خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

تكبدت الدولة الإيرانية العام الماضي؛ تكلفة باهظة بسبب موضوع الحجاب وسلوك “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” غير السليم، بداية من وفاة؛ “مهسا أميني”، والضحايا من القوات الأمنية والمواطنين في إطار الاحتجاجات، وحتى إصابة وإلقاء القبض على بعض الأفراد وتراجع الاستثمارات الاجتماعية؛ بحسب تقرير “پارسا سپهري”؛ المنشور بصحيفة (ستاره صبح) الإيراني.

وأكدت وسائل الإعلام والنشطاء وأهل الثقافة إمكانية حل هذه المشكلة الثقافية عبر الأسس العلمية والاجتماعية، لكن موقف البعض مثل “جبهة الثبات” و”هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”؛ انحصر بين مقولة الحجاب السيء والإيجابي.

ومن جملة الإجراءات التي جرى اتخاذها إغلاق بعض الأماكن والمناطق السياحة بسبب سوء الحجاب. وهذا التيار الفكري بصدد التقدم بمقترح مشروع إلى البرلمان ينص على توقيف وتغريم وسحب جواز السفر والرقم القومي من غير المحجبات.

والأهم أن أحد نواب البرلمان أمهل السلطة القضائية حتى اليوم للتعامل مع مشكلة الحجاب السيء. وحديثًا أقدم فرد بشكل شخصي في مدينة “مشهد” بسكب علبة زبادي على رأس أم وابنتها غير المحجبة؛ وهو ما أثار طوفان إعلامي، وتحول الموضوع إلى قضية للمعارضة.

وفيما يلي نبذة عن ردود الأفعال على هذا الحادث.

حكم ضبط الرجل والمرأتان..

أعلنت العلاقات العامة للنائب العام في بلدية “طرقبة”؛ بمدينة “مشهد”، إصدار قرار الشخص الذي نفذ بشكل غير مقبول شعيرة النهي عن المنكر، والمرأتان على خلفية خلع الحجاب.

ووفق الأحكام القضائية يواجه الشخص تهمة بالإخلال بالنظام العام، والمرأتان تهمة ارتكاب فعل حرام. مع ضرورة توجيه إنذار لصاحب البقالة محل الحدث بضرورة مراعاة الضوابط الشرعية والقانونية.

كيفية التعامل بالأمر بالمعروف..

علق “مهدي رضائي”؛ أمين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمدينة “خراسان الرضوية” على الحادث، وقال: “في البداية حدث نقاش وتحذير، لكن من غير الواضح طبيعة الرد الذي أفضى إلى الخطوات التالية؛ (سكب الزبادي على رأس المرأتين). وهذا النوع من الأمر بالمعروف غير مقبولًا إطلاقًا لكن لابد من توقيع العقوبة على المرأتين بجريمة خلع الحجاب”.

إذا تجاوز الناهي عن المنكر مرحلة الكلام..

غرد “محسن برهاني”؛ المحامي على حسابه الشخصي بموقع (تويتر): “وفق البند (8) من الدستور وقانون حماية الآمرين بالمعروف، يمكن نهى جميع المواطنين باللسان عن المنكر، لكن النهي العملي من اختصاص القانون والسلطة، ولا يجب أن يخوض الآمرين بالمعروف في النهي العملي. فإذا تجاوز مرحلة الكلام وتعدى على كرامة، وأرواح، وأموال، وخصوصيات الأفراد، فإن هذا يُصنف كاعتداء غير قانوني وجريمة. ويحق للمارة وفق المادة (156) الدفاع ضد هذه السلوكيات”.

إغلاق بعض مراكز الترفيه والسياحة..

ازدادت وتيرة إغلاق بعض المطاعم ومراكز الترفيه والسياحة في عطلة عيد النيروز. على سبيل المثال جرى تشميع مجمع ترفيهي سياحي شهير في بلدية (آمل) بسبب رقص بعض السياسات غير المحجبات، وثلاث مطاعم كبرى ببلدية (نوشهر) بسبب خلع الحجاب وإجراء عروض موسيقية مباشرة. كذلك أكد النائب العام في (دزفول) اغلاق أحد الأماكن التاريخية السياحية بالمدينة بسبب عدم الالتزام بالضوابط الأخلاقية. بالإضافة إلى اغلاق عدد من المناطق السياحية والترفيهية والمطاعم ومحلات الملابس والفنادق في آبادان، وبرديس، وكاشان، جيلان، وهمدان، وبابلسر. وكان “عزت‌الله ضرغامي” وزير السياحة قد انتقد في وقت سابق سياسة اغلاق المنشآت السياحية والترفيهية وقال:” لا أوافق على سياسة الاغلاق، لأن هذه المراكز تستقبل عدد كبير من الحجوزات، وحين يقع خطأ معين يجري اغلاق المكان، وهذا بالحقيقة يعمل على اضعاف الحقوق العامة. لا يجب أن نقدم إيران للسياحة الخارجية باعتبارها مكان غير آمن. فالسياحة الخارجية قد تكون أحد أدوات مكافحة سياسية الإيران فوبيا. تخيل أن تحجز في مكان ما وبعد ذلك يجري اغلاق المكان لأسباب معينة وتخسر حجزك”.

هل يجب التضحية بعدة “مهسا” أخرى ؟

غرد “آذر منصوري” أمين عام حزب اتحاد الأمة متسائلًا: “ما هى تداعيات هذا الاصرار على تفتيت المجتمع واشعال الثنائية القطبية بين المحجبات والشعب ضد غير المحجبات على الوحدة الوطنية؟ هل يجب التضحية بعدة (مهسا) أخرى لقاء الاصرار على هذا التوجه؟!

تكرار أخطاء الماضي..

بدوره غرد “محمدرضا جوادي” عالم الاجتماعي قائلًا: “الحكومة تكرر نفس اخطاء العام الماضي فيما يخص موضوع الحجاب، مع اختلاف أن الشعب أكثر استياءً بسبب التضخم، وقد خاض المحتجون تجربة تشكيل حركة واسعة، وكذلك خاض عشرات الآلاف من الشباب تجربة الاعتقال. علينا أن نترك الثنائية الموجودة تجاه الحجاب للمجتمع، لأن النظام السياسي لا يمتلك قدرة الحل”.