خاص : بقلم – أشرف أيوب:
كما كان “سدّ النهضة” الإثيوبي على “النيل الأزرق” المصدر الرئيس لمياه دولتي مصب نهر النيل؛ “مصر” و”السودان”، حلم لأنظمة الحكم المتعاقبة في “أديس آبابا” من مطلع الألفية تسّعى لتحقيقه، والذي لم يتحقق إلا بتجهيز البيئة المواتية لجعله أمرًا واقعًا، فكان توقيع إعلان المباديء الثلاثي الذي وقعه “السيسي” مع “ديسالين” و”البشير”؛ في 23 آذار/مارس 2015، بمثابة مسوٌغ لانطلاق “إثيوبيا” نحو بناء السدّ واستخدمته حتى وصلت لنهاية مرحلة الملء الرابع لبحيرة السدّ التي أعلن عن انتهائها “آبي أحمد”؛ رئيس الوزراء الإثيوبي، بنجاحٍ في تغريدةٍ له على موقع (إكس-X)؛ (مرفق صورة)، لتُصبح كمية المياه المخزنة بها نحو: 41 مليار م3، كانطلاق نحو المرحلة الأخيرة وهي الوصول لقدرته الاستيعابية المقررة: 74 مليار م3.
وأيضًا كان التنازل عن مصرية جزيرتي “تيران” و”صنافير” إلى السعودية المسوّغ لاتخاذ خطوات عملية نحو مشروع “قناة بن غوريون” التي طالما كان يحلم بحفرها ساسة الكيان الصهيوني بين “أم الرشراش”؛ (إيلات)، و”عسقلان”، للقضاء على “قناة السويس” والمكانة الاستراتيجية للدولة المصرية.. بعد تدويل “مضيق تيران” الذي ظل مغلق و”قناة السويس” رسّميًا أمام سفن العدو الإسرائيلي منذ إنشاء كيانه عام 1948 والنكبة حتى حرب عام 1956.. يدعمها المشروع العملاق “طريق التوابل”؛ (مرفق صورة)، الذي يقضي بإنشاء ممر اقتصادي يربط بين “الهند” و”أوروبا” مرورًا بالأمارات العربية والسعودية ثم الأردن ودولة الكيان الصهيوني، وهو المشروع الذي نتج عن اجتماع عُقد على هامش القمة (18) لمجموعة العشرين، في نيودلهي يومي 09 و10 أيلول/سبتمبر 2023م، وضم قادة كلاً من أميركا والهند والسعودية والإمارات العربية؛ والهدف إضعاف إيران وحصار الصين واستعادة السعودية إلى الطاعة في البيت الأبيض، مع أدوار مركزية لكلٍ من الهند وإسرائيل والإمارات العربية.. هذا الدور ظهر جليًا في الموقف المعادي للمقاومة الفلسطينية في غزة عقب (طوفان الأقصى) في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023م، التي أفشلت تلك المشاريع؛ حيث أن سكان قطاع غزة هم العائق لتحقيق حلمهم.
وعلى هذا المنوال قد أوجدنا المسوّغ والبيئة المناسبة لتحقيق حلم كيان عصابات الصهاينة؛ (إسرائيل)، الذي خط حروفه الأولى “غيورا آيلاند”، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في 13 كانون أول/ديسمبر 2004، أمام مؤتمر “هيرتسيليا” من خلال مشروع بخطة ظهرت للعلن عام 2009؛ وقد حدّث مشروعه مرتين الأولى عام 2012؛ والتي تبناها الأميركان وقد عرضها “جون كيري”؛ وزير الخارجية الأميركي حينها في 21 شباط/فبراير 2016، خلال قمة سرية في مدينة العقبة الأردنية جمعته مع رئيس الوزراء الصهيوني “نتانياهو” و”السيسي” و”عبدالله” ملك الأردن، كمبادرة سلام إقليمية تضم دول الخليج وتشمل اعترافًا بالدولة اليهودية واستئنافًا للمفاوضات مع الفلسطينيين. على أساس حدود دولية مفتوحة ومعترف بها بين العدو الصهيوني ودولة فلسطينية متواصلة على حدود 1967 مع تبادل للأراضي يتفق مع حل الدولتين، وحَل عادل ومتفق عليه وواقعي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وهي القمة التي وضعت خطة رسم خريطة المنطقة المستقبلية…
جوهر تلك الخطة استخلصه تحديث “آيلاند” الثاني؛ في 25 تشرين أول/أكتوبر 2020، خطة تستهدف إقامة دولة “غزة الكبرى” من خلال استراتيجية إسرائيلية كتبها في مقال من سبعة بنود:
أولاً: تعزيز الاعتراف بأن غزة دولة.
ثانيًا: الاعتراف بأن حكومة غزة ستُحدد من قبل سكانها (في هذه المرحلة، حماس هي الحاكم الشرعي).
ثالثًا: التأكيد على أن التبرعات التي تصل من أجل إعادة إعمار غزة لابد أن تُسلم إلى حكومة غزة.
رابعًا: الاشتراط بأن يتم استخدام التبرعات في بناء البُنى التحتية الخاصة بالكهرباء والمياه والصرف الصحي.
خامسًا: الموافقة على بناء ميناء في غزة.
سادسًا: زيادة كمية الكهرباء والمياه الواصلة للقطاع من الطرف الإسرائيلي إلى الضعف؛ حتى يتم الانتهاء من تجهيز البُنية التحتية بشكلٍ كامل.
سابعًا: ممارسة الضغط على المصريين للسماح للآلاف من سكان قطاع غزة للعبور إلى مصر؛ ومن ثم السماح لهم للعمل في الدول العربية.
وختم “إيلاند” مقاله: “تصريح محمود عباس؛ بأنه يُخطط لإلغاء اتفاقات السلطة مع إسرائيل يُشكل فرصة لصياغة سياسة إسرائيلية مستقلة تجاه غزة، ولا بد من التوقف عن اعتبار غزة والضفة بأنهما سيبقيان كيانًا سياسيًا واحدًا كما يرى الفلسطينيون”.
كان هذا المسوّغ إقامة واقع يُحاكي تلك الخطة؛ (مرفق صورة)، تحميه تشريعات، قوانين وقرارات لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، حتى جاء (الطوفان)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر في “قطاع غزة” ليضع المخطط الصهيوني والواقع المحاكي له في كادرٍ واحد.
وأيضًا تغيير لعقيدة الجيش بأن إسرائيل ليست عدو ومهمته هو الحفاظ على “اتفاق كامب ديفيد”؛ وملاحقة الأمنية الملحقة باتفاقية السلام “المصرية-الإسرائيلية”، ورفع درجة حرارة السلام من الفتور لحالة الدفيء إلى عقيدة أن العدو هو الإرهاب قضي عشرية في “الحرب عليه.. تزامن معها بالتوازي تعاون وتنسّيق أمني مع الصهاينة الذين يروا في المقاومة الفلسطينية في “غزة” أنها تنظيمات إرهابية، كان الإعلام المصري وقتها؛ وإلى الآن، يروج لها، وكان “أحمد موسى”؛ لسان حال الصهاينة على مدار العشرية، و”إبراهيم عيسى وخالد منتصر” أطول لسانان يُعبرا عن وجهة نظر الصهاينة في المقاومة الفلسطينية.
سأتناول الواقع الذي أصبح مسوّغ لفرض المخطط الصهيوني بالتفصيل من التهجير الأول تهجير السيناوية من “رفح” مصر وقراها إلى التهجير الثاني لملء الفراغ بتهجير الغزاوية إليها.