24 نوفمبر، 2024 2:26 ص
Search
Close this search box.

سؤال يؤرق “واشنطن” .. “ناشيونال إنترست”: إلى متى ستظل السعودية شاردة عن الحضن الأميركي ؟

سؤال يؤرق “واشنطن” .. “ناشيونال إنترست”: إلى متى ستظل السعودية شاردة عن الحضن الأميركي ؟

وكالات – كتابات :

نشرت مجلة (ناشيونال إنترست) تقريرًا أعدَّه؛ “روبيتر ماسون”، وهو زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في “واشنطن”، يتناول فيه الحديث عن فتور العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”السعودية”. وخلُص الكاتب إلى أن الجهود الاقتصادية والدبلوماسية المتجددة، إلى جانب حزمة عسكرية جديدة، يمكن أن تضطلع بدور مهم في الخروج من المأزق الحالي بين البلدين.

“أميركا” و”السعودية”: نظرة تاريخية..

يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن “الولايات المتحدة” و”السعودية” شهدتا عِدَّة أوقات من العلاقات الودية والمتوتِّرَة منذ أن التقى الرئيس الأميركي الأسبق؛ “فرانكلين ديلانو روزفلت”، العاهل السعودي؛ “عبدالعزيز بن سعود”، لأول مرة عام 1945. وناقش الزعيمان خلال لقائهما على متن السفينة (يو. إس. إس كوينسي)، مستقبل الأوضاع في “فلسطين” وتوصَّلا إلى اتفاق تُقدِّم “أميركا” بموجبه ضمانات أمنية للمملكة مقابل الحصول على إمدادات الطاقة بأسعار ميسورة. واستمرت تلك الموضوعات المحددة في الهيمنة على سياسات الشرق الأوسط، ما أتاح للمملكة فرصة حتى تؤدي دورًا كبيرًا في الشؤون الدولية.

وأعقبت حرب تشرين أول/أكتوبر عام 1973؛ أزمة “نفط” دولية استخدم فيها أعضاء “منظمة الأقطار العربية المُصّدرة للبترول”؛ (أوبك)، “النفط”، بوصفه سلاحًا للضغط على “إسرائيل” وحلفائها في الغرب. وساعد الألم الذي سبَّبته الدول المُصدِّرَة لـ”النفط”، إلى جانب بذل جهود اقتصادية ودبلوماسية جديدة، في إنهاء هذه النوبة. وفي أعقاب أزمة “النفط”، تمتَّعت “الولايات المتحدة” و”السعودية” بتعاون عسكري ومالي مزدهر ضد النفوذ السوفياتي، لا سيما في “أفغانستان” طوال عقد الثمانينيات، قبل أن تصل العلاقات الثنائية بين “واشنطن” و”الرياض” لأدنى مستوياتها بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001.

ويُشدِّد التقرير على أن المخاوف السعودية من سياسة “الولايات المتحدة” تضاعفت؛ منذ غزو “العراق”، بقيادة “الولايات المتحدة”، ما أسفر عن فتح المجال أمام النفوذ الإيراني، وتضمَّن ذلك الغضب الشديد من دعم إدارة “أوباما” للتغيير الثوري في “مصر”، والتقاعس عن اتخاذ إجراءات أثناء الصراع السوري، والسعي الحثيث من أجل إبرام “خطة العمل الشاملة المشتركة”؛ مع “إيران”. وكان يُفترض – وفقًا للكاتب – أن “السعودية” تنتظر أن تنتهي حقبة إدارة “أوباما”. كذلك كان للرأي العام والمعارضة المتزايدة في “الكونغرس” تأثيرًا وسيطًا في العلاقات بين “واشنطن” و”الرياض”، الأمر الذي أسفر على وجه التحديد عن تمرير قانون العدالة ضد رعاة ما تُسميه “أميركا”: بـ”الإرهاب”، عام 2016.

مخاوف “البيت الأبيض”..

ويؤكد التقرير أن مخاوف “البيت الأبيض”؛ التي ظهرت مؤخرًا بشأن المملكة، تتمحور حول سِجلِّها في مجال حقوق الإنسان والصراع اليمني واغتيال “جمال خاشقجي”، إذ يأتي كل ذلك في سياق الدعم الأميركي للدفاع عن المملكة وغيرها من الحلفاء في “مجلس التعاون لدول الخليج العربية”. وعادت إدارة “بايدن” إلى الأساسيات من خلال التركيز على الحفاظ على التحالف وإدارته، ولكنَّها لم تُقدم أي بادرة مهمة حتى الآن لإعادة “السعودية” إلى قائمة البلدان الموالية للغرب.

وعقد الأمير “خالد بن سلمان”، شقيق ولي العهد السعودي؛ الأمير “محمد بن سلمان”، ونائب وزير الدفاع، اجتماعات رفيعة المستوى مع إدارة “بايدن”؛ في تموز/يوليو 2021، ربما تمهيدًا لزيارة “محمد بن سلمان”؛ لـ”واشنطن”. وغادر الأمير “خالد بن سلمان”؛ “واشنطن”، في وقت مبكر بعد أن أحرز تقدمًا محدودًا. وفي وقتٍ لاحق، فشلت زيارة وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، لـ”السعودية”، في أن تتحقق على أرض الواقع في خريف عام 2021. وأبرمت “الرياض” بدلًا من ذلك اتفاقية عسكرية مع “روسيا”؛ في أيلول/سبتمبر 2021، ومضت قُدمًا في صناعة صواريخها (الباليستية) بمساعدة “الصين”. كما قام “محمد بن سلمان” بجولة في دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ بهدف تشجيع التضامن شبه الإقليمي في المرحلة التي سبقت القمة الخليجية الثانية والأربعين في “الرياض”؛ التي عُقدت في 14 كانون أول/ديسمبر 2021.

ووفقًا للتقرير، أدى الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”؛ في مطلع عام 2022، إلى تسليط الضوء على حسابات الطاقة الأميركية، لا سيما في ظِل إجراء انتخابات التجديد النصفي؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2022، بيد أن المملكة تحرص على أن تُحافظ على اتفاقية إنتاج “منظمة الأقطار العربية المُصّدرة للبترول”؛ من “النفط”. ولم يُشارك “محمد بن سلمان” في المكالمة الهاتفية التي جمعت بين الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، والملك “سلمان”، والتي طلب فيها الرئيس الأميركي مزيدًا من المساعدات فيما يتعلق بقضايا إمدادات “النفط”.

ويُضيف الكاتب أنه بدلًا من تكرار الإستراتيجية الناجحة التي وضعها الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”، والتي تمثَّلت في مطالبة المملكة بضبط إمداداتها النفطية، وإلا ستفقد الدعم العسكري الأميركي، أدركت إدارة “بايدن” أن أي شعور آخر بانسحاب “الولايات المتحدة” من المنطقة؛ بعد انسحابها من “أفغانستان”، قد يُعزز علاقات دول “الخليج العربي” مع “روسيا” و”الصين”، اللتين حاولتا ترسيخ وجودهما في المنطقة. ولذلك اضطر “البيت الأبيض” إلى أن تلجأ إلى احتياطي “النفط” الإستراتيجي بهدف المساعدة في خفض أسعار “الغاز”.

محاولة رأب الصدع..

ووفقًا للتقرير؛ التقى “ويليام بيرنز”، مدير الاستخبارات المركزية، “محمد بن سلمان”؛ في نيسان/إبريل هذا العام؛ في محاولة لرأب الصدع وتحسين العلاقات بين “واشنطن” و”الرياض”. ولا توجد مؤشرات تُفيد بأن ولي العهد السعودي يُصغي إلى هذه المحاولات، وآية ذلك أنه قال في تسجيل صوتي: “ببساطة، لا يهمني” إذا أساء الرئيس الأميركي؛ “بايدن”، فهم شيء ما عنه. وعانت البُلدان التي ضغطت على “السعودية” لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، مثل: “كندا وألمانيا”، من عدم التعاون والإنقطاع في النشاط الدبلوماسي والاقتصادي. وقد تتمثَّل حسابات ولي العهد السعودي في أن إدارة “بايدن” يمكن تجاهلها أو انتظار نهايتها؛ حتى عام 2024. غير أن تلك الإستراتيجية قد تكون محفوفة بالمخاطر.

صحيح أن العلاقات الثنائية بين “الولايات المتحدة” و”السعودية” يجري تقويضها أيضًا من خلال قضايا هيكلية أخرى، مثل إعادة توجيه “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي داخل البلاد والإفتقار النسبي إلى التنويع السعودي. كما تولِّي المملكة قبلتها صوب الشرق على نحو متزايد في أسواق الطاقة المتنامية في “الصين” و”الهند”؛ إذ تبيع “السعودية” نحو ربع “النفط” الذي تُنتجه إلى “الصين”، ذلك البلد الذي يعقد شراكة إستراتيجية شاملة مع المملكة ويُحافظ على: “تعاون رفيع المستوى” معها في مجال الطاقة.

ويُضيف التقرير أنه قد يزور الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، “السعودية”، خلال آيار/مايو 2022، وقد تسمح “السعودية”؛ لـ”الصين”، بعد ذلك بأن تدفع ثمن نفطها بـ”اليوان” بدلًا من “الدولار الأميركي”. بيد أن المملكة تواجه موعدًا نهائيًّا لتحقيق (رؤية 2030) من أجل إحراز نتائج ملموسة مطلوبة لجذب الاهتمام الوطني وتعزيز الشرعية السياسية؛ لـ”محمد بن سلمان”، قبيل إعتلائه العرش. وتُعد زيادة التجارة والاستثمار الأميركي من الأمور الضرورية لتحقيق هذا الهدف، ما يُعجِّل بالخروج من المأزق الحالي بين “الولايات المتحدة” و”السعودية”.

مصدر الصورة: الحرة

ويختم الكاتب تقريره بالقول: وبالطريقة ذاتها التي خفَّفت بها الجهود الاقتصادية والدبلوماسية المتجددة حِدَّة التوترات عقب أزمة “النفط”؛ عام 1973، وهجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، قد يؤدي نهج مماثل، إلى جانب حزمة عسكرية جديدة تهدف إلى تهدئة المخاوف السعودية بشأن استمرار هجمات “الحوثيين” والنفوذ الإيراني، دورًا مهمًّا في الخروج من المأزق الحالي.

ويُضيف الكاتب: ومع ذلك، قد يتمثَّل أفضل رهان في البناء على الدبلوماسية المستمرة بين “السعودية” و”إيران”، والتي تهدف إلى إنهاء حرب “اليمن”؛ وبناء آلية أمنية إقليمية تتَّسِم بمزيد من الاستدامة. ويعتمد مستقبل العلاقة والنظام الدولي الليبرالي الجديد على الاتفاق النووي الإيراني وعودتها إلى سوق “النفط” الدولية، كما حدث في غيرها من النقاط الخلافية بين “الولايات المتحدة” و”السعودية”. وقد تُكسَر حالة الجمود السياسي، ولكنَّ العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”السعودية” تبدو جاهزة لأن تكون أكثر ارتباطًا بالمعاملات وأكثر حذرًا مما كانت عليه في السابق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة