خاص : كتبت – نشوى الحفني :
على قدم وساق تتم الإستعدادات لعقد مؤتمر “سوتشي” في 29 و30 كانون ثان/يناير الجاري، كمحطة دولية ثالثة في طريق البحث عن حل للملف السوري، اختلفت وتعددت الأسباب في الإنتقال من “جنيف” إلى “آستانا” مرحلياً، لتأتي محطة “سوتشي” ما بين محادثات “جنيف” السياسية ولقاءات “أستانا” العسكرية، ولم تستطع هاتين المحطتين إيجاد نقطة الإلتقاء اللازمة لإطلاق المسار السياسي بما يرضي جميع الأطراف، فأصبحتا كخطين متوازيين لا يلتقيان مثلما يصفها بعض أطراف المعارضة.
لن يضع حلاً للأزمة..
كما تعتبر روسيا أن مؤتمر “سوتشي”، الذي سيعقد في الأيام المقبلة، لن يضع حلًا حاسمًا للأزمة السورية رغم وجوب عقده.
معلناً المتحدث باسم الرئاسة الروسية، “ديمتري بيسكوف”، الجمعة 26 كانون ثان/يناير 2018، أن مؤتمر الحوار الوطني السوري المرتقب في “سوتشي” لن يتوقع أن يضع نقطة في عملية التسوية السياسية للأزمة السورية.
مؤكداً “بيسكوف”، خلال لقائه مع الصحافيين، على أنه رغم كون مؤتمر “سوتشي” لن يغير في عملية التسوية السورية، إلا أنه محطة مهمة في ذاته، ينبغي إجراءها.
وبسبب كون العمل على التوصل إلى حل للأزمة السورية، بحسب تصريحات “بيسكوف”، “صعبًا جدًا وشائكًا”، لذا سيتوجب حل الكثير من المشاكل والكثير من الصعاب.
عقد المؤتمرات خطوة بإتجاه الحل..
ووفقًا لـ”بيسكوف”، من ضمن الحلول التي يمكن أن تشكل تقدمًا ملموسًا بإتجاه التسوية السياسية في سوريا، هو خطوة عقد مؤتمرات في حد ذاتها كمؤتمر “سوتشي”.
كما أضاف “بيسكوف” أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، ليس لديه في الوقت الراهن أي خطط لحضور مؤتمر “سوتشي”.
تم دعوة 1600 ممثل من المجتمع السوري..
دعت وزارة الخارجية الروسية، بحسب بيان لها، نحو 1600 ممثل من المجتمع السوري للمشاركة فيه، بالإضافة إلى دعوة ممثلي الأمم المتحدة وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين بصفة مراقب.
وذكر مصدر سوري أن 20 حزباً وكتلة من الموالين والمعارضة سيشاركون في مؤتمر الحوار الوطني السوري في “سوتشي”.
قائلاً: “معارضة الداخل ستشارك في لقاء سوتشي ممثلة بـ 400 شخصية، في حين ستمثل الحكومة السورية بـ 680 شخصية، والباقي من المعارضات الموجودة خارج سوريا”.
العمل على الدستور سيبدأ في المنتدى..
أشار الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا، “ألكسندر لافرنتيف”، إلى أن العمل على الدستور الجديد سيبدأ في المنتدى، كما ستتاح الكلمة للجميع، الحكومة والمعارضة على حد سواء.
ويتزامن ذلك مع محادثات للسلام تجري بقيادة الأمم المتحدة في “فيينا”، تناقش فيها المعارضة قضايا الملف السوري وعلى رأسها حضور “سوتشي”.
وأرتأت المعارضة ألا تتخذ قرارًا نهائيًا تجاه المؤتمر حتى تحصل على معطيات واضحة بأنه يخدم المسار السياسي الأساس في “جنيف”، ولتناقش المسألة مع شركائها الدوليين.
واشنطن تتمسك بموقف ضبابي وتؤيد “جنيف”..
مازالت واشنطن تتمسك بموقف ضبابي ملتبس من “سوتشي”، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، “هيذر نويرت”، إن الولايات المتحدة تعتقد أن المحادثات حول سوريا في “سوتشي” هي حل أولي، ويجب التركيز على عملية “جنيف”.
وتابعت، في مؤتمر خصص للصحافيين الأجانب: “إننا نعتقد أن المحادثات في سوتشي يمكن أن تكون قراراً لمرة واحدة، وربما تخرج بشيء ما وربما لا، ولكننا نؤيد بشدة محادثات جنيف”.
ليس بديلاً عن “جنيف”..
الدكتور “قدري جميل”، رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، يقول: أنه “يجب أن يكون واضحاً للجميع أن سوتشي ليس بديلاً عن جنيف، كما يحلم ويأمل البعض من الذين لا ينظرون كثيراً للقرار 2254، بخصوص أستانا أيضاً إعتقد البعض أنها بديلاً عن جنيف وعملوا عاصفة، لكن الأيام أثبتت أن أستانا كان داعماً لجنيف، وجنيف كان معطلاً بسبب التعقيدات العسكرية التي جرى حلها بالتدريج في أستانا، لعبت أستانا دوراً هاماً في إنعاش جنيف، جنيف اليوم معطل وعجلاته غرزت بالوحل ويحتاج إلى دفعة؛ فجاء سوتشي ليدفع عجلة جنيف”.
هناك فئة ليست معارضة ولا موالاة يجب تمثليها..
مؤكدا “جميل”: “مستحيل أن يقفز سوتشي على جنيف وأستانا لأن الدول الراعية للعملية بسوتشي، روسيا وإيران وتركيا، كانوا يقصدون تأمين أكبر حشد شعبي من المعارضة والموالاة من أجل تهيئة عملية الإصلاح الدستوري، الذي يجب أن نتفق على مفرداته ومحتواه وإطاره. من الجيد أن يوسع إطار سوتشي كي يشمل أكبر طيف من المعارضة وأكبر طيف من الشعب السوري، لأن الموالاة والمعارضة لوحدهما لا يمثلان الشعب السوري، هناك فئة واسعة من الناس لا تحسب نفسها لا على المعارضة ولا على الموالاة وتريد إنهاء الأزمة، وهي الأكثرية، لذلك مطلوب تمثيل كل هؤلاء في عملية تحضير الدستور”.
سيبحث الدستور لكن لن يصيغه..
أضاف “جميل”: “لا يحلمن أحد بأن سوتشي سيكون بديلاً لجنيف، سوتشي داعم لجنيف، وسوتشي سيبحث الدستور، ولكن لن يصيغ الدستور، نحن في منصة موسكو وفي جبهة التغيير وفي حزب الإرادة الشعبية لدينا موقفاً لم يتغير ولن يتغير في أن صياغة الدستور يجب أن تتم في دمشق وليس في جنيف أو أستانا أو أي مكان آخر”.
غطاء شعبي لعملية تغيير الدستور..
أشار “جميل” إلى أنه “حدثت مغالطات في فهم سوتشي عند الكثير من السوريين، البعض من الموالاة المتشددة أراد أن يجعل من سوتشي مقبرة لجنيف، وهذا الحديث صدقه البعض من المعارضة المتشددة، وهم أرادوا تصديق ذلك حتى ينسفوا سوتشي وجنيف معاً، لا هذا ولا ذاك صحيح، الصحيح أن سوتشي هو مؤتمر شعبي واسع من أجل إعطاء غطاء شعبي لعملية تغيير الدستور الذي هو إستحقاق لابد منه، المشكلة تكمن في أن السوريين لا يسمعون بعضهم البعض مباشرة، ولو سمعوا بعضهم البعض مباشرة لزالت الكثير من الحواجز والمشاكل، نحن هدفنا لم يكن تشكيل وفداً موحداً؛ لأننا معارضة تعددية على شكل سورية، يجب أن يكون الوفد واحداً وليس موحداً ويصل إلى توافقات، وليس على أساس حكم الحزب الواحد. هذه عملية صعبة نتيجة غياب الحرية السياسية طويلاً في البلاد، لذلك ليس لدينا ثقافة سياسية وليس لدينا ثقافة الحوار وليس لدينا مفهوم للتوافق، وهذا ما نتعلمه جميعنا اليوم”.
وختم “جميل” بالقول: “هناك الكثيرون من الذين يحاولون أن يغمّسوا خارج الصحن، نحن نقول أن، جنيف وأستانا وسوتشي، عملية مترابطة ومكملة لبعضها البعض، وأنا أعتقد أنه عندما نتوصل إلى إتفاق في جنيف ونوقع عليه بالأحرف الأولى، وهذا ما يجب أن نصل إليه، يجب أن يليه التوقيع في دمشق، أن التوقيع النهائي يجب أن يجري في دمشق، وهذا إقتراحنا القديم، لتبدأ بعدها عملية التنفيذ والرقابة على التنفيذ والإشراف على التنفيذ في دمشق من قبل مجموعة جنيف في وفد الحكومة ووفد المعارضة بإشراف الأمم المتحدة”.
حوار بين السوريين دون تدخل خارجي..
قال رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى الحوار السوري في فيينا، “بشار الجعفري”، خلال مؤتمر صحافي: “أجرينا مباحثات بناءة قدر الإمكان مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، لا سيما إننا على أعتاب مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي”.
وبحسب وكالة (سانا)، قال “الجعفري”: “هدف سوتشي هو الحوار بين السوريين دون تدخل خارجي، ويشارك بمؤتمر الحوار الوطني نحو 1600 شخص”.
مضيفاً: “أغتنمنا اللقاء للإجابة عن العديد من التساؤلات، وخاصة ما يتعلق بمؤتمر سوتشي”، لافتاً إلى أن نتائج المؤتمر ستكون محصلة الحوار بين السوريين أنفسهم فيه.
وأوضح “الجعفري” أنه ليس من الصدفة أن يتزامن إنعقاد اجتماع “فيينا” مع تسريب أو توزيع مقصود لورقة غير رسمية لما يسمى “إحياء العملية السياسية في سورية” من دول شاركت في سفك الدم السوري.
وتساءل “الجعفري”: “كيف يمكن لفرنسا وبريطانيا، اللتين تتبعان السياسة الأميركية كأعمى يقود أعمى، أن تفصلا حلاً سياسياً للأزمة في سورية ؟.. وكيف يمكن للسعودية، هذا البلد الجاهلي، أن تضع دستوراً متقدماً لسورية ؟!”.
وتابع “الجعفري”: “الولايات المتحدة أوجدت تنظيم (داعش) الإرهابي، وما زالت تقاتل على الأرض من أجله، فكيف لها أن تتحدث عن حل سياسي للأزمة في سورية ؟”.
لن يركز على المسائل الإنسانية..
كان أول من قرر عدم حضور سوتشي، “لجنة الصليب الأحمر الدولية”، حيث صرح رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، “بيتر ماورير”، بأن اللجنة تلقت دعوة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني السوري في “سوتشي”، إلا أنها لن تشارك فيه لأنه لن يركز على المسائل الإنسانية.
وشدد “ماورير”، على أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ستواصل مساهمتها في المفاوضات التي تعالج القضايا الإنسانية الهامة، بما في ذلك مواضيع وصول المساعدات والأمن والموقوفين.
وعلى وجه الخصوص، يشارك “الصليب الأحمر” بشكل مستمر في عملية “أستانا”، وهو مستعد للمساهمة في عمليات الإجلاء الإنساني في حال توصلت الأطراف إلى اتفاقات بشأنها.
“سوتشي” خطر على مسار “جنيف”..
كانت “الهيئة العليا للمفاوضات” قد حذرت من الخطر الذي يمكن أن يشكله مؤتمر “سوتشي”، على مسار مفاوضات “جنيف”.
وفي لقاء وفد الهيئة برئاسة، “نصر الحريري”، مع وكيل الأمين العام للشؤون السياسية في الأمم المتحدة، “غيفري فليتمان”، الثلاثاء 9 كانون ثان/يناير 2018، أوضح الوفد الأخطار التي تمثلها عملية “سوتشي” بصيغتها الحالية.
وشدد الوفد على أن مؤتمر “سوتشي” يشكل تهديدًا يقوض عملية السلام في “جنيف”، وهدف الإنتقال السياسي وفقًا لبيان “جنيف” وقرار مجلس الأمن 2254.
روسيا تريد تكليل إنجازها العسكري بآخر سياسي..
كان رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، “نصر الحريري”، صرح في وقت سابق، أن المعلومات الواردة عن مؤتمر “سوتشي” كارثية، لافتًا إلى أن روسيا تريد من خلال هذا المؤتمر أن تكلل أفعالها على الصعيد العسكري بمنجز سياسي على طريقتها، بحسب تعبيره.
أما فيما يتعلق بمباحثات “جنيف”، فاعتبر “الحريري”، أنه على الرغم من عدم الخروج بنتائج من تلك المفاوضات في الوقت الحالي، إلا أن مشاركة هيئة التفاوض فيها “مفيدة للثورة السورية وللشعب السوري، وستكون جيدة لفضح النظام وكشف جرائمه أمام المجتمع الدولي”.
وأكد على أن تحقيق الإنتقال السياسي وفقًا لبيان “جنيف” والقرارات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2254، هو الحل الوحيد لإنقاذ سوريا.