سوريون “ينشدون الأمن” في العراق

سوريون “ينشدون الأمن” في العراق

عند مبنى أسمنتي بأقصى غرب العراق ينتظر مئات اللاجئين السوريين بقلق لمعرفة المكان الذي سيقضون فيه ليلتهم بعدما فروا من وطنهم. الكثير من هؤلاء -ومن بينهم نساء وأطفال- فروا من بلدة البوكمال السورية وقالوا إن مقاتلين من المعارضة السورية رافقوهم في طريق يمتد لسبعة كيلومترات حتى البوابة الحدودية الرئيسية مع العراق.
وكانت المعارضة السورية قد سيطرت على البوكمال الأسبوع الماضي في مسعى للسيطرة على المعابر الحدودية الدولية لسوريا. وقال المعارضون إن القوات الحكومية تحاول استعادة السيطرة وتطلق القذائف والصواريخ على البلدة.
وقال جميل رافع المحمود الذي يبلغ من العمر 34 عاما وهو ينتظر حتى تنتهي قوات الحدود العراقية من نظر أوراقه “كنا نستيقظ على قصف وننام على قصف.”
وأضاف “أنا متألم جدا لاني تركت داري ومنطقتي وأهلي ولكن ماذا عساني أن أفعل؟ ليس أمامنا مكان نذهب إليه سوى هذا المكان الأكثر أمنا.. العراق.”
وعبور السوريين للحدود رغم تفجيرات هزت العراق هذا الأسبوع يظهر مدى تفاقم الوضع في سوريا.
ودخل اللاجئون السوريون المعبر الحدودي الصحراوي بالقرب من بلدة القائم العراقية الغربية على متن شاحنات أو حافلات تابعة للحكومة العراقية ضمن قافلة.
ونزل اللاجئون من الشاحنات ليجدوا حشودا من الجنود والشاحنات العسكرية وجروا أمتعتهم عبر الرمال. وينتظر نحو 500 سوري بالفعل في مخيم للاجئين في مبنى الجمارك وفي منطقة محاطة بأسوار مضادة للانفجارات وأسلاك شائكة.
وتحولت الانتفاضة السورية التي دخلت شهرها السابع عشر من احتجاجات للمعارضة في محافظات نائية إلى معركة للسيطرة على المدينتين الرئيسيتين في البلاد وهما حلب ودمشق التي اندلع فيها القتال الأسبوع الماضي. وتشن قوات الرئيس السوري بشار الأسد هجوما مضادا.
وتحركت نحو 50 شاحنة عسكرية عراقية تحمل جنودا ودبابات وأسلحة باتجاه القائم على الطريق من شرق العراق في وقت متأخر من يوم الثلاثاء لتعزيز أمن الحدود.
وقالت نصرة عبد الحليم التي تبلغ من العمر 49 عاما وبجوارها مجموعة من النساء المحجبات والاطفال “غادرنا البوكمال لان جيش بشار ارتكب مذابح وقتل أقاربي.”
وأضاف “تحركنا بالسيارات خلف الجيش الحر حتى الحدود وفتحوا لنا الطريق.”
وإلى جوارها كانت هناك امرأة أكبر في السن تحمل رضيعا شاحبا قالت إن الرحلة أنهكته.
ونام الأطفال على الأرض أو فوق أكوام من الحقائب بينما وزع عاملون في الهلال الأحمر عليهم بطيخا ومشروبات في أجواء وصلت حرارتها إلى 45 درجة مئوية. ونصبت السلطات العراقية خياما في مكان قريب لايواء السوريين الذين ليس لديهم أقارب يقيمون عندهم.
وقال حسام محمد البالغ من العمر 34 عاما “الوضع خطير جدا جدا في دير الزور. تقع هجمات كل يوم.” وكان أفراد أسرة حسام يحيطون به بينما كان هناك اطفال يجرون ويصرخون وسط حشود اللاجئين.
وقال إن السوريين في مدينة دير الزور الواقعة على بعد نحو 140 كيلومترا عن الحدود العراقية يخشون قوات الحكومة السورية أكثر من خوفهم من مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض. وعلى الجانب الاخر من الحدود رسم معارضون صورة كبيرة لعلم الجيش السوري الحر على مبنى.
وقال محمد “الحرب بين الجانبين.. يتبادلان إطلاق النار والناس هم الضحايا.”
وقال مسؤولون إن الجيش العراقي أغلق معبر القائم بأسوار أسمنتية مضادة للانفجارات يوم الجمعة خوفا من انتشار العنف عبر الحدود مما أدى إلى محاصرة سوريين كانوا يحاولون الفرار من الهجمات على الجانب الاخر. لكن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ألغى القرار يوم الإثنين.
وتقع محافظة الانبار العراقية وهي معقل للسنة على الحدود مع سوريا. ويخشى العراق تأثير الصراع في البلد المجاور له حيث يحارب مقاتلون أغلبهم من السنة لانهاء حكم عائلة الأسد.
ويصف الأسد خصومه بأنهم إرهابيون مدعومون من الخارج ومسؤولون عن أعمال القتل.
وقالت الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة يوم الإثنين إنها ترفض دعوات الجامعة العربية للاسد بالتنحي وقالت إن الشعب السوري هو فقط من له الحق في تقرير مصيره وإنه يجب على الآخرين عدم التدخل.
وفي منطقة الحدود ذكر فتى يبلغ من العمر 16 عاما قال إن اسمه علي إنه فر من منزله في البوكمال مع والده وأشقائه الأربعة بعدما تعرض منزلهم للقصف. وأضاف أنهم حاولوا الهرب إلى منزل جار لهم.
وقال وهو يرفع قميصه ليظهر ضمادات عليها آثار دماء فوق بطنه “عندما خرجنا أصابت القذائف المنازل وأصابتي الشظايا.”
وأضاف “أصابت الشظايا والدي في رأسه وطرحت الانفجارات الأطفال أرضا. سقطت فوق والدي. كان ميتا.”
وقال مسؤولون محليون إن أشقاء علي يتلقون العلاج في مستشفى القائم حيث يستقبل الأطباء أعدادا كبيرة من السوريين المصابين. وقالت هيام والدة علي إن العائلة ستقيم في الوقت الحالي في خيام نصبتها الحكومة العراقية. وأضافت “جيش الأسد هو الذي قصف دارنا وجماعات الأسد قتلت زوجي.”

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة