9 أبريل، 2024 9:09 م
Search
Close this search box.

شباب العراق العاطل .. “جمر” يشتعل تحت رماد تسلل العمالة الآسيوية بحقول النفط

Facebook
Twitter
LinkedIn

رغم كل ما يعانيه الشباب العراقي من بطالة وظروف إقتصادية صعبة وفرص عمل لا توفرها الحكومة.. لازالت العمالة الأجنبية الوافدة من دول شرق آسيا تتسلل لتجد لها نصيباً من العمل بدخل ووظائف لا يجدها كثير من العراقيين أو في وظائف يرفض العراقيون العمل بها.

فقد تحدثت تقارير إعلامية في الأول من آذار/مارس 2017، عن توقيف 35 عاملاً صينياً بسبب إنتهاء صلاحية إقامتهم على الأراضي العراقية من دون تجديدها، بحسب ما صرح به مصدر أمني في محافظة البصرة، ملمحاً إلى أن عملية التوقيف جرت داخل حقل الرميلة الشمالية النفطي الواقع ضمن قضاء الزبير، فيما ذكرت تقارير أخرى أن هناك المئات من الصينيين ومواطني دول أخرى يعملون بشكل رسمي في العراق ما يتسبب في ارتفاع نسبة البطالة بين العراقيين.

صناعة النفط
الصينيون يعملون بشكل ملحوظ في محافظة “البصرة” لأنها مركز صناعة النفط في العراق، ومن أهم المدن النفطية في العالم، إذ تمتلك نحو 59% من إحتياطات العراق النفطية، وتضم أضخم الحقول النفطية في العراق، منها “مجنون والرميلة وغرب القرنة ونهران عمر”.

يدرك الصينيون جيداً أهمية العمل في مجال النفط وما يوفره من رواتب وخبرات ربما لن يجدوا مثلها في بلادهم، كما يدركون أنه من خلال محافظة البصرة تصدر معظم كميات النفط العراقي، وبعض تلك الحقول تقع ضمن “قضاء الزبير” الذي تشكل مساحته 54% من إجمالي مساحة المحافظة، ومنها “حقل الرميلة” الذي تتولى تطويره شركة (BP) البريطانية بالإشتراك مع شركات أخرى، ويعمل فيه موظفون وعمال من جنسيات متعددة ألقوا ببوصلتهم تجاه أهم مراكز النفط في العالم بالعراق.. فلماذا لا يتم الإستعانة بالشباب العراقي ليجد له مكاناً ووظائف مضمونة في أهم مورد دخل للعراق بدلاً من عمالة واستثمار الصينيين فيه؟

إتقان العمل
المسئولون في هذه الشركات، وربما في الحكومة العراقية، لديهم إجابة واحدة جاهزة لمواجهة أي رفض لتشغيل عمالة أجنبية بالعراق، وهي أن الموظف أو العامل الأجنبي أكثر حرصاً على إتقان عمله من العراقيين أنفسهم.. تشكيك على طول الخط في قدرة شباب البلد على شغل أي وظيفة.. فقط وفروها لهم أنتم وإسألوهم بعدها!

يلمح مسئولون بجهات عراقية إلى أن الكثير من العمال الأجانب القادمين من دول آسيوية كـ”الهند وسريلانكا وبنجلاديش والنيبال والفلبين” بل وحتى “الصين”، يواجهون مشكلة عدم شرعية إقامتهم في العراق، ما يجعل من حركتهم خارج مكان العمل معدومة، إذ أن أغلبهم دخل العراق من دون تصاريح عمل ومن خلال تأشيرات سياحية فقط.

إن أحد أهم الأسباب التي تدفع الصينيين وغيرهم من العمالة الوافدة للعراق إلى إتقان عملهم بأفضل صورة، هو وضعهم المادي المتدني والمسافة التي قطعوها من بلادهم إلى العراق، ولا يخفى على أحد أن الكثير من أصحاب الشركات ومكاتب التشغيل يفضلون العامل الأجنبي على العراقي لقلة أجره وزيادة عدد ساعات عمله نسبة إلى “العامل العراقي الذي ينتابه نوع من البطر في بعض الأحيان”.

فهم الشخصية العراقية
لكن في المقابل، هناك ما يسهل للصينيين والروس وغيرهم من العمالة الوافدة التعايش بين العراقيين والإندماج في المجتمع، ويكفي ما يفعله الصينيون والروس في الكوت، إذ يحاولون التأقلم مع المجتمع الذي يعيشون فيه جنوب العراق وتقاليده بل ويجربون بعض المأكولات العراقية من المطاعم والأسواق المعروفة هناك.

المئات من الصينيين والروس يعملون في “حقل الأحدب” النفطي، ويستمرون في عملهم دون أي مشكلات، لتفهمهم عادات وتقاليد أبنا محافظة “واسط” بل ويراعون الإندماج مع المجتمع المدني، والدفع بإتجاه إقامة شبكة من العلاقات الودية مع أبناء المدن هناك، الأمر الذي يلقى استحسان هؤلاء المدنيين معتبرين ذلك خطوة إيجابية تحسب لصالح هذه العمالة.

الأسباب كثيرة لنجاح الصينيين في أخذ وظائف العراقيين في أهم مجالات العمل بالعراق وهو النفط، إذ أن الكثير من الصينيين بادر إلى عدم تناول الخمور في شهر رمضان بشكل علني، إحتراماً لقدسية هذا الشهر عند المسلمين، بل إن بعضهم حتى لا يشرب الماء أمام مرأى العمال العرب والعراقيين الصائمين، فهم أدركوا نفسية العراقيين وذاكروا شخصيتهم فنالوا ما نالوا من وظائف لا ينالها أبناء الرافدين.

يشارك الصينيون المجتمع العراقي إحتفالاته كالأعراس والمآتم، بل تخطوا ذلك إلى أنهم أصبحوا يفضلون في بعض الأحيان تناول (قيمر البتار) في الفطور الصباحي مع الشاي العراقي الناضج على الفحم بالمطعم الصيني، معتبرين ذلك وجبة غذائية دسمة، هم ناجحون إلى أبعد الحدود في الإندماج، فالصينيون وحتى الروس يفضلون تناول الكباب العراقي باستمرار، ويسعون بين الحين والآخر إلى قضاء أوقاتٍ طويلة في المطاعم الشعبية العراقية.

آثار سلبية
مع كل هذه المظاهر من إندماج العمالة الصينية والروسية وغيرها من العمالة الاجنبية داخل العراق، تقف الحكومة العراقية عاجزة عن مواجهة إنتشار العمالة الوافدة في مجال النفط، متناسية أن هناك آثاراً إقتصادية سلبية تترتب على انتشارها وأولها البطالة بين العراقيين، والحجة دائماً جاهزة وهي أن “وجودهم بات مهماً في سوق العمل العراقي”.

وإذا كان وجودهم مهماً حقاً، هل تحفظ الحكومة العراقية الحقوق المالية لمن تضبطه “صدفة” لإنتهاء تاريخ إقامته بالعراق وتسترجعها له من أصحاب العمل قبل الترحيل خارج العراق؟.. ومن جانب آخر هل تسعى الحكومة بشكل جاد لتقنين إدخال العمالة الأجنبية للعراق وفق ضوابط بصيغة لا ضرر ولا ضرار؟

طاقات مهدرة
إن العمالة الوافدة الآن تعمل في المستشفيات والفنادق ومدن الألعاب الخاصة وحتى المحال التجارية.. فماذا تبقى للعراقيين؟.. إن ترك الأمر دون رقابة ومتابعة وضوابط صارمة سيفاقم من البطالة التي يعاني من ويلاتها العراق فعلاً بأكثر من مليون ونصف المليون عاطل تقريباً، هم “قنبلة موقوتة” في وجه أي حكومة، وطاقات مهدرة في أي أمة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب