اتهم نواب وخبراء في الشأن الإعلامي قناة “العراقية” المملوكة للدولة، بمشاركتها في الشحن الطائفي المتصاعد منذ ايام بين عدد من الفضائيات المحلية والعربية حول تغطية حادثة مقتل العشرات من المعتصمين في مدينة الحويجة وتداعياتها.
وجاءت الاتهامات بعد عرض “العراقية” لتسجيل فيديو يظهر صور الجنود الخمسة الذين قتلوا يوم السبت قرب ساحة الاعتصام في الرمادي، وبثت العراقية صور الجثث التي تعرضت الى تشويش وقامت بإعادة بثها اكثر من مرة في اوقات الذروة الاعلامية وفي نشراتها الاخبارية الرئيسية، بدون ”تحذير لمحتوى التسجيل او تنبيه للاطفال بعدم مشاهدة الفيديو”، ما دفع مراقبين للشأن الإعلامي الى اتهام القناة الممولة من المال العام “بخدمة توجهات رئيس الحكومة نوري المالكي”.
وقررت هيئة الاعلام والاتصالات امس تعليق عمل 10 قنوات فضائية من ضمنها مكتب قناة الجزيرة في العراق وقناة واحدة “دينية شيعية” بسبب ما اعتبرته “تبني خطاب طائفي” رافق أحداث الحويجة، وأكدت أن تلك القنوات عملت على “تمزيق” نسيج العراق الاجتماعي من خلال التحريض على العنف والكراهية الدينية والدعوة إلى ممارسة أنشطة “إجرامية انتقامية”.
وقال عضو كتلة الاحرار النيابية امير الكناني في تصريح الى “المدى” امس ان “قناة العراقية انزلقت في منحدر رد الفعل على بعض الفضائيات التي تظهر استخدام الحكومة للعنف في تعاملها مع المحتجين في الحويجة وباقي المناطق الغربية”.
واضاف ان تعليمات سابقة صدرت بمنع الفضائيات من نقل صور العنف او مشاهد القتل، مؤكدا ان الكثير من القنوات الفضائية التزمت بالتعليمات، لافتا ان “العراقية وقعت في المحظور وبالغت في ردة فعلها ضد القنوات التي تعارض توجهات الحكومة”.
وابدى الكناني تحفظ كتلته على اداء “شبكة الإعلام العراقي” ومن ضمنها قناة العراقية واعتبرها “قناة حكومية تخدم المالكي وحزب الدعوة”، مؤكدا أن “قناة العراقية استخدمت المال العام في تلميع بعض الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء، وتتحكم الحكومة بالمواد التي يتم عرضها وبالشخصيات التي يتم استضافتهم في البرامج الحوارية ونشرات الاخبار”.
واتهم الكناني شبكة الاعلام أيضا بتثقيف الناخب خلال فترة ما قبل الانتخابات لصالح قائمة رئيس الوزراء، كاشفا عن مقترح كان يقضي باغلاق القناة قبل ثلاثة اشهر من الانتخابات على ان يعاد افتتاحها بعد انتهاء الاقتراع.
الى ذلك اتهم النائب عن كتلة الاحرار هيئة الإعلام والاتصالات أيضاً التي استثنت قناة العراقية عن اي تنبيه او انذار حتى الان، على رغم ان الهيئة اصدرت امس بيانا منعت فيه عشر وسائل اعلام عربية ومحلية عن العمل”، مؤكدا ان “هيئة الاعلام تحتاج الى مراجعة في عملها لاسيما وان اعضاء في مجلس الامناء غير متواجدين في العراق ورواتبهم تصلهم الى مكان اقامتهم في الخارج”.
الى ذلك اعتبر مدير مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي في تصريح الى “المدى” امس ان “قناة العراقية حرضت على العنف وخرقت خصوصية القتلى”، مؤكدا ان “الفيديو الذي ظهر على القناة لا يمكن عرضه لأنه ينافي المواثيق الدولية والمهنية”.
واضاف ان “الحكومة بسيطرتها على هذه القناة افقدتها المهنية في العمل”، منتقدا في الوقت نفسه قرار هيئة الاعلام والاتصالات بغلق القنوات الفضائية، مؤكدا ان “التطويق الأمني على ساحات الاعتصام جعل بعض القنوات يذهب للاعتماد على مصادر غير رسمية وغير موثوقة لتغطية أخبارها”. واعلن عضو لجنة حقوق الانسان النيابية اسامة جميل رفضه لما قامت به قناة العراقية والقنوات الاخرى من عرض صور مؤلمة للقتلى ومشاهد العنف”، واعتبر في اتصال مع “المدى” امس ان “تلك الصور تعد انتهاكا صريحا لحقوق الانسان”، مطالبا جميع القنوات “بعدم عرض مشاهد القتل والعنف”.
واوضح بيان صدر عن هيئة الاعلام والاتصالات امس بان قرار اغلاق القنوات الفضائية اتخذ “درءا للمخاطر المترتبة على الرسائل الإعلامية المتشنجة وغير المنضبطة التي تجاوزت كل الحدود والمستويات المهنية التي تحتم على وسائل البث التزامها باعتبارها الهوية المهنية التي تسهم في خلق فضاء وطني يعزز روح الانتماء والولاء للبلد”.
ورأت الهيئة ان “الخطاب والمضمون الذي ترتب على التغطيات التي انتهجتها قنوات (بغداد، الشرقية، الشرقية نيوز، البابلية، صلاح الدين، الانوار2، التغيير، الفلوجة، الجزيرة، الغربية) تحريضا وتصعيدا اقرب الى التضليل والتهويل والمبالغة منه الى الموضوعية لما حمله من دلالات واضحة بالدعوة الى الإخلال بالنظام المدني والعملية الديمقراطية”.