8 مايو، 2024 6:10 ص
Search
Close this search box.

شبح الحالة اللبنانية يُلاحق العراق .. إنهيار أسعار “النفط” تتضارب مع ميزانية 2020 والإفلاس يقترب !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع انتشار وباء “كورونا” وصعوبة إيجاد الدواء المُعالج له، يقف “العراق” على حافة كارثة مالية قد تدفعه إلى تدابير تقشفية وتُعيد تجديد الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة.

إلا أن الغريب بالموضوع هو أن المسؤولين متفائلين بشكل غريب، وهو ما يصفه الخبراء بأنه حالة “إنكار”، نظرًا إلى أن الإنهيار المتوقع لأسعار “النفط” سيُكلف “العراق” ثُلثي دخله الصافي، العام الحالي.

والأسبوع الحالي، انخفضت أسعار “خام برنت” إلى 26 دولارًا للبرميل الواحد، وهو المستوى الأدنى منذ العام 2003، في أعقاب تضرر الطلب العالمي على “النفط” بسبب تفشي فيروس “كورونا” المُستجد، وحرب الأسعار بين المنتجين الرئيسيين، “السعودية” و”روسيا”.

سيواجه ضغوط اقتصادية..

وعلى الفور حذر رئيس وكالة الطاقة الدولية، “فاتح بيرول”، من إن “العراق”، الذي تُشكل عائدات “النفط” أكثر من 90 في المئة من إيراداته، سيواجه: “ضغوطًا اقتصادية هائلة”.

ويُعتبر “العراق” ثاني أكبر مُنتج لـ”النفط” في منظمة (أوبك)، ويُصدر عادة حوالي 3,5 مليون برميل يوميًا.

وكان “العراق” قد أعتمد، في مسودة ميزانيته للعام 2020، على سعر متوقع قدره 56 دولارًا للبرميل. ومع انخفاض الأسعار، سينخفض صافي دخل “العراق” بنسبة 65 في المئة في العام 2020، مقارنة بالعام الماضي، مُسببًاًعجزًا شهريًا قدره 4 مليارات دولار مخصصة فقط لدفع الرواتب والحفاظ على استمرارية عمل الحكومة.

يُلفت “بيرول” إلى أنه: “في الأزمة الحالية، سيُعاني العراق لتتعدى عائدات النفط 2,5 مليار دولار شهريًا”، مناشدًا المسؤولين العراقيين إيجاد “حلول عاجلة”. ويستند هذا التوقع إلى سعر 30 دولارًا للبرميل قبل الانخفاض الأخير.

وبحسب مسؤولون عراقيون؛ تبحث وزارتي “المالية” و”النفط” و”البنك المركزي العراقي” والمصارف المملوكة للدولة، سُبل خفض التكاليف والعثور على تمويل.

قد يُعيد الناس للشوارع..

وفي هذا؛ يقول محافظ البنك المركزي العراقي، “علي العلاق”، لـ (فرانس برس)؛ إن: “هناك بعض القلق، لكنه ليس شديدًا”.

ويُضيف: “أعتقد أن أسعار النفط، بهذا المستوى، لن تدوم طويلاً. لا نتوقع ارتفاعات كبيرة، لكن بالمستوى الذي يؤمن الحجم المطلوب”.

يُلفت “العلاق” إلى أن المسؤولين ما زالوا يُراجعون عن كثب مسودة ميزانية 2020، وهي واحدة من أكبر ميزانيات “العراق” على الإطلاق، بحوالي 164 تريليون دينار عراقي، (حوالى 137 مليار دولار). تم تخصيص أكثر من 75 في المئة، منها للرواتب وتكاليف أخرى، مع إنفاق الباقي على الاستثمارات الرأسمالية.

ويُذكر أنه قفز إجمالي الرواتب من 36 مليار دولار، في العام 2019، إلى 47 مليار دولار العام الحالي، بعد تعيين 500 ألف موظف جديد لإسترضاء الشارع المنتفض منذ أشهر.

وتوظف الحكومة نحو أربعة ملايين عراقي، وتدفع رواتب ثلاثة ملايين منهم، والرعاية الاجتماعية لمليون موظف.

ويرى “العلاق” أنه: “بناءً على مؤشراتنا الأولية، سنتمكن من تغطية الديون الخارجية والرواتب”، يتم تقليص الإعانات والخدمات التي “تنقصها الكفاءة الاقتصادية”.

لكن إلغاء أي منافع في وقت الإنكماش الاقتصادي العالمي يمكن أن يُعيد الناس إلى الشوارع بزخم أكبر.

لافتًا إلى أن الخيارات الأخرى تشمل استعادة “تريليونات” من الدينار العراقي من الحسابات في المصارف المملوكة للدولة، حيث قامت الوزارات بتخزين سنوات من فائض الأموال، وكذلك إصدار سندات للناس وإعادة جدولة مدفوعات الديون الداخلية.

محادثات مع “صندوق النقد الدولي”..

وأضاف أن محادثات جديدة جارية أيضًا مع “صندوق النقد الدولي”، لكن مع عدم إقرار ميزانية وعدم تشكيل حكومة جديدة، يبدو أنها لن تُثمر.

من جهتها؛ لا تخطط الحكومة لخفض قيمة العملة، أو الحصول على قروض خارجية جديدة، أو وقف المدفوعات لشركات “النفط” العالمية، والتي تبلغ قيمتها حوالى مليار دولار شهريًا.

وكان “العلاق” متفائلاً بأن تدفع الضغوط الحكومة إلى إدخال إصلاحات مالية طال انتظارها، قائلاً إن: “الضربة التي لا تكسر ظهرك، تقويك”.

شبح إفلاس مالي يُطارد العراق..

فيما يعترف بعض المسؤولين، بشكل غير علني، أنهم لا يُشاركون “العلاق” تفاؤله.

وحذر اقتصاديون، من شبح إفلاس مالي يُطارد “العراق”، وقالوا إن “بغداد” على طريق “لبنان”، ما لم تستنفر الحكومة كل طاقاتها وتُفكر في الأزمة الراهنة، وتُحاول إيجاد بدائل للتردي الاقتصادي وإنهيار أسعار “النفط”.

ويصف أحد كبار المستشارين العراقيين الوضع؛ بأنه: “أزمة خطيرة”، فيما يقول آخر إنه سيكون من المستحيل تقليص الميزانية في بلد صنفته “منظمة الشفافية الدولية” في المرتبة السادسة عشرة في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم، مضيفًا أن: “بعض الوزراء يُعارضون التخفيضات؛ لأنها ستخترق شبكات المحسوبية الخاصة بهم”.

ويضيف المسؤول أن الحكومة تفترض أن أسعار “النفط” ستعود إلى طبيعتها خلال شهرين، وهو ما لم تتوقعه وكالة الطاقة الدولية.

قد يلجأ للاحتياطات..

تعليقًا على ذلك؛ يقول “أحمد الطبقشلي”، من معهد الدراسات الإقليمية والدولية، ومقره “العراق”، أن: “وضع الرأس في الرمال ليس سياسة”.

وعلى الرغم من أن “العراق” واجه إنهيارًا في الأسعار، في عامي 2014 و2016، إلا أنه لم يشهد التراجع الكبير الحالي في الطلب العالمي، لا سيما من “الصين” المنكوبة بفيروس “كورونا”، المستورد الرئيس لـ”العراق”. والإعتماد على المجتمع الدولي أقل ديمومة مما كان عليه في العام 2014، عندما كانت القوى العالمية حريصة على مساعدة “العراق” في محاربة “تنظيم الدولة الإسلامية”.

“الطبقشلي” يضيف؛ أن “العراق” قد يضطر إلى اللجوء لاحتياطيات تبلغ قيمتها نحو 60 مليار دولار لتغطية العجز، لكن سيتعين عليه حتمًا تخفيض الرواتب وربما الإقتراض دوليًا.

وحتى لو استقرت الأسواق في نهاية المطاف، فإن “النفط” العراقي سيُعاني للمنافسة مع وفرة المنتج السعودي.

لذا يعتبر “الطبقشلي” أن: “هناك تعديلات مؤلمة نحتاج إلى القيام بها الآن، لا أن نتركها لأحفادنا”.

استقطاب المستثمرين وفتح الآفاق الاقتصادية..

من جهته؛ قال “فلاح عبدالكريم”، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان؛ أن العائدات النفطية الحالية لا تكفي لنفقات تسديد الرواتب التي تُكلف الدولة خمسة تريليونات دينار شهريًا، مشيرًا إلى إمكانية إتخاذ جملة من التدابير لتخفيف تداعيات تدهور أسعار “النفط” في الأسواق العالمية على “العراق”.

وشدد على أن أمام رئيس مجلس الوزراء المُكلف عقبات كبيرة وكثيرة، أهمها تشكيل الحكومة وانخفاض أسعار “النفط” وتدهور الوضع الاقتصادي، نظرًا لأن “العراق” أحادي الاقتصاد ويعتمد على “النفط” كليًا والعائدات حاليًا في الدولة العراقية.

ومن الممكن حل الأزمة عن طريق استقطاب المستثمرين وفتح الآفاق الاقتصادية والسيطرة على موارد الدولة، مثل المنافذ الحدودية و”النفط” وتحجيم الفساد المستشري.

موضحًا أن: “الخسائر الناجمة عن انخفاض سعر النفط كبيرة؛ ولا يُمكن تقديرها فقد كان سعر البرميل 62 دولارًا، لكنه انخفض إلى ما دون العشرين دولارًا، في حين أن رسوم جولات التراخيص ثابتة”، وأوضح أن تسديد الرواتب يُكلف الدولة خمسة تريليونات دينار شهريًا، لكن في ظل هذه الأسعار لا يمكن الوصول سوى لثلاثة تريليونات؛ أي بنقص 2 ترليون دينار، ناهيك عن الموازنة الاستثمارية والعقود، وهذه كلها واجبة السداد.

ورأى مراقبون آخرون أنه على حكومة “العراق” التحرك قبل فوات الآوان، وإلا فإن مصير “لبنان” وتداعيات هذا الوضع الخطير ستُلحق بـ”بغداد”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب