سيادة “كشمير” .. السر وراء الاشتباكات المسلحة “الهندية-الباكستانية” !

سيادة “كشمير” .. السر وراء الاشتباكات المسلحة “الهندية-الباكستانية” !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

“الهند” و”باكستان”.. أشقاء في قارة آسيا يمتلكا أسلحة نووية وصاحبي تاريخ طويل من الصراع المسلح، يرأسهما أثنان من رؤساء الوزراء يواجهان ضغطًا داخليًا لإعلان العمل العسكري كلاً ضد الآخر؛ كرد فعل حول منطقة جبلية ثلجية ترغب كل من البلدين لاحتلالها لأكثر من 70 عامًا.

اشتبكت المقاتلات الباكستانية والهندية، يوم الأربعاء 28 شباط/فبراير 2019، في مناورة فوق الأراضي التي تسيطر عليها “الهند” في ولاية “غامو” و”كشمير” الحدودية المتنازع عليها، حيث أسقطت طائرة هندية واحدة على الأقل، وأستولت “باكستان” على طيارها.

وجاء النزاع بعد يوم واحد فقط من وصول طائرة هندية إلى “باكستان” شنت هجوم بالقرب من بلدة “بالاكوت”. زعمت الحكومة الهندية أنها كانت تضرب معسكرًا تدريبيًا لجماعة (جيش محمد)، وهي جماعة إرهابية كانت مسؤولة عن التفجير الانتحاري الذي وقع، في 14 شباط/فبراير 2019، في “كشمير” الجنوبية؛ والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 40 من القوات شبه العسكرية، حيث أصرت “باكستان” على أنها لا تشارك في الهجوم الانتحاري.

أكدت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية؛ على أن هناك مخاوف حول تصاعد الأعمال العدائية بين البلدين، والتي اندلعت منذ تقسيم “الهند” البريطانية عقب إنتهاء الاحتلال البريطاني لها، منذ أكثر من 70 عامًا، حيث كان التعايش صعبًا منذ ذلك الحين.

ما هي جذور الصراع ؟

عندما تخلى البريطانيون في النهاية عن مستعمرتهم لـ”الهند”، في آب/أغسطس 1947، ووافقوا على تقسيمها إلى دولتين: “باكستان”، بغالبية مسلمة، و”الهند”، بأغلبية هندوسية. كانت “بنغلاديش”، في البداية، جزءًا من “باكستان”، ولكنها حصلت على استقلالها الخاص، في عام 1971، بعد حرب قصيرة بين “الهند” و”باكستان”. دفع الانفصال المفاجيء ملايين الأشخاص إلى الهجرة بين البلدين وأدى ذلك إلى عنف ديني قتل مئات الآلاف.

كانت الولايات غير المتفق على سيادة أي من الدول الآسيوية عليها، هما “غامو” و”كشمير”، وهي ولاية ذات غالبية مسلمة في جبال “الهيمالايا” كان يحكمها أمير محلي. وسرعان ما اندلع القتال، وأرسلت الدولتان قواتهما، حيث احتلت “باكستان” ثلث الولاية و”الهند” الثلثين الآخرين.

وعلى الرغم من أن الأمير وقع اتفاقًا على أن تصبح المنطقة جزءًا من “الهند”، فقد أوصت “الأمم المتحدة”، لاحقًا، بإجراء انتخابات للسماح للناس بالبت فيها.

لم تحدث هذه الانتخابات قط، وواصلت الدولتان إدارة حصصهما من الأراضي الأميرية السابقة؛ بينما كانت تأمل في السيطرة الكاملة عليها واستمرت القوات على جانبي “خط السيطرة” بإطلاق النار بشكل منتظم على بعضها البعض.

لجأ المسلمون مرارًا إلى العنف لطرد القوات الهندية من الإقليم، ودعمت “باكستان” العديد من هؤلاء المسلحين، بالإضافة إلى الأعمال الإرهابية التي ضربت عمق “الهند”، وكان أكثرها وحشية موجة قتل دامت أربعة أيام في “مومباي”، عام 2008، خلفت أكثر من 160 قتيلاً.

لماذا تفاقم الوضع اليوم ؟

السبب المباشر هو التفجير الانتحاري الذي وقع، في 14 شباط/فبراير 2019، من قِبل متشدد إسلامي شاب فجر قافلة من الشاحنات كانت تقل قوات شبه عسكرية في “بولواما”، في جنوب “كشمير”. كان هذا أعنف هجوم في المنطقة منذ 30 عامًا.

وتتداخل رغبات القوى السياسية مسببة اشعال المزيد من المواجهات، حيث أن رئيس وزراء الهند، “ناريندرا مودي”، متحفز لإعادة انتخابه في آيار/مايو 2019، وهو متلهف للانتقام من التفجير الذي أثار الغضب الشعبي.

بينما من جانب “باكستان”، التي لديها رئيس وزراء جديد، “عمران خان” – والذي تم انتخابه العام الماضي بدعم من جيش بلاده القوي – يريد أن يثبت أنه قادر على الوقوف في وجه “الهند”، حتى مع ضعف اقتصاد البلاد لدرجة أنه يسعى للحصول على الإنقاذ من “السعودية” و”الصين”.

هل يمكن للولايات المتحدة والقوى العالمية تهدئة الوضع ؟

دعا وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، يوم الثلاثاء، القادة في كلا البلدين، لتجنب تصعيد الموقف. وقال أيضًا إن “باكستان” يجب أن تتخذ “إجراءً ذا مغزى ضد الجماعات الإرهابية التي تعمل على أراضيها”.

في عهد الرئيس “ترامب”، تحولت السياسة الخارجية الأميركية بعيدًا عن “باكستان” – وهي متلقية للمساعدات الأميركية منذ فترة طويلة – تجاه “الهند”، التي تعتبرها الإدارة بمثابة الحصن ضد نفوذ “الصين” المتصاعد في آسيا.

في هذه الأثناء؛ أصبحت “الصين” حليفًا وثيقًا وراعيًا ماليًا لـ”باكستان”. وحثت “الصين”، البلدين، على ممارسة ضبط النفس بعد توغل “الهند” في المجال الجوي الباكستاني.

بيد أن العلاقات “الهندية-الباكستانية” تراجعت تمامًا في أجندة السياسة الخارجية الأميركية، ليحل مكانها قضية شائكة أيضًا؛ وهي اجتماع الرئيس “ترامب” مع زعيم كوريا الشمالية، “كيم جونغ-أون”، لمناقشة إمكانية تفكيك البرنامج النووي لهذا البلد، وكيفية تحقيق سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية.

ما هو المرجح أن يحدث بعد ذلك ؟

وفي حادثة مماثلة في عام 2016، بعد أن هاجم متشددون قاعدة للجيش الهندي في “أوري” بـ”كشمير”، عبرت القوات الهندية خط السيطرة ونفذت ما وصفته الحكومة، بـ”ضربة جراحية”، على معسكرات الإرهابيين هناك.

وقالت “ميرا ماكدونالد”، الصحافية السابقة التي كتبت كتابين عن العلاقات “الهندية-الباكستانية”: “الضربة بعد هجوم أوري كانت مفهومة، حيث حصلت الحكومة الهندية على تعاطف من العالم الغربي”.

ولكن الآن؛ ومع سقوط الطائرة الهندية وإلقاء القبض على الطيار الهندي، أصبح “من المستحيل الخروج من مثل هذا الوضع دون دوامة انتقامية”، حسب قولها.

وتوقع “سريام شوليا”، عميد مدرسة الشؤون الدولية في جامعة “غيندال” العالمية خارج نيودلهي، أن الصراع العسكري سيهدأ قريبًا. وأعرب عن قلقه بدلاً من ذلك من أن المسلحين المدعومين من “باكستان” سينفذون هجمات إرهابية في “الهند”، قائلًا: “التهديد الإرهابي لم يتلاشى بعد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة