خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
أخيرًا وبعد جولة من الضغوط وامتناع “الجمهورية الإيرانية” عن قبول مقترحات؛ “دونالد ترمب”، للتفاوض، يجلس الطرفين يوم السبت إلى طاولة المفاوضات في “عُمان”. وقد كان التصور السّائد قبل اختيار “عُمان” كمكان للقاء، أن يكون المكان “الإمارات” أو “روسيا” حال قبول “طهران” اقتراح “ترمب”؛ حيث كانت “إيران” قد تلقت رسالة “ترمب” عبر القناة الإماراتية، وبالتالي فقد سلمت الرد عبر نفس القناة. بحسّب “صلاح الدين هرسني”؛ خبير العلاقات الدولية، في تحليله المنشور بصحيفة (عالم الصناعة) الإيرانية.
وبالنسبة للجانب الروسي أيضًا؛ فالملاحظة المهمة هي أن “موسكو” كان يجب أن تكون إحدى خيارات “طهران” كمكان للمفاوضات، بسبب علاقاتها الاستراتيجية بين البلدين، لكن “طهران” سارت على النهج السابق واختارت “عُمان”.
أسباب استبعاد “الإمارات”..
في غضون ذلك؛ فإن سبب رفض “إيران” لأن تكون “الإمارات” محل المفاوضات، هو علاقاتها الاستراتيجية مع الكيان الإسرائيلي في قالب “الاتفاق الإبراهيمي”، ولذلك فقط كانت جزءً من المشكلة وليس الحل.
بخلاف أن “الإمارات” تفتقر؛ (بالمقارنة مع عُمان)، للوزن الدبلوماسية والخبرة اللازمة لحل المشكلات العالمية والإقليمية.
أضف إلى ذلك؛ مسألة التوتر بين “إيران” مع “الإمارات” بشأن تشّكيك الأخيرة في ملكية الجُزر الثلاث، ولذلك وضعت “طهران” حدًا لأحلام “أبوظبي” في لعب دور الوسيّط في المفاوضات القادمة.
أسباب استبعاد “روسيا”..
وفيما يتعلق بـ”روسيا”، فقد استمرت القضية كما هي دائمًا حول نظرتها الآلية في تعاملها مع “طهران”.
كما أظهرت الوقائع الحالية؛ منذ تقارب “ترمب” مع “بوتين”، عشية رجوعه إلى “البيت الأبيض”، أنه كان على “موسكو” تقديم تنازلات للإدارة الأميركية فيما يتعلق بـ”إيران”، مقابل وعود بحل الأزمة الأوكرانية.
بعبارة أخرى؛ سّعى “ترمب”، خلال المفاوضات مع “روسيا”، إلى مقايضة “أوكرانيا” بـ”إيران”، أي جعل “إيران” ضحية لـ”أوكرانيا”، بحيث تمنح “الولايات المتحدة” امتيازات للروس في قضية “أوكرانيا”، وفي المقابل يمنح الروس امتيازات لـ”أميركا” بشأن “إيران”؛ في القضايا (النووية والصاروخية والعقوبات والإقليمية).
وفي الواقع؛ إدراك “طهران” لنيّات “بوتين” الخبيثة والخائنة جعلها غير مستَّعدة للقبول بدور “موسكو” كوسيط في المفاوضات المقبلة.
وهكذا، مع استبعاد دور “موسكو” و”أبوظبي” الوسيط، تم اختيار “مسقط” كمكان للمفاوضات.
أسباب اختيار “مسقط”..
واختيار “عُمان” للقيام بدور الوساطة واستضافة المفاوضات، له أسباب في مقدمتها: طبيعة علاقات “مسقط” الخارجية.
وقراءة تاريخ علاقات “عُمان” الخارجية إزاء تطورات الشرق الأوسط، تكشف أنها لطالما اتسمت بالبُعد عن التوترات. بعبارة أخرى، فقد كان الحد من التوتر هو أنموذج عمل المسؤولين في “عُمان” على صعيد العلاقات الخارجية، وعليه تُعدّ “عُمان” خيارًا موثوقًا وجديرًا بالثقة لإنهاء المفاوضات بسبب عدم انتفاعها واعتدالها واتباعها نموذج الوساطة والحياد الإيجابي، مقارنة بباقي الدول العربية الخليجية.
ثانيًا؛ لطالما اتسم تعامل العُمانيين في علاقاتهم مع “إيران” بالحكمة والمنطق، مما يُشكّل رصيدًا محتملًا جيدًا للعلاقات بين البلدين.
لذلك وبما أن شرارة جولة المفاوضات وحل المشكلة النووية، كانت قد بدأت في “عُمان” مع الحكومة الإيرانية الحادية عشرة برئاسة؛ “حسن روحاني”، فقد وجب؛ (من منظور التفاؤل)، أن تختتم هذه الجولة أيضًا في “عُمان”.