29 مارس، 2024 7:38 ص
Search
Close this search box.

سد إثيوبيا يحرم المصريين خيراتهم.. يمص ماء حياة نصف أراضيهم الزراعية و”السيسي” يُدبر أمرًا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص – كتابات :

أزمة لم يكتب لفصولها أن تنته بعد، تلك التي تدور بين أطراف إقليمية عدة على أرض إثيوبيا في القارة الإفريقية، لكن غُرابها الأسود يحوم بِخَرابه مستهدفاً محاصيل مصر الزراعية وأرضها، وفق ما يرى المصريون..

خياران أحلاهما مُر..

هناك حيث يأتي النيل ويسير في طريقه عبر جنوب السودان ثم إلى السودان وأخيراً مصر، التي فجأة وجدت نفسها بين خيارين أحلاهما مر.. إما الموافقة على التنسيق مع إثيوبيا وتركها تستكمل بناء “سد النهضة”، الذي سيأخذ من رصيد مصر المائي في أثناء مراحل تخزين المياه، ما يتسبب في ضياع مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة، أو الرفض المطلق من القاهرة؛ وهو ما سيتطلب اتخاذ إجراءات دولية لمنع “أديس أبابا” من السير على ذات النهج الذي قررته لمراحل التخزين.

جميع الشواهد والخبراء يرون في تخزين المياه خلف “سد النهضة”، في فترة 3 سنوات، كافية لتدمير أكثر من نصف مساحة الأراضي الزراعية المصرية، فضلاً عن خسائر اقتصادية فادحة ربما لن يتحملها الاقتصاد المصري المثقل أصلاً بديون وأعباء بالكاد يتحملها المصريون.

هبة النيل.. إلى أين يذهب نيلها ؟!

قديماً قال المؤرخ اليوناني “هيرودوت”، قبل الميلاد بنحو 400 عام، إن “مصر هبة النيل”.. إذ يرى، كما يرى غيره كثيرون، إن نهر النيل العظيم هو الذي ضخ الحياة في شرايين الحضارة المصرية.

أكثر من 5 آلاف عام، وعند آخرين ربما 7 آلاف عام، هي الفترة التي عاش فيها المصريون منذ اكتشفت حضارتهم، على مياهه العذبة التي تغنى بها من تغنى، لكنهم لم يتخيلوا أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه مياه النيل مادة للتفاوض والنقاش مع غيرهم.

إثيوبيا فرضت السد واقعاً على الأرض بعد دخول مصر في مرحلة الارتباك السياسي !

أتت رياح التغيير التي ضربت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2011، ضد الرغبة المصرية في الاحتفاظ بنصيبها من مياه النيل، إذ سرعان ما شرعت إثيوبيا، فور قيام الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك”، في بناء السد وإحضار الآليات والمعدات اللازمة لإستكماله في أسرع وقت !

نعم استغلت “أديس أبابا” إنشغال مصر بأوضاعها الداخلية لنحو 3 سنوات، إذ بدأت منذ العام 2011 في مشروعها الأعظم “سد النهضة”، السد الأكبر في إفريقيا والذي تسعى إثيوبيا من خلاله إلى توليد ما يزيد عن 6 آلاف ميغا وات من الكهرباء..

6 مليارات دولار أُنفقوا على 60% من الإنشاءات..

أكملت بالفعل إثيوبيا نحو 60% من مشروع السد العظيم، بتكلفة تتجاوز الـ 6 مليارات دولار أميركي.. وبدأت معه الأزمة، لكن كيف أتت إثيوبيا بالأموال ؟.. عبر “قطر” و”رجل أعمال سعودي” و”تركيا” ومن دول أخرى !

إثيوبيا تقول إن السد لن يؤثر على مصر، بينما ترى مصر في هذا السد تهديداً لنيلها مانح الحياة، فما الذي تشكله أبعاد هذه الأزمة ؟!

بداية، فإن نهر النيل ينبع من ثماني دول إفريقية هي: “إثيوبيا، كينيا، أوغندا، تنزانيا، رواندا، بروندي، الكونغو الديمقراطية وإريتريا”، ويصب في ثلاث دول كما ذكرنا هي بالترتيب: “جنوب السودان، السودان ومصر”.

لمصر نصيب الأسد تاريخياً من مياه النيل وللآخرين مصادر مياه 10 أضعاف !

ينبع نهر النيل من مجموعة من البحيرات الإفريقية، ومن خلال فرعين هما: النيل الأزرق – المسؤول عن 80% من مياه نهر النيل – ويأتي من إثيوبيا.. والنيل الأبيض الذي يلتقي بالنيل الأزرق في العاصمة السودانية الخرطوم، لتشق المياه بعد ذلك طريقها إلى مصر، ومصر بطبيعة الحال لها نصيب الأسد من النيل، وهو 55 مليار متر مكعب سنوياً، من أصل إجمال 88 مليار متر مكعب.

لعلها تبدو قسمة مجحفة غير عادلة، لكن لمن لم يتابع تاريخ النيل وجغرافيته، فإن عليه أن يعلم أن بقية دول حوض النيل تعتمد على مصادر المياه من الأمطار؛ والتي تمثل نحو 10 أضعاف حجم مياه النيل سنوياً، بينما مصر هي دولة غير ممطرة، وبالتالي يمثل النيل تقريباً 97% من إحتياجات مصر المائية !

المفارقة هنا أن الدولة التي طالما نُسب نهر النيل إليها، فقيرة مائياً، إذ إن حصة المواطن المصري 660 متر مكعب من المياه سنوياً، وهي أقل كثيراً من المتوسط العالمي الذي يبلغ ألف متراً مكعباً سنوياً، ويبقى السؤال الأكثر أهمية في تلك المرحلة قبل نحو شهر من رحيل عام 2017، ماذا سيفعل السد في نيل مصر ؟!

حصة الأفراد من المياه ستتناقص والأراضي الزراعية لن تجد ما ينبت زرعها..

الإجابة بوضوح، بحيرة السد تحتاج 74 مليار متر مكعب من المياه لتمتليء ويبدأ عمل السد، فإذا تم ملء هذه البحيرة على مدار 5 سنوات، فستتناقص حصة مصر من المياه في حدود 12 مليار متر مكعب سنوياً، ما يعني تناقص حصة الفرد من المياه في مصر، والتي هي أصلاً حصة أقل من المطلوب عالمياً.

وطبقاً لإحدى الدراسات الأكاديمية المصرية، فإنه إذا جرى ملء البحيرة في 3 سنوات؛ فستفقد مصر 51% من المساحات المزروعة، أما إذا تم ملء هذه البحيرة في 6 سنوات، فقد تفقد مصر 17% من تلك المساحات.

40 % إنخفاضاً في قدرات إنتاج السد العالي للكهرباء..

تأثير “سد النهضة” الإثيوبي لن يتوقف عند “تبوير” الأراضي المصرية المزروعة، بل سيصل مداه إلى محطات الكهرباء وإنتاج الكهرباء في مصر، إذ تشير التقديرات إلى أن تناقص مخزون المياه خلف “السد العالي” يخفض من قدرته الإنتاجية بنسبة تترواح بين 20 إلى 40% !

ملف المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا تعثر أكثر من مرة، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، فإن جميع المؤشرات والمعطيات تقول إنه لا أمل في حل تفاوضي يسير بين البلدين، كما لم تتضح خيارات واضحة للدولة المصرية في التعامل مع مثل هكذا خطر يتهدد أمنها القومي والمائي.

قطر في بؤرة اتهام مصر.. و”السيسي” يُظهر عكس ما يقول !

القاهرة بدورها، تتهم دولاً بعينها بدعم إثيوبيا وتمويلها بسخاء كي تستكمل بناء السد نكاية في مصر، وعلى رأس تلك الدول “قطر”، التي التقى أميرها “تميم بن حمد” رئيس الوزراء الإثيوبي “هيلاميريام ديسيلين” في الدوحة، في الرابع عشر من تشرين ثان/نوفمبر 2017، ووقعا معاً 3 اتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين في عدد من المجالات بما في ذلك التعاون الدفاعي !

ومحلياً، فإن الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” أقر ضمناً، قبل أيام قليلة، في أثناء افتتاحه مشروعات للإستزراع السمكي، بأن أمر “سد النهضة” قد أنتهى إلى غير الطريق الذي يأتي بالخير إلى مصر، ملمحاً بين سطور حديثه أن القضية كلها الآن في يد البرلمان والحكومة !

لكن بقراءة شخصية “السيسي”، فإنه رجل عسكري تولى في آخر عهد الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك” مسؤولية جهاز الإستخبارات العسكرية، وهو أحد أهم الأجهزة “المعلوماتية الاستراتيجية” في مصر، وبالنظر إلى كلماته الأخيرة نراها تحمل في طياتها دلالات بأن ثمة أشياء ربما تجهز في مطبخ السياسة المصرية للرد على الموقف الإثيوبي تستدعي قراراً من الحكومة وموافقة برلمانية، كي يظهر الرئيس بأن الأمر خارج عن سيطرته وأنها إرادة شعبية.. فما الذي تخطط له مصر لإيقاف مخاطر إقامة السد.. يتساءل المتابعون ؟!

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب