سؤال تحاول “اسكناس” الإيرانية إجابته .. إلى أين تتجه إسرائيل ؟

سؤال تحاول “اسكناس” الإيرانية إجابته .. إلى أين تتجه إسرائيل ؟

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

ما تقوم به “إسرائيل” في المنطقة؛ من “إبادة جماعية” واسعة النطاق في “غزة”، إلى الهجمات المستَّمرة على “لبنان وسورية”، والحرب ضد “إيران”، وصولًا إلى الهجوم الأخير على “قطر”، يبدو للوهلة الأولى استعراضًا سافرًا للقوة دون رادع، مدعومًا من “الولايات المتحدة الأميركية”، وكأنها تملك اليد العليا في المنطقة، تضرب من تشاء وأينما تشاء، وتُنفذّ الاغتيالات دون حساب. بحسّب ما استهل “صابر گل عنبري”؛ محلل سياسي، تحليله المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية.

تخبط “البلطجي المجنون”..

مع هذا؛ لا يعكس النهج الإسرائيلي الحالي سلوك طرفٍ عاقل ومسؤول، بل أقرب إلى تصرفات: “البلطجي المجنون”، الذي فقد توازنه، ويُقدّم على أفعال غير محسوبة بعد أن تبخرت مكانته واعتباره في العالم، وبات يتصرف دون أي التزام أو احترام للقوانين والأعراف.

صحيح أن غياب القوة وبخاصة العسكرية؛ يُشكل تهديدًا خطيرًا للدول، إلا أن الاستخدام المفرط والمتهور للقوة من طرفٍ يمتلك تكنولوجيا عسكرية متقدمة، يُمثّل خطرًا على ذاته أيضًا.

وانطلاقًا من رؤية استراتيجية وتاريخية؛ لا من منطلق عاطفي أو دعائي، يمكن القول: إن تصرفات “إسرائيل” الحالية، خاصة الهجوم على الوسيط القطري بعد عامين من استضافة مسؤوليها خلال المحادثات، تفتقر تمامًا للعقلانية والاستشراف المستقبلي.

حماقة الهجوم على “قطر”..

ولم تفشل هذه العملية في تحقيق أهدافها؛ ولم تفشل في تحقيق مكاسب استراتيجية فقط، بل زادت من المخاوف في منطقة “الخليج” تجاه السياسات الإسرائيلية، وأثارت موجة إدانة عالمية جديدة ضدها.

ورغم أن هذه الإدانات لم تُترجم؛ حتى الآن، إلى خطوات عملية، فإنها بلا شك تُضعف موقف “إسرائيل” عالميًا وتعمّق عزلتها، لتفقد تدريجيًا مكاسبها الاستراتيجية واحدة تلو الأخرى؛ حتى أصبحت: “دولة منبوذة ومعزولة”، بحسّب وصف ثلاثة من رؤسائها السابقين: “إيهود باراك”، و”إيهود أولمرت”، و”نفتالي بينيت”، بينما تتعالى الأصوات الدولية أكثر من أي وقتٍ مضى مطالبة بتأسيس “دولة فلسطينية”.

وضع “برميل بارود” ينتظر الانفجار..

على الصعيد الإقليمي؛ تواصل “إسرائيل” سياسات التطهير العرقي في “غزة” وتوسع هجماتها المتهورة في المنطقة، ما يقضي تمامًا على أي فرص للتطبيع أو الاندماج في الإقليم، بل ويُعرّض علاقاتها الحالية، حتى مع من وقعوا على (الاتفاقيات الإبراهيمية)، لتهديدات جدية.

كما أن بذور الكراهية التي زرعتها في عموم المنطقة تُنذّر بتشكيل جبهة موحدة ضدها. هذا الوضع أشبه: بـ”برميل بارود” ينتظر الانفجار.

ورغم غياب دلائل مباشرة على مواجهة إقليمية قريبة ضد “إسرائيل”، فإن التمهيدات لذلك بدأت، ولا شك أن الانفجار قادم عاجلًا أو آجلًا، وإن كان هجوم السابع من تشرين أول/أكتوبر، حسّب اعتراف الإسرائيليين أنفسهم، هو أعظم ضربة أمنية في تاريخ “إسرائيل” منذ تأسيسها، فإن الرد غير المتزن وغير العقلاني عليه، ضاعف رغم بعض مكاسبه من أبعاده السلبية على المستويين الإقليمي والدولي، وجعل من رد الفعل هذا معادلًا استراتيجيًا لأكثر من (07 تشرين أول/أكتوبر) واحد.

“إسرائيل” ستدفع الثمن آجلًا أم عاجلًا..

صحيح أنه لا يوجد في المنطقة حاليًا طرف قادر على ردع “إسرائيل” أو وقفّها، لكن التاريخ يؤكد وكذلك المنطق السياسي عدم ديمومة الأوضاع للأبد. وفي النهاية، ستدفع “إسرائيل” ثمن هذا التهور، لأن البلطجة غير المنضبطة ستنقلب ضد أصحابها، وهذا هو منطق الحياة، والتاريخ، والسياسة.

الخلاصة: “إسرائيل” هي المتضرر الاستراتيجي الأول من سياسات الاستعراض والقوة التي تمَّارسها اليوم، يدفعها “بنيامين نتانياهو” مع تيار اليمين المتطرف نحو مصيّر مجهول.

صحيح أن “إسرائيل” تعيش شئنا أم لا في الشرق الأوسط، لكن هذا الواقع لن يدّوم. ومن يُريد البقاء في بيئة غير مستَّقرة، محاطة بدول عربية وإسلامية كبرى، لا بُدّ له من التفكير بالمستقبل، واحتمال تغير الظروف.

ختامًا؛ “إسرائيل” لم تنشأ بشكلٍ طبيعي، ولا تحظى اليوم بوضع طبيعي في المنطقة. لذا لن يُحقق لها اختلال التوازن والمغامرات التي تقوم بها، الأمان بل على العكس تجعل مستقبلها أكثر اضطرابًا.

وبخلاف الدول التي لها جذور تاريخية طبيعية، فإن “إسرائيل” ستدفع كُلفة هذه السياسات من وجودها ذاته، لا من خلال تغييّر نظامها فقط.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة