وكالات – كتابات :
نشرت مجلة (ريسبونسبل ستيت كرافت)؛ التابعة لمعهد (كوينسي) لفن الحكم الرشيد؛ تقريرًا أعدَّه؛ “آدم وينشتاين”، وهو زميل أبحاث في معهد (كوينسي) لفن الحكم الرشيد بـ”الولايات المتحدة”، يستعرض فيه تطوُّر الأوضاع بين “الولايات المتحدة” وحركة (طالبان) في “أفغانستان”.
وخلُص الكاتب إلى أن “واشنطن” لا تزال لا تعترف بالحكومة الجديدة في “أفغانستان”، ولكنها تستعد لإجراء مباحثات حول الأموال المُجمَّدة والمساعدات.
هل تُحسِّن “طالبان” علاقاتها بالدول الأخرى ؟
يُشير الكاتب في بداية تقريره إلى إنعقاد اجتماعين خلال هذا الأسبوع؛ للنظر في العلاقات بين حركة (طالبان) وباقي دول العالم؛ إذ انعقد المؤتمر الأول في العاصمة الأوزبكية؛ “طشقند”، بين مبعوثين دوليين إلى “أفغانستان”؛ (بما فيهم المبعوث الأميركي إلى كابول) ولفيف من مسؤولي (طالبان). وجمَعَ الاجتماع الثاني بين وفدٍ ترأسه داعية إسلامي بارز من “باكستان” وحركة (تحريك طالبان باكستان)، التي يُشار إليها على الصعيد الشعبي أحيانًا باسم حركة: (طالبان باكستان).
ووفقًا لبيان أميركي نقلته وكالة أنباء (صوت أميركا-Voice of America)، كان من المفترض أن تتْبَع هذين الاجتماعين مباحثاتٌ مباشرة بين حركة (طالبان) وأعضاء الوفد الأميركي من أجل: “التصدي للتحديات الاقتصادية التي يواجهها الشعب الأفغاني”.
وركَّز الاجتماع الأول على ضرورة السماح للفتيات الأفغانيات بالإلتحاق بالمرحلة التعليمية الثانوية، وعلى غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان واحتياطات النقد الأجنبي التي لا تزال مُجمَّدة في “الولايات المتحدة” و”أوروبا”، والتنمية الاقتصادية الشاملة في البلاد.
وتُعد “الولايات المتحدة” أكبر مُقدِّمي المساعدات إلى “أفغانستان”؛ إذ استمرت “واشنطن” في ضخ ما يزيد عن: 775 مليون دولار في هيئة مساعدات إلى الشعب الأفغاني طوال مدة حكم حركة (طالبان)؛ منذ الصيف الماضي.
خطوات هادفة..
ويستدرك كاتب التقرير قائلًا: لكن لا يمكن أن تستمر “أفغانستان” في الاعتماد على المساعدات إلى أجلٍ غير مُسمى، ولذلك ينبغي أن تتخذ “كابول” خطوات تهدف إلى إعادة الاقتصاد إلى حالته الطبيعية. وكان “توماس ويست”، المُمثِّل الأميركي الخاص إلى “أفغانستان”، قد أعرب في عِدَّة مناسبات عن رغبته الشديدة في إعادة احتياطات النقد الأجنبي الأفغاني المُجّمدة إلى “البنك المركزي” في “كابول”، فضلًا عن رفضه للإشاعات التي تدَّعي أن هذه الأموال تُستخدَم في تقديم المساعدات.
كما أصدر “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية”؛ التابع لـ”وزارة الخزانة” الأميركية، سبعة تراخيص عامة لتكون استثناءاتٍ من “العقوبات الأميركية” المفروضة على حركة (طالبان). ولكن يظل التأثير المروِّع لهذه العقوبات قائمًا.
وقد فشلت حركة (طالبان) أيضًا في أن تتخذ إجراءات أساسية تطمئن المجتمع الدولي، مثل وضع سياسات واضحة تهدف إلى مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال أو عزل أفراد خاضعين للعقوبات من المناصب القيادية في “البنك المركزي”.
وفي السياق ذاته؛ من الضروري أيضًا أن نفهم أن الاقتصاد الأفغاني سيظل في حالة يُرثى لها حتى إذا رُفِعَت العقوبات غدًا وأُعيدَت احتياطات النقد الأجنبي المُجمَّدَة بالكامل إلى البلاد، نظرًا لأن “أفغانستان” بلد غير ساحلي يعيش معظم سكانه في مناطق ريفية تُشكِّل الفاكهة المُجفَّفَة والفحم والسجاد غالبية صادراته.
وقد تضخَّم الاقتصاد المصطنع؛ (غير الحقيقي)، على مدى عقدين من الزمان بسبب الحرب التي قادتها “الولايات المتحدة” في “أفغانستان”، والتي عزَّزت الصناعات المتعلقة بالحرب مثل نقل الوقود السائب وأسفرت عن ظهور اقتصاد موازٍ قائم على المساعدات. ومن المُرجَّح أن يظل مستقبل النمو في “أفغانستان” بطيئًا في أفضل الأحوال؛ لأنه يواجه حاليًا قيودًا تفرضها جغرافيا البلاد وبنيتها التحتية وحكم حركة (طالبان).
لماذا تقلق “واشنطن” من الأمن في “أفغانستان” ؟
ويُلمح التقرير إلى أن الأمن يظل أحد أهم مصادر قلق “الولايات المتحدة” والمنطقة؛ إذ تستمر (ولاية خراسان)؛ التابعة لتنظيم (داعش)، في استهداف الأقليات التي تعيش في “أفغانستان”، لا سيما أقلية “الهزارة”؛ (إحدى القوميات المسلمة الأفغانية التي تعيش وسط البلاد وتتحدث اللغة الفارسية).
كما تشن (ولاية خراسان)؛ هجماتٍ تستهدف نقاط التفتيش التي تُقيمها حركة (طالبان). ونفَّذت حركة (طالبان باكستان) هجومًا متجدِدًا عبر الحدود في “باكستان”؛ خلال فصل الربيع الماضي، وتُجري حاليًا مفاوضات مع الحكومة الباكستانية.
وتؤدي حركة (طالبان) الأفغانية دور الوسيط في المباحثات الجارية بين الجيش الباكستاني وحركة (طالبان باكستان)، ولكن رفْض حركة (طالبان) الأفغانية إحكام السيطرة على شركائها في (طالبان باكستان) يُعد إحدى النقاط التي تُثير الإحباط في “إسلام آباد”.
وتتمثَّل إستراتيجية التفاوض التي أتَّبعتها “باكستان” مؤخرًا في إرسال وفد بقيادة الداعية الإسلامي البارز؛ “تقي العثماني”، الذي يُقيم في مدينة “كراتشي”؛ لإجراء مباحثات مع حركة (طالبان باكستان).
وينوِّه الكاتب في نهاية تقريره إلى أن “واشنطن” والدول المجاورة لـ”أفغانستان” يواصلون عملية الحوار التي تُعد صعبة؛ ولكنها ضرورية مع حركة (طالبان)؛ التي تزداد عنادًا، لكن التقدم الفعلي المُحرَز بشأن هذه القضايا لا يزال بطيئًا.