كتب وائل نعمة : تفاجأ البرلمان بقرار حكومي يقضي بسحب جميع القوانين التي سلمتها حكومة نوري المالكي الى مجلس النواب والتي يقدر عددها بنحو 100 قانون.
البرلمان الذي قرر مطلع العام الحالي العمل على تشريع اكثر من 200 قانون كانت في ادراج لجانه من الدورات السابقة، لم يبق امامه اليوم سوى عدد قليل من القوانين لايتجاوز الخمسين بعد قرار الحكومة الاخير.
الاجراء الجديد عزاه بعض النواب الى التغييرات التي طرأت في شهر آب الماضي بعد سلسلة الحزم الاصلاحية وانخفاض اسعار النفط والتدابير التقشفية التي اتخذتها الحكومة، والتي قالوا انها قد لاتتناسب الان مع “قوانين الوفرة المالية”.
الى ذلك انتقد نواب القرار الذي قالوا انه جاء دون سابق انذار، ورأوا انه يهدد بشل العمل التشريعي او ارباكه على اقل تقدير، مشيرين الى ان بعض القوانين عرضت للمناقشة والقراءة واخرى وصلت الى مرحلة التصويت.
وقرر مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية، الثلاثاء الماضي، سحب مشاريع القوانين المرسلة الى مجلس النواب من قبل الحكومة السابقة، دون اعطاء تفاصيل اخرى.
قرار فاجأ الجميع
ويؤكد عماد يوخنا، مقرر مجلس النواب، ان “القرار كان مفاجئا للجميع”، مشيرا الى ان “همام حمودي النائب الاول لرئيس البرلمان، الذي كان يدير الجلسة الاخيرة بسبب سفر الجبوري الى بريطانيا، اخبر النواب باجراء الحكومة الجديد”.
واضاف يوخنا بان “حمودي ابلغ اللجان البرلمانية بحصر تلك القوانين وعرضها على مجلس النواب”، مبينا ان “القوانين تقدر باكثر من 100 ابرزها المحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد”.
وتابع مقرر البرلمان انه “لم تبق امام البرلمان اليوم، بعد قرار سحب القوانين السابقة، سوى اقل من 50 قانونا”، معربا عن اعتقاده بان “الاجراء سيفسح المجال امام مجلس النواب للانشغال باخذ دور الرقابة بشكل اكبر”.
وكانت اللجنة القانونية البرلمانية طلبت من حكومة العبادي، نهاية 2014، ايضاح موقفها من 184 تشريعا تعتزم تشريعها بعد ان تم تأجيلها من الدورات السابقة.
خشية من تعطيل التشريع
ويقول النائب حسن توران، عضو اللجنة القانونية، ان “حكومة العبادي في بداية تشكيلها ارسلت جميع القوانين غير المشرعة الى مجلس النواب، واخذت دورها تباعا في سياقات التشريع الاعتيادية”.
ويرى توران، ان “الاجراء المفاجئ قد يتسبب بارباك العمل التشريعي لان بعض القوانين قرئت مرة ومرتين وبعضها وصل الى مرحلة التصويت”.
الى ذلك دعا امين بكر، عضو اللجنة القانونية، الحكومة الى “التشاور مع البرلمان قبل اتخاذ قرار حسب القوانين المرسلة سابقا”.
ويقول بكر، في اتصال مع (المدى)، ان “السرعة في هذا القرار قد تهدد بوقف العمل التشريعي في البلاد لان الحكومة لم تنسق مع البرلمان بهذا الاجراء الاخير”.
ويشير النائب عن كتلة تغيير الكردية الى ان “النواب لم يكن لهم اطلاع على الامر وعلى الحكومة ان تحدد بعض القوانين التي تسحبها وان توضح سبب سحب كل قانون، وليس ان تسحبها دفعة واحدة”.
وبعد ايام من تسلم العبادي منصب رئيس الوزراء حثت الحكومة مجلس النواب على الاسراع في تشريع القوانين المهمة بوصفها من اولويات الحكومة.
ومن ابرز تلك القوانين هي: الاحزاب السياسية، منع استعمال وانتشار الاسلحة الكاتمة، حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي، ومشروع قانون الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الايرادات الاتحادية، ومشروع قانون جرائم المعلوماتية، ومشروع قانون تأسيس المؤسسات الصحية الأهلية، ومشروع قانون اعفاء الشركات العراقية والاجنبية المنفذة للمشاريع الاستثمارية من الضرائب والرسوم، ومشروع تنظيم زرع الاعضاء البشرية ومنع الاتجار بها، ومشروع قانون التعديل الاول لقانون هيئة دعاوى الملكية، ومشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا.
قوانين ما قبل الإصلاحات
في غضون ذلك يعزو النائب عن دولة القانون جاسم محمد جعفر سحب القوانين المرسلة الى “تغير الاوضاع في البلاد خلال الاشهر الماضية بعد الاجراءات الاصلاحية وتطبيق التقشف”.
ويقول جعفر، في تصريح لـ(المدى)، ان “الحكومة قررت سحب القوانين لتكون متلائمة مع القرارات الاخيرة في خفض عدد الوكلاء والمدراء وتغيير الهياكل الادارية مثل قانون وزارة العلوم والتكنولوجيا التي دمجت مع وزارة التعليم ولم يعد قانونها ذو فائدة”.
واشار عضو ائتلاف دولة القانون الى ان “بعض القوانين السابقة لم تعد تتناسب مع التقشف لانها كانت مكتوبة في اعوام 2010 و2011 حين كانت اسعار النفط مرتفعة وميزانية العراق كبيرة”.