خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن الوضع الاقتصادي في “تركيا” ما زال يسير نحو الإنهيار، فقد رصد تقرير صحافي مغادرة رؤوس الأموال الأجنبية لـ”تركيا”، خلال الفترة بين 24 و31 من كانون ثان/يناير 2020، ببيع أوراق مالية بقيمة 313.3 مليون دولار.
وخلال العام الأخير؛ باع المقيمون في الخارج أوراق مالية بقيمة 1.266.1 مليون دولار وسندات ديون حكومية بقيمة 3.318.5 مليون دولار، وبهذا غادرت 4.584.6 مليون دولار سوق الأوراق المالية التركي، بحسب ما ذكرت صحيفة (زمان) التركية.
واعتبارًا من 31 كانون ثان/يناير الماضي؛ بلغت حصة الأجانب من سوق الأوراق المالية، 60.5%، بعدما كانت تبلغ هذه النسبة، في الأسبوع السابق، 61%.
وفي ختام عام 2019؛ كانت حصة الأجانب تبلغ 60.9%، بعدما كانت تبلغ في العام السابق 6%.
مواطن تركي يُحرق نفسه..
بالتزامن مع ذلك؛ أقدم مواطن تركي على حرق نفسه بمحافظة “هاتاي” التركية، بسبب فقره وعجزه عن توفير ما يكفي لتلبية احتياجات أسرته وأطفاله، بحسب ما نشرته وسائل إعلام تركية، حيث وقع الحادث أمام مبنى “محافظة هاتاي”، حيث ذكرت صحيفة (برجين خبر) التركية أن المواطن “أ. ي”، صرخ فى المارة أمام المبنى؛ قائلاً: “أطفالي جائعين”، ليُقدم بعدها على حرق نفسه ليفارق حياته قبل أن ينجح المسعفين في إنقاذه.
وتعددت حوادث الانتحار بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية في “تركيا”، خلال الأشهر القليلة الماضية، في ظل موجة غلاء وإرتفاع لمعدلات التضخم غير مسبوقة، في العقود الأخيرة، في البلاد.
وتعقيبًا على الحادث؛ ذكر نائب رئيس (حزب الشعب الجمهوري)، “تونجاي أوزكان”، بمقطع فيديو كان يتحدث فيه الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قبل سنوات؛ عن أن الحكومة هي السبب في سوء وضع البلاد الاقتصادي.
وقد شارك “تونجاي أوزكان” في منشورًا كتب فيه كلمات المواطن الذي توفي بعد أن أحرق نفسه بسبب البطالة: “أطفالي جائعين، أريد عمل ألا تفهمون ؟”، ومعه فيديو للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، يتحدث فيه، قبل سنوات، يقول: “إذا كان المواطن يجمع رزقة من القمامة، ويجمع المخلفات من الأسواق، ويصرخ في الميادين: أنا جائع، ولا يستطيع دفع إيجار المنزل وفواتير الكهرباء والماء، فإن الحكومة هي من جعلت البلد في تلك الوضع”.
سياساته أفقدته شركاؤه..
في إطار ذلك؛ قال الدكتور “عمرو صالح”، أستاذ الاقتصاد السياسي ومستشار البنك الدولي السابق، إن السياسات الاقتصادية والعسكرية التي إنتهجها الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أثرت على الصورة الذهنية التي كانت “تركيا” تتمتع بها في العالم، كشريك تجاري لـ”أوروبا” والكثير من الشركات الدولية الكبرى.
مضيفًا أن “تركيا” كانت تقدم نموذجًا صناعيًا طيبًا، لكن ما يحدث اليوم في البلاد لم يُعد “طيبًا” على الإطلاق، حيث بات الاقتصاد التركي يعاني من ارتفاع قياسي في مستويات البطالة.
وتابع؛ أن البطالة ترهق البلاد بشكل كبير، كما أن الجهاز المصرفي أصبح يترنح ويعاني من زيادة الديون، كما أرتفعت نسبة التضخم، وزيادة عجز الموازنة إلى أرقام قياسية.
وأردف؛ أن “تركيا” فقدت شركاء إستراتيجيين، كما أن علاقاتها الخارجية لم تُعد متوازنة، حيث تتحالف أحيانًا مع “الولايات المتحدة الأميركية”، و”روسيا” في أحيان أخرى، ثم تتوافق مع “إيران” ومرة مع “قطر”، كما فقدت “مصر والسعودية والإمارات”.
أعطى الأولوية للحرب..
وهاجم زعيم المعارضة التركية، “كمال قليغدار أوغلو”، السياسات الخارجية لنظام الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، وحزبه (العدالة والتنمية) الحاكم، معتبرًا أنها أعطت أولوية للحرب لا السلام وتسببت بالعداء مع العديد من الدول.
وتسببت “تركيا” في تعقيد الأزمة السورية بإرسالها تعزيزات عسكرية إلى محافظة “إدلب”؛ لوقف التقدم السريع الذي حققه الجيش السوري.
وأدى القتال في “إدلب” إلى زعزعة التعاون الهش بين “تركيا”، التي تساند معارضين كانوا يطمحون ذات يوم في الإطاحة بالرئيس السوري، و”روسيا”، التي ساهم دعمها لـ”الأسد” في استعادة سيطرته على أغلب أراضي البلاد.
وخلال مشاركته في فعالية بـ”إسطنبول” لـ (حزب الشعب الجمهوري)، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أشار “قليغدار أوغلو” إلى أن هناك 5 مشكلات رئيسة تواجهها “تركيا”؛ أبرزها الديمقراطية، بحسب صحيفة (يني جاغ).
وذكر المعارض التركي أن بلاده تواجه مشكلات أبرزها؛ تراجع الديمقراطية لمستويات خطيرة، وأزمات أخرى في الاقتصاد والسياسة الخارجية والتعليم والسياسات الاجتماعية.
وتابع “كمال قليغدار أوغلو”: “غير أن مشكلة تركيا الرئيسة هي تراجع الديمقراطية؛ إذ لا يمكن سجن الناس بسبب حرية الرأي”.
وأضاف: “قبل 100 عام من الآن؛ كانت هناك حرية تعبير أفضل بكثير من الآن، ففي قلب البرلمان كان للجميع حرية قول آرائهم، وكان بإمكانهم انتقاد، مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية، بكل أريحية دون أن يكون هناك قمع أو مصادرة للآراء كما يحدث الآن”.
واستطرد قائلًا: “والآن، وبعد 100 عام تلقت الديمقراطية ضربات قاتلة؛ إذ نراها تنزف أمام أعيننا.. لكن بكل تأكيد سنعيد لهذه البلاد الديمقراطية المفقودة منها”.
وعن أسباب تردي نظام التعليم في “تركيا”، قال “قليغدار أوغلو”: “تراجع هذا النظام بسبب تغيره كلما تولى وزير جديد”، متهمًا نظام “إردوغان” بتدمير أجيال في البلاد بسبب “نظام تعليمي عفّى عليه الزمن”.
وبحسب “قليغدار أوغلو”؛ فإن سبب المشاكل الاقتصادية يكمن في عدم الإنتاج، قائلًا: “الحل أن نُنتج كل شيء ونتوقف عن الاستيراد”.
وعن مقترحاته بخصوص السياسات الاجتماعية؛ قال “قليغدار أوغلو”: “يجب علينا بناء دولة اجتماعية ذات مقومات قوية”.
وحذر من: “دخول اللاجئين من سوريا إلى تركيا، لأن من بينهم إرهابيين”، مختتمًا حديثه: “نعيش نتائج سياسات البلاد مع اللاجئين جنبًا إلى جنب مع 82 مليونًا”.
انخفاض شعبية “إردوغان”..
ووفقًا لاستطلاع رأي جديد نشرته وسائل إعلام تركية. وأظهرت نتائجه شركة “Pollster Metropoll” أن رضا الجمهور التركي عن “إردوغان”، انخفضت بمقدار نقطتين تقريبًا، منذ كانون أول/ديسمبر 2019، من 43.7 بالمئة إلى 41.9%، في كانون ثان/يناير من هذا العام.
ويعتقد الخبراء أن الأسباب الأساسية الكامنة وراء تراجع دعم “إردوغان”؛ كانت بسبب الممارسات الاستبدادية والاستيلاء على السلطة، والتي كانت تُدمر المؤسسات الديمقراطية في البلاد.
وألقى “بيرك إسين”، وهو أكاديمي في العلاقات الدولية بجامعة “بيلكنت” في “أنقرة”، باللوم على انخفاض ثقة الناخبين في تدهور حالة الاقتصاد والأزمات الأخرى في الداخل والخارج.
وتابع أنه على مدار العامين الماضيين، ضعفت “الليرة” التركية بنسبة 36% وتراجعت الاستثمارات في البلاد بسبب مخاوف من تدخل الدولة في الاقتصاد وزيادة المخاطر الجيوسياسية.
وقال “إيسن”: “على الرغم من أن الحزب الحاكم لجأ في الماضي إلى تسييس الأزمات لتعبئة المؤيدين ضد المعارضة، فإنه فيما يبدو لم يُعد لديه القدرة على معالجتها بفعالية”.
التدخل العسكري بسوريا يُثير القلق..
وأضاف: “يشعر العديد من الناخبين بأن (حزب العدالة والتنمية) الحاكم لم يتعامل مع الزلزال الأخير، في محافظة إيلازيغ الشرقية، أو الأزمة الاقتصادية بشكل جيد، كما يشعرون بالقلق من أن التدخل العسكري التركي في سوريا لم ينجح في تحقيق أي إنجازات ملموسة”.
وأكد على أن آثار الهجوم المميت الأخير على القوات التركية في محافظة “إدلب”، شمال غرب “سوريا”، حالة واسعة من الجدال حول ضرورة الوجود التركي في ساحات القتال التي يسيطر عليها المتمردون في “سوريا”.
وقال “إيسن” إن هذه القضايا؛ إلى جانب الشعور المتزايد بالمحسوبية والفساد، استنزفت دعم (حزب العدالة والتنمية). وقد أدت فضيحة الفساد الأخيرة، التي شملت “الهلال الأحمر” التركي، إلى تشويه سمعة الحكومة.
وكشفت بيانات المسح أن نسبة الموافقة على أداء “إردوغان” بلغت ذروتها مع 48%، في تشرين أول/أكتوبر الماضي، عندما أمر بشن هجوم على شمال شرق “سوريا” ضد الميليشيات الكُردية السورية في المنطقة. إنتهت العملية التي استمرت تسعة أيام بإثنين من الاتفاقيات المنفصلة مع كل من “واشنطن” و”الكرملين”.
وكشفت أرقام الاستطلاع أن حوالي 82.3% من الناخبين من (حزب الشعوب الديمقراطي)، المؤيد للأكراد، و87.4% من أنصار (حزب الشعب الجمهوري)، حزب المعارضة الرئيس، و83.3% من ناخبي (حزب الخير)، المعارض، غير راضين عن قيادة “إردوغان”. ومع ذلك، خلال الأزمات السياسية، مثل محاولة الانقلاب الفاشلة، في عام 2016، كانت معدلات تأييد “إردوغان” مرتفعة بشكل عام.
تغيير النظام الرئاسي..
وأظهر استطلاع منفصل، أجراه (حزب الشعب الجمهوري) التركي؛ أن 40 في المئة من ناخبي “إردوغان” شعروا أن النظام الرئاسي في البلاد يحتاج إلى تعديل، في حين طالب 54 في المئة من أنصار (حزب الحركة القومية)، الحليف القوي لـ (حزب العدالة والتنمية)، بتغيير النظام.
“أكرم إمام أوغلو” أكبر منافسي “إردوغان”..
وكشفت أحدث نتائج استطلاع أجراه “Themis Research”، والذي صُدر في أوائل شباط/فبراير الجاري، أن “أكرم إمام أوغلو”، عمدة المعارضة المنتخب حديثًا في “إسطنبول”، الذي يُعد منافس لـ”إردوغان”؛ بفضل خطابه السياسي الشامل والكاريزما التي يتمتع بها، تصدر الاستطلاعات بحصوله على نسبة تأييد بلغت 49 بالمئة بين الناخبين. وتلاه رئيس البلدية المعارض، “منصور يافاس”، (47 في المئة)، ثم “إردوغان”، (42 في المئة)، في المركز الثالث.
ويتمتع رؤساء البلديات المعارضون في “تركيا”، الذين فازوا بأكبر مدن البلاد في الانتخابات الأخيرة، بمعدل متزايد من الشعبية، ويرجع ذلك بشكل أساس إلى الأولوية التي خصوصها للشفافية ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى إدانتهم لأخطاء الحكومة في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
وقال “إيسن”: “إن الإدارة الفعالة لرؤساء البلديات المنتمين لـ (حزب الشعب الجمهوري) في البلديات الحضرية؛ تُعطي الأمل للناخبين بأنه قد يكون هناك بديل سياسي للحزب الحاكم”، وأضاف أن “إردوغان” ظل أكثر شعبية من حزبه، لكنه فقد بعض الدعم في العام الماضي، إلى جانب إرتداد شعبيته بعد العملية التركية الأخيرة في “سوريا”.
تفريق مظاهرة مناهضة لقناة “إسطنبول”..
كشفت وسائل إعلام تركية النقاب عن أن الشرطة التركية تدخلت من أجل تفريق مجموعة من المتظاهرين الذين تجمعوا في وسط “إسطنبول” للاحتجاج على مشروع (قناة اسطنبول)، التي يعتزم الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، تدشينها على الرغم من معارضة الأحزاب والعلماء في “تركيا”.
وتم تنظيم المظاهرة في منطقة “كاديكوي” بـ”إسطنبول”، وتدخلت فرق الشرطة لتفريق المتظاهرين أمام “أوبرا سريا” في منطقة “كاديكوي”، بـ”إسطنبول”، حيث تجمع المئات أمام دار أوبرا.
وفي عام 2011، أعلن “إردوغان”، عن مجموعة من المشروعات تتضمن “مطار إسطنبول” الجديد، الذي افتُتحت المرحلة الأولى منه، في نيسان/أبريل 2019، بعد نقل رحلات “مطار أتاتورك” إليه. وتبلغ تكلفته 12 مليار دولار، حصلها من ضرائب فرضت على الشعب التركي، والمشروع الثاني هو مد طريق بري بطول الغابات الواقعة على ساحل “البحر الأسود”، وصولًا إلى المطار الجديد، بهدف جلب البضائع من “أوروبا” و”آسيا”.
لكن المشروع الأكبر والأكثر إثارة للجدل هو “قناة إسطنبول”، وهي مجرى مائي موازي لـ”مضيق البوسفور”، على بُعد 30 كيلومترًا منه في إتجاه الغرب. وتُقدر التكلفة المبدئية للمشروع بحوالي 15 مليار دولار، وهو ما يرفضه الأتراك.
تمتد القناة في غرب البلاد لتربط “البحر الأسود” في الشمال بـ”بحر مرمرة” في الجنوب، بطول 45 كيلومترًا، وعمق 25 مترًا. ويبلغ عرضها حوالي 400 متر، ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومترًا واحدًا.