سرطان زهرة النيل يهدد أنهار العراق ومحطات الماء والكهرباء

سرطان زهرة النيل يهدد أنهار العراق ومحطات الماء والكهرباء

حذر مختصون واسطيون، اليوم الأربعاء، من الانتشار “السرطاني” لزهرة النيل، على أنهار العراق لاسيما دجلة والفرات، وفي حين بيّنوا أن “خطرها الأخضر” يهدد بتغيير ملامح تلك الأنهار والقضاء على ثروتها السمكية وايقاف عمل محطات ضح المياه وإنتاج الكهرباء، أكدوا أن قلة التخصيصات المالية “أثرت كثيراً” في جهود مكافحتها.

48 مليون دينار لمواجهة الخطر الأخضر بدجلة والفرات و11 محافظة
وقال مدير دائرة معالجة زهرة النيل والأعشاب المائية، التابعة لوزارة الموارد المائية، المهندس حسين أحمد رسن، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الدائرة استحدثت كمديرية عامة أول مرة عام 2006 بعد الظهور المفاجئ والسريع لنبات زهرة النيل الذي أمتد ليغطي مساحة واسعة من دجلة على وجه الخصوص”.
وأضاف رسن، أن “ساحة عمل المديرية تشمل نهري دجلة والفرات فضلاً عن نهر الغراف وعدد كبير من الجداول والمشاريع الإروائية الكبيرة في 11 محافظة، بدءاً من نينوى مروراً بصلاح الدين وبغداد وانتهاءً بالمحافظات الجنوبية”، مشيراً إلى أن “مهمة الدائرة صعبة جداً وينبغي توفير التخصيصات المالية الكافية لها حيث أنها تتعامل مع أخطر نبات مائي سريع الانتشار، هو زهرة النيل، الذي يمكن أن يؤدي إلى غلق مجاري الأنهار وإيقاف محطات الضخ ومشاريع الماء والطاقة الكهربائية الحرارية وغيرها، فضلاً عن ضرر على الثروة السمكية”.
وأوضح مدير دائرة معالجة زهرة النيل والأعشاب المائية، أن “التخصيصات المالية التي كانت حصلت عليها المديرية للعام الحالي تبلغ 48 مليون دينار، مقابل خمسة مليارات في السنوات السابقة”، عاداً أن تلك “التخصيصات غير كافية أبداً لمعالجة ذلك الداء الخطير والقضاء عليه، لاسيما أن الخمسة مليارات دينار لم تكن تفي بمتطلبات عمل الدائرة أساساً”.

إزالة عشرة آلاف م2 من زهرة النيل يومياً في واسط
وأكد رسن، أن “الدائرة أقامت 11 مصداً على امتداد نهر دجلة من شمالي واسط إلى جنوبيها، للحد من تأثير زهرة النيل ومنعها من الوصول إلى محطات الضخ”، لافتاً إلى أن تلك “المصدات وزعت بحسب المناطق التي تتكاثر فيها زهرة النيل للحد من جريانها مع المياه وانتشارها”.
وذكر مدير دائرة معالجة زهرة النيل والأعشاب المائية، أن تلك “المصدات عبارة عن عوامات مربوطة بحبل أو سلك توصيل تمتد بين ضفتي النهر، حيث تقوم بمسك أو صد، كميات من زهرة النيل تجري مع تيار الماء ليتم تجميعها تمهيداً لإزالتها باستخدام الآليات التخصصية، من قبل فرق المعالجة التسعة الموجودة بالمحافظة”، وتابع أن تلك “الفرق تزيل يومياً نحو عشرة آلاف متر مربع من زهرة النيل من نهر دجلة ضمن حدود محافظة واسط، إذ تتكاثر بسرعة كبيرة وتشغل مساحات واسعة من حوض النهر وباقي الأنهر الرئيسة في المحافظة كالغراف والدجيلة وغيرهما”.
وحذر رسن، من إمكانية أن “تغمر زهرة النيل نهر دجلة بالكامل ما يؤدي إلى توقف مشاريع الضخ كافة ويهدد مشاريع المياه والأحواض العائمة لتكثير الأسماك”.

آليات تعمل بالوقود الآجل وسواق بلا رواتب
وقال مدير دائرة زهرة النيل في واسط، إن “المديرية استحدثت أول مرة كمديرية عامة مختصة بمعالجة زهرة النيل عام 2006، وكان مقرها في محافظة واسط، حيث تتولى الإشراف على متابعة زهرة النيل في نهري دجلة والفرات، وقد تم تزويدها بالآليات التخصصية من حاصدات ومكائن لقطع (الشمبلان) فضلاً عن عدد من البرمائيات، وأن لديها حالياً 180 آلية مختلفة الأنواع تعمل ضمن قواطع عدة”، مضيفاً أن تلك “الآليات تستهلك شهرياً 64 ألف لتر من زيت الكاز، نحصل عليها حالياً من وزارة النفط بموجب نظام الدفع بالآجل من خلال التنسيق بينها ووزارة الموارد المائية”.
وواصل رسن، أن “الميزانية التقشفية المخصصة للدائرة عام 2015 الحالي، البالغة 48 مليون دينار، تحول دون صيانة تلك الآليات ما جعلها تتعرض للأعطال والتوقفات، كما أن غالبية سائقيها هم من موظفي العقود وبدون رواتب منذ عدة أشهر”.

تركيز على دجلة وإهمال الفرات
ومضى مدير زهرة النيل ومعالجة الاعشاب المائية قائلاً، إن “زهرة النيل تشكل خطراً كبيراً على نهر دجلة وهي آخذة بالانتشار أكثر لاسيما مع ارتفاع مناسيب المياه”، لافتاً إلى أن “جهود مكافحتها تتركز حالياً على دجلة إذ توقفت في الفرات بسبب نقص الأموال”، مستطرداً أن هنالك “متعهدين للتنظيف في عدد من المحافظات تركوا العمل لعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية ما أدى إلى زيادة المساحات التي يغطيها ذلك النبات الخطير، سواء في الفرات أم باقي الأنهر الرئيسة المتفرعة منه”.
ورجح رسن، أن “يغزو الداء الأخضر نهري دجلة والفرات قريباً في ظل عدم كفاية الجهود المبذولة لمواجهته بسبب نقص الأموال ما سيؤدي إلى تغير ملامحهما كثيراً”.

من النيل إلى القصور الرئاسية
إلى ذلك قال الخبير الزراعي، سلام الجاسم، في حديث إلى (المدى برس)، إن “زهرة النيل من النباتات التي تتكاثر في المسطحات المائية بنحو سريع، إذ أن البذرة الواحدة منه تعطي مليون زهرة، وهي يستهلك كميات كبيرة من المياه تصل إلى لتر واحد لكل نبتة”.
وأضاف الجاسم، أن “النبات يسبب مخاطر كثيرة منها امتصاص الاوكسجين المذاب في الماء ما قد يؤدي إلى تغيير طعمه، كما أنه يهدد الثروة السمكية”، مشيراً إلى أن “النبات جلب من مصر في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، لتزيين البحيرات الرئاسية، بكونه من نباتات الزينة”، مستدركاً “لكن من جلبه كان يجهل أضراره لذلك سبب انتشاره مشكلة في السنوات السابقة، قبل أن يتم القضاء عليه تقريباً عام 2012 من قبل الدائرة المختصة بمكافحته”.
يذكر أن زهرة النيل ذو شكل جميل ويحمل أزهاراً ذات لون ارجواني، ويطفو في الماء على كتلة من الجذور، ويصنف ضمن النباتات العشبية الاسفنجية، ولا فائدة منه إطلاقاً، بل العكس له مخاطر كثيرة جداً.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة