خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
تعرض اللبنانيون إلى حادث عجيب، تفجيرات ليست كالعادة، فلم تسقط منشأة ولم تتعرض إحدى الشخصيات البارزة للإغتيال، وإنما كانت التفجيرات هذه المرة صغيرة لكن كثيرة ومتوالية بالمنازل، والمحلات، والسيارات، والأزقة والشوارع وغيرها ! .. بحسّب “محمد سامان اقدامي”، بمقاله التحليلي المنشور على موقع (سياق) التحليلي الإيراني.
وللوهلة الأولى كان الناس في صدمة حتى اتضح أن أجهزة (البيجرز) الملوثة انفجرت، وتنبع أهمية هذا الحادث العجيب وغير المسّبوق على عدة نقاط كالتالي:
01 – في العام 2008م؛ دان (حزب الله) بشدة؛ تورط “فؤاد السنيوره”، رئيس وزراء “لبنان”، آنذاك، في تعطيل شبكة اتصالات الحزب، ووصف هذه الشبكة بالسلاح.
وبعد هذا الحادث بسبعة أشهر؛ استخدم الحزب سلاحه في “لبنان” للمرة الأولى خلال العقد العشرين، وهو سلاح لطالما استخدمه ضد “إسرائيل” والأعداء الخارجيين.
02 – أحجية دقيقة: عمليات (البيجرز) وما تلاها من أحداث؛ يكشف عن تخطيط أمني دقيق، شمل أحجيات ومراحل مختلفة، الأولى: تلويث أجهزة (البيجرز)، ثم تحديد ساعة الصفر والتفجير. الثانية: تحديد عناصر (حزب الله)، بل إن بعض هذه العناصر تعرض للاستهداف ولم يكن يملك جهاز (بيجر)، وهو ما يعني أن العملية لم تُركز على العناصر العادية بالحزب وإنما طالت العناصر المهمة في عملية التواصل الداخلي.
وبغض النظر عن أن “لبنان” دولة صغيرة، فإن تحديد شخص يمكن أن يوصل إلى شبكة كبيرة من الأفراد المتصلين به. وبعد تحديد ساعة الصفر انفجرت أجهزة (البيجرز) ونشرت الصور التي التقطها كاميرات الهواتف المحمولة والدوائر التليفزيونية المغلقة.
بالإضافة طبعًا إلى الجواسيس المتواجدين في “لبنان” وصوروا العملية من خلال التواجد في أماكن التفجيرات.
ولم تنتهي القصة عند هذا الحد، فلم تكد تمر ساعات على الحادث حتى بدأت سيول اتصالات اللبنانيين بالأصدقاء والأقارب في الحزب للاطمئنان، ما أتاح فرصة لأجهزة التنصت الإسرائيلية للتعرف على المزيد من أعضاء (حزب الله)، وبلغ الأمر أن وسائل التواصل الاجتماعي للحزب طلبت إلى اللبنانيين التوقف عن الاتصال.
03 – التغيير في نوعية وكمية العمليات الأمنية: هذه العمليات الأمنية غير المسّبوقة؛ تعكس شكل ومستوى جديد من علميات التجسس الإسرائيلية.
وبالعادة تقوم “إسرائيل” في العمليات الأمنية بتحديد الشخص أو الأشخاص المستهدفين، ثم ترصد من خلال الجواسيس المحليين وكذلك التكنولوجيا المتطورة، الهدف وتقوم بالعملية في ساعة الصفر، لكن هذه العملية تقدم النفوذ الأمني الإسرائيلي عدة مراحل؛ حيث لم تكن بحاجة كبيرة إلى الجواسيس لاستهداف شبكة اتصالات (حزب الله)؛ والتي تعرضت للتلوث.
ووفق نظرية (الفيل والبعوضة)؛ ضربت “إسرائيل” هذه المرة أهداف قليلة، لكن الأهم النوعية. وقد ركزت “إسرائيل” هذه المرة وعلى عكس أغلب هجماتها الأمنية على أهداف نوعية.
04 – تضامن شعبي نسّبي: من الأحداث الخاصة التي تلت حادث تفجير (البيجرز)، تضامن فئات الشعب اللبناني المختلفة مع المستهدفين.
وعلى مدار ثمانية أشهر لم يحظى (حزب الله) والمقاومة بالتضامن اللازم من جانب بعض فئات المجتمع اللبناني، وقد برز هذا الأمر بطرق مختلفة، بداية من عزوف (حزب الله) عن الدخول في الحرب وحتى رفع لافتات: (لبنان لا يريد الحرب)، وعدم تقديم العزاء في استشهادة قادة الحزب.
لكن في أعقاب هجوم (البيجرز) أعرب الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية اللبنانية عن التضامن مع الجرحى والمصابين.
05 – حر أمنية أم كعب أخيل “محور المقاومة”: شئنا أم أبينا فقد تحولت الحرب الأمنية إلى كعب أخيل (محور المقاومة).
ذلك أن ضعف “إسرائيل” في الحرب العسكرية المفتوحة، وعدم رغبة المجتمع الدولي؛ وخصوصًا “الولايات المتحدة الأميركية”، لاندلاع هكذا حرب، حمل “إسرائيل” لانخراط في المواجهات الأمنية. والتي تصب في بعض المراحل بصالح “الكيان الصهيوني” المحتل.