“سبيشال أوراسيا” يرصد .. بداية “لعبة كبيرة” في آسيا الوسطى والجنوبية

“سبيشال أوراسيا” يرصد .. بداية “لعبة كبيرة” في آسيا الوسطى والجنوبية

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

نشر مركز بحوث (سبيشال أوراسيا) للأبحاث؛ تقريرًا يتناول بالبحث والتحليل أسباب وتداعيات اعتراف النظام الروسي بحكومة (طالبان) في “أفغانستان”، والذي استعرضه موقع (تابناك) الإيراني؛ فيما يلي..

يُقدّم هذا التقرير تحليلًا للتداعيات الجيوسياسية للاعتراف الرسمي بالإمارة الإسلامية في “أفغانستان”؛ من قبل “روسيا”، في تموز/يوليو 2025م؛ حيث تعكس الخطوة الروسية بحذف حركة (طالبان) عن قائمة المنظمات الإرهابية، نية “موسكو” توسيّع التعاون في مجالات التجارة والبُنية التحتية والأمن الإقليمي.

بعبارة أخرى؛ يُمثّل اعتراف “روسيا”؛ بـ (طالبان)، جزءً من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز نفوذ “موسكو” في “آسيا الوسطى والجنوبية”، وهي منطقة تشهد تصاعدًا في التنافس بين القوى.

النقاط الرئيسة..

“روسيا” هي أول دولة تعترف رسميًا بحكم (طالبان)؛ منذ آب/أغسطس 2021م.

يشمل هذا الاعتراف تعاونًا مخططًا في مجالات الأمن ومكافحة المخدرات والبُنية التحتية والتجارة والطاقة.

يعكس هذا التحول استراتيجية “موسكو”؛ والذي يهدف إلى تعزيز النفوذ الجيوسياسي في “آسيا الوسطى والجنوبية”.

المقدمة..

اتبعت “موسكو”؛ منذ استيلاء (طالبان) على السلطة، في آب/أغسطس 2021م، وإعلان “الإمارة الإسلامية”، نهجًا براغماتيًا شمل الاعتراف الدبلوماسي بـ (طالبان) والحفاظ على سفارتها في “كابول”.

وكانت المحكمة الروسية العُليا قد رفعت؛ في نيسان/إبريل 2025م، حركة (طالبان) من قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة، وتلا ذلك مشاركة وفود من (طالبان)؛ في آيار/مايو من العام نفسه، بـ”منتدى قازان” بعنوان: “روسيا-العالم الإسلامي”، وكذلك في “منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي”؛ (SPIEF 2025)، مما رفع مكانة “أفغانستان” في الأطر الاقتصادية التي تقودها “روسيا”.

ثم اعترفت “روسيا” رسميًا: بـ”الإمارة الإسلامية الأفغانية”، بتاريخ 03 تموز/يوليو 2025م، ورفع علم (طالبان) فوق سفارة “أفغانستان” في “موسكو”.

التحليل الجيوسياسي..

يُمثّل الاعتراف الرسمي انتقالًا مدروسًا من التفاعلات غير الرسمية إلى التأييد الدبلوماسي الكامل. وقد اتخذت قيادة (الكرملين) العليا هذا القرار في إطار استراتيجية ترمي إلى تعزيز النفوذ بالتوازي مع تغيَّر موازين القوى الإقليمية.

وقد ووجهت هذه الخطوة بمعارضة داخلية محدودة؛ حيث تتماشى مع السياسة الخارجية البراغماتية.

وتهدف “روسيا” بهذا الاعتراف، إلى تعزيز “روسيا” علاقاتها الاقتصادية مع “أفغانستان”، والعمل على تطوير التبادل التجاري في مجالات النفط والغاز والقمح، وكذلك التعاون في مشاريع البُنية التحتية والطاقة والزراعة.

وقد يتحدى هذا النفوذ المصالح الصينية، خاصة مع استمرار “بكين” في دعم (طالبان) مقابل الوصول للموارد الطبيعية.

وتعكس مشاركة (طالبان) في المحافل الاقتصادية الروسية الكبرى عام 2025م، المسّاعي المتبادلة الرامية إلى دمج “أفغانستان” في شبكة “موسكو” الاقتصادية والسياسية الأوسع في العالم الإسلامي.

وفي المجال الأمني؛ تُركز “روسيا” على مكافحة الإرهاب والمخدرات، خاصة مع التهديدات المستمرة من (داعش خراسان) التي تستهدفها.

وقد يحُفز الاعتراف الروسي دولًا أخرى مثل “الصين” و”دول الخليج وجمهوريات آسيا الوسطى” على الاعتراف بـ (طالبان)، مدفوعة بحسابات اقتصادية أو استراتيجية.

وتُمثّل هذه الخطوة جزءً من اتجاه أوسع نحو شرعنة حكومات تُسيّطر عليها جماعات مسلحة لأسبابٍ جيوسياسية، مثل “أفغانستان وسورية”.

هذا المسّار يُهدّد المعايير الدولية حول شرعية الحكومات، وقد يُحفز الفصائل المسلحة في مناطق أخرى للاستيلاء على السلطة بالقوة، مع تصور أن الفائدة الجيوسياسية قد تؤدي إلى الاعتراف الرسمي بهذه الحركات.

مع هذا تبقى ردود فعل “الولايات المتحدة” وحلفائها غامضة، رُغم تركيز “واشنطن” الجديد على “أفغانستان” ومصالح الغرب في “آسيا الوسطى”. ويُعتبر تهديد التفتت الاستراتيجي والتطبيع مع الحكومات التي تقودها المليشيات المسلحة، تطورًا أساسيًا في مرحلة ما بعد التدخل الغربي.

تقيّيم المخاطر..

عدم الاستقرار الداخلي: قد يُضعف القمع الطالباني، خاصة القيود على النساء، التحركات الاقتصادية والدبلوماسية.

التهديد الإرهابي: قد تستهدف موجة جديدة من الإرهاب حكومتي (طالبان) و”روسيا”.

ردود الغرب: قد تُفرّض دول الـ (ناتو) عقوبات وردود دبلوماسية تُزيد عُزل “موسكو”.

التنافس الإقليمي: قد تسَّارع “الصين وباكستان ودول الخليج” إلى التعامل مع (طالبان)، مما يُطلق مرحلة جديدة من: “اللعبة الكبرى”.

التوقعات والآفاق..

قصيرة الأجل (06 أشهر): توسيّع المبادرات الدبلوماسية والتجارية، من مثل التعامل على مستوى السفارات، وتبادل الوفود التجارية، وبداية التخطيط لتنفيذ مشاريع بُنية تحتية.

متوسطة الأجل (06-24 شهرًا): توقّيع اتفاقيات رسمية بين “روسيا” و(طالبان) في مجالات نقل الطاقة؛ (مثل خطوط الأنابيب)، والزراعة ومكافحة المخدرات والتعاون الأمني، واحتمال نشر قوات روسية في “أفغانستان” لمكافحة تنظيم (داعش خراسان).

طويلة الأجل (02-05 سنوات): قد تُصبّح “أفغانستان” محور “لعبة كبرى” جديدة مع اعترافات إقليمية ودولية، وسيناريوهات تشمل:

– الدمج الرسمي في الاتحادات الاقتصادية الأورآسيوية بقيادة “روسيا”.

– المشاركة في مشروع (الحزام والطريق) الصيني.

– الانضمام إلى “منظمة تعاون شانغهاي”.

مع هذا؛ قد يُقيّد القمع الإيديولوجي المستَّمر والقصّور الأمني المكاسب الاقتصادية، ويُفّرض رد فعل دولية سلبية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة