خاص : ترجمة – محمد بناية :
كشفت صحيفة (ديلي بيست) الأميركية عن مساعي فريق، “دونالد ترامب”، لإبرام اتفاقية نووية مع “المملكة العربية السعودية”، وهو الموضوع الذي انتشر واحتل صدارة الأنباء خلال الأسابيع الماضية، حتى أن بعض أعضاء “مجلس النواب الأميركي” قاموا بنشر تقرير عن الموضوع.
حيث عبر النواب عن القلق البالغ من إمكانية إستصدار ترخيص بيع تكنولوجيا نووية دون إتباع الترتيبات القانونية اللازمة. وطبقاً للقانون الأميركي، لا سيما المادة (123) من قانون “الاستفادة من التكنولوجيا الذرية”؛ فالتعاون بين الشركات الخاصة والحكومية مع الدول الأجنبية، فيما يتعلق بالقدرات الذرية، رهن ببعض القيود، منها عدم تطوير دورة التخصيب، وأن تضطلع الشركات الدولية بتوفير وقود المفاعلات الذرية المباعة، والتصديق على الإجراءات العالمية بشأن الرقابة على البرامج الذرية.
كما أن التعاون الأميركي الذري مع أي دولة؛ يتطلب التوقيع على تعهد برعاية الشروط السابقة، على أن يحصل هذا التعهد على تصديق مراكز إتخاذ القرار الأميركي الداخلية مثل “الكونغرس”.
وعن مؤشرات الاتفاق النووي الأميركي السري مع “المملكة العربية السعودية”، أجرت وكالة أنباء (فارس) الإيرانية؛ التابعة لـ”الحرس الثوري”، الحوار التالي مع، “پیتر غنکینز”، المندوب البريطاني السابق بـ”الأمم المتحدة”، وسفير بريطانيا في “وكالة الطاقة الذرية”؛ بالفترة (2001 – 2006)، وهو عضو مؤسسة “مجمع السفراء” البريطانية…
تحويل الدعم النووي من إنتاج الكهرباء إلى سلاح..
وكالة أنباء “فارس” : تدعم إدارة “دونالد ترامب”، بحسب الديمقراطيين، برنامج بناء عشر محطات ذرية بـ”المملكة العربية السعودية”، وثمة مخاوف من تبعات هذا العمل بخلاف إنتهاك القانون الفيدرالي.. ما هي وجهة نظركم في إمكانية أن يؤدي إنتاج “السعودية” لسلاح نووي إلى وجود قوات عسكرية نووية في ظل الأجواء الشرق الأوسط غير المستقرة ؟
“پیتر غنکینز” : لابد في البداية من التمييز بين الجوانب المختلفة للطاقة النووية. وتجهيز “السعودية” بمفاعل ماء خفيف لإنتاج الكهرباء؛ لن يسمح لـ”السعودية” تلقيئًا بإنتاج سلاح نووي.
وتعمل “الإمارات العربية المتحدة” على بناء أربع مفاعلات ماء خفيف؛ ولم يتصور أحد أن تؤدي هذه المفاعلات إلى إنتاج سلاح نووي.
لكن ما يبرر الخوف؛ هو بيع تكنولوجيا استخراج (البلوتونيوم) من الوقود المتبقي، وهي العملية المعروفة باسم “معالجة البلوتونيوم”.
ومما لا شك فيه إن تركيز وقود مفاعل الماء الخفيف أقل من الوقود المتبقي عن مفاعلات الماء الثقيل. بل إن الأخطر من بيع التكنولوجيا لـ”السعودية”؛ هو إمكانية تخصيب (اليورانيوم) بتركيز أقل لإنتاج وقود مفاعل الماء الثقيل. ويمكن استخدام هذه التكنولوجيا في إعادة بناء هذا الجزء من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج (يورانيوم) مخصب بتركيز أعلى، وهو ما يمثل بداية الحصول على سلاح نووي. فإذا بيعت المفاعلات لـ”السعودية” فهذا لا يستدعي فقط رقابة “الوكالة الدولة للطاقة الذرية” الكاملة، وإنما لابد من تنظيم عملية استعادة كل الوقود المتبقي عن هذه المفاعلات.
جهود إقناع إسرائيل..
وكالة أنباء “فارس” : هل تظن أن تسمح إدارة “دونالد ترامب” لـ”المملكة العربية السعودية” بتخصيب (اليورانيوم) ومعالجة (البلوتونيوم) ؟
“پیتر غنکینز” : أتصور أن فرص حصول إدارة “ترامب” على تصريح من “الكونغرس”، بشأن بيع تكنولوجيا تخصيب (اليورانيوم) ومعالجة (البلوتونيوم) إلى “السعودية”، قليلة جدًا. لكن ما يجب ملاحظته حاليًا هو نفوذ “إسرائيل” العجيب في قرارات الإدارة الأميركية. لأنه من العسير إقناع “إسرائيل” بحصول “السعودية” على تكنولوجيا تخصيب (اليورانيوم) ومعالجة (البلوتونيوم)؛ لما فيه من تهديد للأمن الإسرائيلي.
والمحتمل أن تفرض “إسرائيل” قيود على “أميركا”؛ بشأن بيع أي مفاعلات ماء خفيف لـ”السعودية”.
مع هذا؛ تجدر مراعاة علاقات الأخوة “السعودية” الراهنة مع “إسرائيل”، ومن ثم قد تنجح “الرياض” في إقناع “تل أبيب” بعدم وجود أي مخاوف من امتلاك “السعودية” لتكنولوجيا تخصيب (اليورانيوم). لكن علاقات الأخوة بين الطرفين ليست عمياء، وقد تلقي البرودة بظلالها مجددًا على العلاقات بين الطرفين.
“ترامب” وإزدواجية القرار الأميركي !
وكالة أنباء “فارس” : كيف تفسر تناقض “ترامب” في الانسحاب من “الاتفاق النووي” مع “إيران”؛ بحجة عدم الانتشار النووي، وبيع تكنولوجيا نووية أميركية حساسة إلى “السعودية”؛ بالشكل الذي قد يترتب عليه وجود قوات عسكرية نووية في ظل أجواء الشرق الأوسط غير المستقرة ؟
“پیتر غنکینز” : إن الانسحاب الأميركي من “الاتفاق النووي” بدعوى عدم الانتشار النووي؛ هي إدعاءات فارغة، لأن أطراف “الاتفاق النووي” الأخرى، والكثير من أعضاء “الأمم المتحدة”، ترى أن هذا الاتفاق يقلص من المخاوف بخصوص عدم إلتزام “إيران” بتعهداتها المنصوص عليها في “معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي”، وأداة تتيح لـ”الوكالة الدولية” اختبار مدى إلتزام “إيران” بتعهداتها.
من ثم؛ فإن انسحاب “ترامب” إما نابع عن عدم فهم للحقيقة التي يدركها العالم أو أنه يعتبر مواقفه السياسية والفردية أهم من المحافظة على المعاهدات الدولية. وهذا يوضح أسباب مساعيه لبيع أصدقاءه في “السعودية” كل ما يريدون، لاسيما إذا كانوا سيدفعون بسخاء.