12 يناير، 2025 12:53 ص

سؤال إيراني .. هل يتحد الجنوب العالمي ضد الشمال ؟

سؤال إيراني .. هل يتحد الجنوب العالمي ضد الشمال ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

حظى اجتماع قادة مجموعة (بريكس)؛ في “إفريقيا” الجنوبية، باهتمام عالمي غير مسّبوق نتيجة التطورات الجيوسياسية، وصعوبة الأوضاع العالمية، وطلبات انضمام عشرات الدول.

وبلغت حصة (بريكس) بأعضائها الخمس: “البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وإفريقيا الجنوبية”، من الاقتصاد العالمي حتى نهاية العام 2022م، نسّبة: 25.6% أي ما يُعادل: 25.9 تريليون دولار. كذلك تُسّيطر المنظمة على نسّبة: 20% من التجارة العالمية، ويُشكل مجموع سكان الدول أعضاء (بريكس): 42% من الكثافة السكانية العالمية؛ بحسّب “صابر گل‌عنبري”، في تقريره المنشور على موقع (إيران آمروز) الإيراني.

تقديرات مبالغ فيها..

ويُقدم بعض المراقبين (بريكس) باعتبارها بديل للاقتصاد العالمي استنادًا إلى الأرقام وبغض النظر على التحديات والعقبات، بل ويعتبرونها رمز عالمي لعالم متعدد الأقطاب، وانتهاء النظام أحادي القطب وسلطة “الدولار”.

والحقيقة أن هذه النظرة مبالغ فيها على الأقل في ظل الظروف الراهنة. وحجم تحديات (بريكس) الرئيسة يجعل من الصعوبة على أعضاء هذه المنظمة التغلب على هذه التحديات سريعًا.

ومما لا شك فيه أن (بريكس) تمتلك إمكانيات وقدرات محتملة وبعضها عظيم بالفعل، لكنها تفتقد في الوقت الحالي للتحالفات والإمكانيات التي تؤهلها إلى خلق المكونات الكافية المكونة لنظام مالي دولي بديل أو منافس.

عدة ملاحظات..

– “بريكس”؛ منظمة غير مؤسسية ولا تمتلك آلية واضحة تعمل ككتلة متحدة، أضف إلى ذلك أن خطواتها الاقتصادية من مثل إنشاء “مصرف التنمية” ماتزال في المراحل الأولية.

وعليه؛ فإن منظمة تفتقد إلى هيكل تنسّيقي لا تستطيع بهذه المؤشرات أن تُمثل تهديد بالفعل للنظام المالي العالمي الحالي.

– مكونات “مجموعة السبع” أو الكتلة الاستثمارية الغربية؛ (باعتبارها محرك النظام الاقتصادي العالمي الناشيء عن الحرب العالمية الثانية)، ليست اقتصادية بحتة، وإنما هي قبل أي شيء آخر تحالف سياسي وأمني وجيوسياسي بين أركان هذه الكتلة الأطلسية والتي ماتزال قائمة، في حين تفتقر (بريكس) إلى مثل هذا النوع من التداخل على المستويات الرئيسة ولا تستطيع القيام بدور فعال في المنافسة مع الكتلة المضادة؛ حيث يحرص الأعضاء على مصالح فردية منفصلة.

وتحول هذه المصالح غير المتناغمة، والاختلافات القديمة، وانعدام الثقة بين عضوي مؤسسين؛ “الصين والهند”، دون تطوير المنظمة وتطويرها إلى تحالف بمحورية “بكين”. كذلك تعتبر “الهند” علاقاتها مع الغرب كأحد مكونات الموازنة في المواجهة مع “الصين”، ولذلك من المسّتبعد أن تقبل بهكذا اتحاد.

– تفتقد “الصين”؛ التي تلعب دورًا محوريًا في (بريكس)، إلى القدرات الكافية كـ”الولايات المتحدة”؛ والتي تؤهلها إلى تحويل (بريكس) إلى تحالف سياسي وأمني واقتصادي متحد.

كذلك فإن تطوير هذه المجموعة من خلال قبول أعضاء جُدد دون الاتفاق على تعريف هيكلي مؤسسي قد يُحيل (بريكس)؛ مع مرور الوقت، إلى حركة مثل “عدم الانحياز”، التي تشّكلت في ذروة الحرب الباردة وعجزت عن التقدم في العمل.

– الهيكل السياسي لأعضاء (بريكس) غير مؤسسي. وهذا في حد ذاته يُمثل تحديًا خطيرًا حيث تتغير السياسات الخارجية بتغيّير الحكومات والأفراد في الدول الأعضاء، لا سيما دولة كـ”البرازيل” التي تغيّرت سياساتها الخارجية بتغير الرئيس.

كذلك فإن النظام السياسي الصيني باعتباره نقطة الثقل في (بريكس) يفتقر إلى بث الطمأنينة الكافية في باقي الأعضاء للدخول في تكتل عالمي بما يترتب على ذلك من التزامات.

– لا يميل أعضاء (بريكس) الحاليين؛ (باستثناء روسيا)، وأعني: “الهند، والبرازيل، وإفريقيا الجنوبية، والصين”، لتكون (بريكس) في مواجهة “الولايات المتحدة” والصراع معها. لذلك فإن استفادة “إيران” من مزايا (بريكس) حال قبول عضويتها، لن تكون بتلك السّهولة وإنما سيكون هناك تحديات.

– أعضاء (بريكس)؛ باستثناء “روسيا”، شركاء تجاريين لـ”الولايات المتحدة” و”أوروبا”. فـ”الصين” الشريك التجاري الأول لـ”الولايات المتحدة” و”أوروبا”، وحجم تجارة “الصينط مع الكتلة الغربية بالدولار يبلغ عدة أضعاف تجارتها مع أعضاء (بريكس).

كذلك تحتل “الصين” المرتبة الثانية بمبلغ: 900 مليار دولار في البورصة الأميركية. و”البرازيل” مستثمر أكبر في هذه البورصة. وتستثمر هذه الدول بالعادة فائض حساباتها الجارية في “الولايات المتحدة” باعتبارها وجهة هامة لصادرات تلك الدول، وهذا في ذاته مع الأخذ في الاعتبار للتجارة الدولارية لتلك الدول مع الكتلة المضادة، وفيما بينها، ومع الدول الأخرى، يُمثل عائقًا كبيرًا أمام إنهاء سلطة الدولار وإيجاد عُملة مشتركة.

– أخيرًا تستطيع (بريكس)؛ حال التخلص من العقبات السابقة، وتفعيل قدراتها وإمكانياتها، أن تُمثل خطرًا حقيقيًا للنظام المالي العالمي، لكن القضاء على العقبات مسّتبعد بالفعل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة