“سياق” الإيراني يرصد علاقة .. “السيسي” وخصخصة أملاك الأوقاف

“سياق” الإيراني يرصد علاقة .. “السيسي” وخصخصة أملاك الأوقاف

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

كانت الحكومة المصرية قد بدأت تنفيذ مشروع السيّطرة على الحد الأقصى من أرصدة الأوقاف بهدف تطويرها نفوذها واحتواء مؤسسة “الأزهر”؛ وتعتزم إسنّاد أملاك الأوقاف إلى القطاع الخاص الداعم للحكومة. بحسب ما استهل تقرير أعده ونشره مركز (سياق) الإيراني.

الأمر الذي أثار مخاوف النخبة المصرية، بشأن الاستفادة من هذه الخطوة في تبديل الأرصدة العامة للأجهزة الدينية إلى أخرى خاصة لأنصار “السيسي”. بعبارة أخرى، يحصَّل “السيسي” على هدفين بقانون واحد: السيّطرة على ممتلكات الأجهزة الدينية، وتقوية أنصاره ماليًا.

وقد أعلن رئيس الوزراء المصري بُنية إحصاء ممتلكات الأوقاف بدقة، تمهيدًا لإسنادها إلى القطاع الخاص، الأمر الذي أثار مخاوف الخبراء الاقتصاديين، والقانونين، وبعض نواب “البرلمان المصري”.

هذا الموضوع أثار باستمرار الجدل منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حيث اعترف وزير الأوقاف آنذاك؛ في جلسة رسمية، باستشراء الفساد في إدارة أملاك الأوقاف.

حجم أرصدة الأوقاف..

الإحصائيات المَّعلنة عن أرصدة الأوقاف متباينة، ويعزّو الخبراء هذا التباين إلى عدم وجود تقديرات دقيقة، وارتفاع معدل التضخم، والتراجع الشديد في قيمة الجنيه المصري إزاء الدولار خلال السنوات الأخيرة.

واستنادًا إلى تصريحات المسؤولين في “وزارة الأوقاف”؛ خلال الفترة: (2023-2024م) تتجاوز قيمة أرصدة الأوقاف الكلية: الـ (03) تريليون جنيه مصري أي ما يعُادل: (60.3) مليار دولار.

وفي العام 2018م؛ أعلن الرئيس المصري؛ “عبدالفتاح السيسي”، أن عدد العقارات الموقوفة بلغ: (114) ألف قطعة، وأن قيمة الأرصدة تتجاوز: الـ (180) مليار جنيه مصري، كذلك قدّر مساحة الأراضي الزراعية الموقوفة بنحو: (210) ألف هكتار.

وتُقدّر العقارات الموقوفة بنحو رُبع عقارات الدولة..

وتنشط “الأوقاف المصرية” في مجالات مختلفة، وتسعى للاستثمار في المجالات المتنوعة، وتشمل هذه الأنشطة:

01 – العقارات والأراضي: وتشمل الوحدات السكنية، والتجارية، والأراضي الزراعية والبّور.

02 – الاستثمارات المالية: وتشمل امتلاك أسهم في بعض البنوك والشركات، وكذلك شراء المصانع والشركات.

كما تعمل “الأوقاف المصرية” على الاستثمار في قطاعات البناء، وإنتاج الدواجن والماشية، والتعدين، والخدمات المالية والتأمين، والزراعة، الصناعات البلاستيكية والخشبية والغذاء والدواء، الفندقة، الكهرباء والطاقة الجديدة، والمطاعم، والسياحة، واللوجستيات.

وتُكلف “هيئة الأوقاف”؛ باعتبارها هيئة حكومية تعمل تحت إشراف “وزارة الأوقاف”، بإدارة هذه الموقوفات.

وقد كشف الرئيس السابق للهيئة عن تعطل مشروع الإحصاء الدقيق لأملاك الأوقاف بسبب تقاعده. وهو ما يعكس عدم هيكلية المشروع.

ما مقدار الشفافية ؟

يعتقد “أحمد خزيم”؛ الخبير الاقتصادي المصري، في وجود اختلاف بين التقديرات الرسمية وغير الرسمية، وهو ما يعكس عدم الشفافية، فالوزارة تتحدث عن تريليون، بينما تتحدث المصادر الأخرى عن (03) تريليون، وقال: “تمتلك هيئة الأوقاف نحو نصف مليون فدان أرض، لكن الوزارة تؤكد سيطرتها على: (420) ألف فدان فقط، ما يعني وضع بعض الأفراد والهيئات يدها على: (80) ألف فدان. كذلك تمتلك هيئة الأوقاف: (120) ألف وحدة سكنية، وعقارات في الخارج: كالسعودية، وتركيا، واليونان”.

وحذر من اسنّاد هذه الممتلكات دون إطار قانوني، بما يُزيد من احتمالات الفساد المالي والتجاوزات القانونية، وأضاف: “لا تملك الحكومة حق التصرف في هذه الأموال، وتقتصر مهمتها على إدارتها طبقًا لشروط الواقفين”.

بدوره؛ حذر “عبدالنبي عبدالمطلب”، أستاذ الاقتصاد السياسي، من إمكانية تحول هذه الخطوة إلى غطاء لخصخصة الأوقاف، أو بيعها لتعويض عجز الدولة، وقال: “بيع أو تأجير الأملاك، هو انتهاك لقانون الوقف، وقد يؤدي إلى تقدم الورثة أو أصحاب الحقوق بالشكوى”.

وحذر: “تحويل الأوقاف لأصول نقدية بدلًا من أعيان ثابتة يُضعف قدرتها على مواجهة التضخم وتقلبات السوق”.

وتعجبت “سناء السعيد”؛ عضو “مجلس النواب” المصري، عن الحزب (الديمقراطي الاجتماعي)، عدم طرح هكذا ملف على البرلمان، وقالت: “قرار فردي صدَّر دون نقاش نيابي أو حوار مجتمعي؛ علمًا أن الأوقاف ملكية خاصة لا يجوز التصرف فيها دون مراعاة شروط الواقف”.

وأشارت إلى وجود أكثر من: (40) ألف مخالفة بأملاك الأوقاف، وطالبت بحصّر المخالفات واستردادها قبل التفكير في اسنّادها للقطاع الخاص.

واقترحت إنشاء صندوق وقفي مستقل يُحافظ على أهداف الواقف الشرعية، وربط العوائد بمشاريع تنموية عامة في التعليم والصحة ومكافحة الفقر.

وقال “محمد مرسي”؛ مساعد وزير الخارجية الأسبق: “الأوقاف ملكية شخصية، وليست حكومية. وقد أوقف أهل الخير أموالهم في طريق الخير، وليس من حق أي حكومة التغيير في هذه الأهداف”.

الرؤية الشرعية..

يقول الشيخ “سلامة عبدالقوي”؛ وكيل “وزارة الأوقاف” سابقًا: “الوقف من منظور الشريعة الإسلامية، عمل شريف لا يجوز التعدي عليه، وتحظى شروط الواقف بالأهمية تمامًا كالنصوص الشرعية. أموال الوقف ليست ملكية عامة، وإنما تبرعات خاصة موقوفة لأغراض خيرية محدَّدة. وأي تجاوز لشروط الواقف هو بمثابة خيانة دينية وشرعية واضحة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة