خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
الموقع الإيراني الحساس الجيواستراتيجي، كنقطة اتصال بين “أوروبا”، و”الشرق الأوسط”، و”آسيا”، يمَّثل في الظاهر فرصة منقطعة النظير لـ”الجمهورية الإيرانية”، لتكون قطب تجاري فيما يتعلق بصادرات الطاقة وغيرها من السلع. بحسب ما استهل كلًا من “محمد إسلامي” و”باربارا اسلافین”؛ تحليلهما المنشور على موقع مركز (ستيمسون) للأبحاث، وأعاد مركز (الخليج) للدراسات نشره على موقعه الخاص.
مع هذا لم تتمكن “إيران”؛ بسبب أربعة عقود من العزلة العالمية، والعقوبات الغربية، والبُنية التحتية للنقل الضعيفة، من احتلال مكانتها في منافسة نقل الترانزيت والممرات الإقليمية. ومكانة “إيران” الضعيفة فيما يتعلق بمسّارين محتملين هما: (الممر الدولي للنقل عبر بحر قزوين أو الممر الأوسط) و(الممر الدولي للنقل الشمالي-الجنوبي)، تُشير إلى أن “طهران” لم تُظهر نجاحًا في المنافسات.
معاناة “إيران” تحت ضغوطٍ كبيرة..
وتصارع “إيران”؛ منذ انتصار الثورة عام 1979م، أنواع وأشكال من العقوبات. وقد ضاعف الانسحاب الأميركي من “الاتفاق النووي” عام 2018م، والعقوبات الأوروبية على خلفية الدعم الإيراني للاعتداء الروسي على “أوكرانيا”، آخرها قرار “الاتحاد الأوروبي” الأخير بشأن حظر رحلات ثلاث شركات طيران إيرانية كبرى، من ثقل عبء العقوبات على “إيران”.
وبالتالي ازداد أسعار تذاكر الطيران في “إيران” بنحو الثُلث، وزيادة الأسعار إلى جانب أسطول الطائرات الإيرانية المتهالكة والصغيرة، يضعف من قدرة هذا البلد على المنافسة مع سائر الدول الأخرى فيما يخص النقل الجوي.
ونتيجة للعقوبات، يبلغ متوسط عمر أسطول الطائرات المدنية الإيرانية: (28 عامًا)، جعل من أسطول النقل الجوي الإيراني أحد أكثر الأساطيل غير الآمنة في العالم. وبحسّب تقرير “شبكة سلامة الطيران”، فقد لقي: (1755) مسافرًا إيرانيًا مصرعهم في حوادث طيران على مدار الـ (44) عامًا الماضية، ومن بين (335) طائرة في أسطول النقل الوطني الإيراني، توقفت نصفها عن العمل بسبب الأعطال ونقص قطع الغيار، مقارنة بـ”الخطوط الجوية القطرية” التي تمتلك (209) طائرة؛ (بمتوسط عمر يتراوح بين: 05 إلى 8.5 سنوات)، وطيران “الإمارات” التي تمتلك (265) طائرة حديثة تقدم خدماتها لأكثر من (150) وجهة حول العالم، و”الخطوط الجوية التركية” التي تمتلك (350) طائرة.
ويمتاز النقل البري في “إيران” بحالة جيدة؛ لكن قليلًا. وفق إحصائيات “مركز الإحصاء الإيراني”، فقد بلغ حجم الترانزيت في السنة الشمسية الماضية: (17.8) مليون طن فقط، وهو أقل بكثير من طاقته البالغة: (80) مليون طن.
وتستحوذ “إيران” على: (4%) فقط من (300) مليون طن من البضائع الترانزيت على مستوى المنطقة.
ومؤخرًا عزا “مسعود بولمه”؛ أمين عام جمعية الشحن والخدمات الإيرانية، أسباب تراجع قدرات “إيران” في مجال الترانزيت إلى ضعف الكفاءة والبُنية الإدارية، وقال: “تمر البضائع عبر إيران خمس مرات أبطأ من الدول المجاورة وتكلف ثلاث مرات أكثر من المعايير الإقليمية. على سبيل المثال، يستغرق الأمر في المتوسط حوالي أربعة أيام لتفريغ السفن التجارية في موانيء إيران، مما يزيد من تكلفة النقل، بينما في الإمارات العربية المتحدة يستغرق الأمر ثلاث ساعات فقط”.
منافسات الممرات..
أعلن “مركز بحوث الغرفة التجارية الإيرانية” مؤخرًا، تعمد “إيران” تجاهل مشروعات كبرى مثل مشروع (الحزام والطريق) الصيني، كذلك يجرى العمل على قدم وساق في المسارات البديلة بالمناطق المجاورة للشمال الإيراني.
وعلى سبيل المثال؛ حرم عدم اكتمال سكة حديد (رشت-أستارا) في الممر (الشمالي-الجنوبي)؛ “إيران” من الوصول إلى: (07) ملايين طن من البضائع؛ و(600) ألف مسافر سنويًا.
وقد استثمر منافسو “إيران” في الممرات البديلة مثل: (طريق التنمية) مبلغ: (17) مليار دولار من “ميناء الفاو” في “العراق” إلى “تركيا، والإمارات، وقطر”.
من ثم تتكبد “إيران” بشكلٍ عام خسائر في هذا المجال المُربح، وقد فقدت أداة رئيسة لاستكمال إيراداتها النفطية.
هذه الإخفاقات هي سبب آخر لسعى “إيران” للتفاوض مع إدارة؛ “دونالد ترمب”، القادمة لتخفيف العقوبات.