خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
شارك شيخ “الأزهر” مؤخرًا في خطة “البحرين” السياسية للتقريب بين المذاهب، وردد في أولى حلقات برنامجه التليفزيوني في شهر رمضان، شعار الوحدة. الغريب والعجيب أن شيخ “الأزهر” كان قد حذر على مدار السنوات الماضية من انتشار التشيَّع، ويعتبره خطرًا على أهل السَّنة؛ فلماذا يضخم هذه القضية ؟ وهل تغيرت (رغم المشاركة في مشروع التسامح الإماراتي) سياساته العملية ؟ وهل الوحدة التي يطرح، فارغة من مفهومها الواقعي ؟. بحسب ما استهل التحليل الذي أعده ونشره موقع (سياق) الإخباري-التحليلي الإيراني.
كغيرها من الكلمات في عالم الكلمات، التي تحتمل تأويلات مختلفة، لم تكن كلمة (الوحدة) بمأمن من هذا التحدي. وربما من الأفضل إن نستشهد بنموذجين، الأول: الوحدة في الاتحاد الأوربي بين الدول المسيحية؛ حيث شكلت هذه الدول، رغم الاختلافات المذهبية مثل الكاثوليك والبروتستانت، منتدى مسيحي مشترك يُعنى باتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية. ويمكن اعتبار هذا الاتحاد نموذجًا واضحًا على التحالف بين المذاهب المختلفة. الثاني: نوع آخر من الوحدة يقتصر فقط على عدم اصدار فتوة تكفير، أو بعابرة أخرى، الاعتراف بحق الطرف المقابل في الحياة فقط، دون وجوده بالمجتمع.
الوحدة في خطاب ونهج “الطيب”..
يجب أن نضع خطاب شيخ الأزهر تحت ميكروسكوب الانصاف؛ حتى يتسنى لنا فهم طبيعة موقفه من الوحدة. تشدد هذه الشخصية الإسلامية في خطابها على ضرورة الوحدة مثل:” الاختلاف بين الشيعة والسنة في الفكر” وأضاف:” وكما كان بين الصحابة من اختلافات كثيرة، إلا أن أحدهم لم يكفر الآخر، من هذا المنطلق يجب علينا أن نحكم بتكفير الشيعة”.
هذه النظرة للوحدة تتناغم وخطاب شيخ الأزهر في العقد الأخير، ذلك أن الخوف من انتشار التشيع، وعدم التعاون المؤثر مع قادة العالم الشيعي حتى في مشاريع صغيرة، يثبت أن عدم الحكم بالتكفير، هو منتهى أفق هذه الشخصية للوحدة مع الشيعة. هو على استعداد للتعاون في مشاريع كبيرة مع بابا الفاتيكان، لكنه لا يعترف بمثل هذا الوزن للشيعة.
الوحدة في خطاب النظام الإيراني..
في المقابل، فالوحدة في سياسات الجمهورية الإيرانية وخطابات المرشد الأعلى للثورة واضحة، وتتجاوز منذ البداية الحديث عن عدم التكفير. وفي هذا الصدد صرح المرشد الأعلى:” أن يعرفون بعضهم، ويفكرون معًا، ويقررون معًا، تلك هي مشكلتنا الكبرى اليوم، أن يقررون معًا”. وقال مرجع العالم الشيعي في خطاب آخر:” المراد من الوحدة، هو الوحدة في المحافظة على مكاسب الأمة الإسلامية. علينًا أولًا تحديد مصالح الأمة الإسلامية، بعد ذلك سوف تتفق الشعوب معًا”. وقال في خطاب آخر:” وحدة المسلمين واتحادهم ليست مسألة تكنيكية؛ فالبعض يتصور حاليًا أن علينا الاتحاد بسبب الأوضاع الخاصة. لا، هذه مسألة مبدأ، وتكاتف المسلمين ضروري”.
خطوة للبدء..
يتعين على رواد الوحدة والتقريب بين المذاهب في المجتمع الشيعي، وكذلك من يحاولون مع أهل السنة من أجل الوحدة، إدراك مفهوم الوحدة في الحلول السياسية العامة للطرف المقابل. يجب أن نتجاوز بجرأة مستوى قبول عدم التكفير، والمطالبة بتشكيل مجلس لاتخاذ القرارات الدينية العامة فيما يخص المكاسب المشتركة للعالم الإسلامي. على سبيل المثال، كان هناك شعور الفراغ، من عدم إدانة قادة الحوزات العلمية في قم والنجف، وشيخ الأزهر بشكل مشترك، اعتداءات الكيان الصهيوني الأخيرة على قطاع غزة. بعبارة أخرى، هناك على الأقل اشتراك في سياسات كلا الطرفين من هذه المسألة، والموقف المشترك قد يتبعه الخطوات الأولى للوحدة؛ رغم أنه لا يبدو أن شيخ الأزهر ليس على استعداد لإبداء مثل هذه المرونة الفكرية.