترامب” للرئاسة..

لم يختلف الموقف التركي مع الولايات المتحدة الأميركية كثيرًا عن الدول الأوروبية السابقة، حيث عول الرئيس التركي كثيرًا على وصول الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، إلى الرئاسة لإحداث نقلة في العلاقات التركية الأميركية، لكن ما حدث كان عكس آمال “أردوغان”، حيث اتجه ترامب إلى سياسة مغايرة لتلك التي يتمناها الرئيس التركي، فمنذ البداية أبدى ترامب نيته نحو دعم الجيش السوري على حساب “قوات درع الفرات” التي تدعمها تركيا، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل أظهر ترامب عزمه تسليح وحدات مقاتلي حماية الشعب الكردية بأسلحة ثقيلة ومتطورة، وهي الوحدات الكردية التي تعتبرها السلطات التركية إرهابية، أضافة إلى ذلك أن الإدارة الأميركية لم تبذل أي جهد لتحسين علاقاتها التي توترت مع أنقرة خلال عهد الرئيس السابق “باراك أوباما”، الأمر الذي أعطى مؤشرات أن أميركا استغنت عن تحالفها مع تركيا.

فشل زيارة “أردوغان” لأميركا..

برزت هذه المؤشرات خلال زيارة الرئيس التركي إلى البيت الأبيض قبل إسبوعين، حيث فشلت الزيارة في إذابة الجليد بين الطرفين، فخرج “أردوغان” من البيت الأبيض بخفي حنين، دون إحراز أي إنجاز سياسي يذكر، وقد اتضح الإحباط التركي في القرار الذي أعقب الزيارة، والذي طالب فيه وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو”، إعفاء المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا “بريت ماغيرك”، والذي يشرف على مهام التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” منذ تشرين أول/أكتوبر 2015، من منصبه، وعزا الأتراك السبب إلى تقديمه الدعم العلني لوحدات حماية الشعب الكردية، لكن الكثير من المراقبين رأوا فيه رسالة تركية مباشرة إلى “ترامب”.

تلاعب النظام التركي علي كافة الحبال..

الأزمات الدبلوماسية التي أثارتها أنقرة مع العديد من الدول الأعضاء في الحلف العسكري، وغيرها من الأسباب التي تدور حول اعتماد السلطات التركية سياسات مثيرة للجدل في الداخل، سواء من ناحية موجات الاعتقالات المتواصلة أو تقييد الحقوق الديمقراطية في البلاد، التي طالما أدانتها الدول الأعضاء في “الناتو والاتحاد الأوروبي” وحتى معظم الدول الأوروبية بشكل منفرد، فضلًا عن محاولات النظام التركي اللعب على كافة الحبال لكسب جميع الأطراف، من خلال تقاربها مع “روسيا”، العدو اللدود للناتو، كل ذلك دفع دول الناتو إلى التعبير بشكل متزايد عن عدم ارتياحها لسياسات أردوغان المثيرة للجدل والتي تحمل طابعاً ازدواجياً ملتوياً.

الحلف العسكري بحاجة لتركيا..

كل هذه الأمور تدفع عدة أسئلة إلى الطفو على السطح، كان من أبرزها التساؤل حول “ما إذا كانت هذه الخلافات والتوترات يمكن أن تقود أنقرة إلى خارج الحلف العسكري ؟”.

فيرى العديد من المراقبين أنه، على الرغم من كل هذه المعطيات التي جعلت العلاقات بين تركيا والناتو متشابكة ومعقدة خلال الفترة الأخيرة، إلا أنهم استبعدوا خيار خروج أنقرة من حلف شمال الأطلسي، حيث يحتاج الحلف العسكري إلى موقع تركيا الجيوسياسي والقدرات القتالية لجيشها، كما أن تركيا تُعد حاجزًا طبيعيًا بين الغرب وروسيا، التي تعتبر العدو اللدود للدول الأوروبية والغربية، فضلًا عن أنها البوابة التي تمنع وصول المهاجرين واللاجئين غير المرغوب فيهم إلى القارة الأوروبية، كما أن تركيا تُعد الذراع الممتد للناتو في منطقة الشرق الأوسط، والتي من خلالها يتمكن الحلف من تمديد نفوذه في المنطقة، الأمر الذي يجعل خروج تركيا من الحلف الأطلسي خسارة أمنية وسياسية كبيرة له، وهو ما أكدته تصريحات أمين عام حلف الناتو، “ينس ستولتنبرغ”، التي أطلقها مطلع الشهر الجاري، حيث قال: إن “الناتو يصبح ضعيفًا بدون تركيا دون شك”.

مسألة الخروجة من “الناتو” معقدة..

من جانبه أوضح المتخصص في الشؤون التركية “د. محمد عبد القادر”، خلال حديثه لـ(كتابات)، أن مسألة خروج تركيا من حلف الناتو قضية معقدة جداً، لأن الحلف يواجه مشكلات كبيرة، يجب العمل علي تشكيل قواعد عسكرية جديدة، ومن المرجح أن يكون هناك بدائل لقاعدة “انجرليك”، بالإضافة إلي سعي دول الاتحاد الأوروبي لتشكيل حلف موازي.

مضيفاً “عبد القادر”، أنه “في الفترة السابقة كتبت مقالات أوروبية تتسائل دائماً ما إذا كانت تركيا تنتنمي فعلياً إلي حلف الناتو ؟، وذلك بسبب السياسات التي يتبعها أردوغان في الفترة الأخيرة وتقاربه من القطب الروسي، وهو العدو اللدود لحلف الناتو، وقيامه بشراء صورايخ لا تتواءم مع الحلف، وهو ما جعل “ماكرون” الرئيس الفرنسي يشبه “أردوغان” بزعامة “بوتين”، في إشارة إلي وصفه بالزعامة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب