سؤال أميركي .. كيف يجب على “الولايات المتحدة” التكيّف مع النفوذ الصيني في الشرق الأوسط ؟ (2)

سؤال أميركي .. كيف يجب على “الولايات المتحدة” التكيّف مع النفوذ الصيني في الشرق الأوسط ؟ (2)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

تضخ “الولايات المتحدة” سنويًا مليارات الدولارات في منطقة الشرق الأوسط على سبيل المساعدات الأمنية، وتبلغ حصة “واشنطن” من سوق السلاح بالمنطقة؛ وفق تقارير مؤسسة (سيبري) السويدية، أكثر من: 54% في الفترة: (2018 – 2022م)، وذلك نتيجة “العقوبات الأميركية” ضد “روسيا” على خلفية الحرب الأوكرانية؛ بحسّب التقرير التحليلي الذي أعده: “جنیفر کافانا” و”فردریک فري”، المنشور على موقع “مؤسسة الدراسات المستقبلية في العالم الإسلامي”؛ نقلًا عن مؤسسة (بروكينغز) الأميركية.

المنافسة الصينية الصاعدة داخل المنطقة..

علاوة على ذلك؛ ما تزال “الولايات المتحدة” تُحافظ على منشآتها العسكرية بعشرات دول المنطقة في قوالب قواعد كبرى أو صغيرة، ومنشآت تعليمية، ومخازن.

لكن هذا لا يعني السّيادة بمعنى الاحتكار، ولو أن الوجود الأمني الصيني بالمنطقة محدود، إلا أن “بكين” تستطيع تقديم فرص دفاعية واقتصادية لشركائها تعجز عنها “الولايات المتحدة الأميركية”. على سبيل المثال لـ”بكين” قاعدة عسكرية خارجية واحدة فقط؛ ومقرها “جيبوتي”، لكنها تستثمر في موانيء المنطقة بالكامل، وهذه المنشآت قد تستخدم في أنشطة مدنية وعسكرية، وهذه الاستراتيجية تُساعد “بكين” على توسيّع نطاق نفوذ الجيش الصيني، وبالوقت نفسه تقوية علاقاتها التجارية مع دول الشرق الأوسط.

وكشف تقرير استخباراتي مسّرب عام 2022م، عن حصول “الصين” على تصريح “أبوظبي” بخصوص بناء منشأة عسكرية لوجستية بأحد الموانيء الإماراتية.

وهذا العمل لا يهدف إلى استبدال الوجود العسكري الأميركي في “الإمارات”، وإنما إضافة “الصين” إلى هذه المجموعة.

في المقابل تتبع “الصين” استراتيجية مشابهة في مشاركة تكنولوجياتها العسكرية مع منطقة الشرق الأوسط. وهي لا تُقدم مساعدات عسكرية مباشرة كبيرة للشرق الأوسط، حيث تبلغ حصة “الصين” من سوق السلاح في هذه المنطقة أقل من: 5%، ومع هذا تقدم “بكين” فرصة الحصول الرخيص ودون شروط مسّبقة على التكنولوجيا المتطورة؛ مثل المُسيّرات والصواريخ الموجهة للمشتري الذي لا يستطيع الحصول على هذه التكنولوجيا من “الولايات المتحدة”. والقوى الإقليمية: كـ”السعودية والإمارات”، تتلقى الخدمات الصينية باعتبارها مكمل وليس بديل للمنظومات الأميركية.

تكتلات مناهضة لأميركا..

ومنذ العام 2021م؛ تحولت ست دول عربية، هي: “مصر والكويت وقطر والسعودية والإمارات”، (باعتبارها شريك في الحوار مع منظمة شنغهاي)، إلى كتلة سياسية واقتصادية وأمنية بقيادة “الصين”.

وانضمت هذه الدول بصحبة “تركيا”؛ في العام 2013م، إلى “منظمة شنغهاي”، في حين حصلت “إيران”؛ في 2023م، على عضوية كاملة بالمنظمة.

وبالنسبة للشركاء العرب لـ”الولايات المتحدة”، فإن المشاركة بـ”منظمة تعاون شنغهاي” قد تدعم العلاقات مع “الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى” دون الحاجة للتخلي عن علاقاتها العميقة والشاملة مع “الولايات المتحدة”.

وفي المجالات الاقتصادية، تلعب “الصين” حاليًا دورًا أكبر في الشرق الأوسط مقارنة بـ”الولايات المتحدة”، لكن دون استبدالها بشكلٍ كامل. مع هذا تحولت “بكين”؛ في العام 2019م، إلى الشريك التجاري الأول للشرق الأوسط، متفوقة على “الاتحاد الأوروبي”.

ووفق معطيات “صندوق النقد الدولي” فقد ارتفع معدل تجارة “الصين” مع دول الشرق الأوسط بنسّبة: 40%؛ خلال السنوات العشر الأخيرة، في حين تراجع صادرات وواردات “الولايات المتحدة” إلى المنطقة.

كما ضاعفت “الصين” من سرعة استثماراتها في الشرق الأوسط. ورغم امتلاك “الولايات المتحدة”؛ حتى الآن، الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة، لكن يتركز معظم هذه الاستثمارات في “إسرائيل” و”السعودية” و”الإمارات”، وفي مجموعة محددة من الصناعات.

رغبات إدارة “بايدن”..

ورغم تفضيل دول الشرق الأوسط الاستفادة من استراتيجية الالتزام المتعدد الأطراف، يتوقع المُشّرع الأميركي من الدول العربية التي كانت تحظى بدعم أميركي لفترة طويلة، مراعة أن “واشنطن” أفضل شركاءها.

ومن هذا المنطلق تسّعى إدارة “جو بايدن” إلى توسّيع نطاق “الاتفاق الإبراهيمي”. وتأمل الإدارة الأميركية في تهيئة الأجواء للمزيد من التعاون العسكري ضد “إيران” وبناء درع واقٍ لـ”الولايات المتحدة” إزاء النفوذ الصيني، لكن المنافسات والصراعات الإقليمية على مدى عقود، وضعف التطوير الاقتصادي في الكثير من أجزاء الشرق الأوسط يوضح ضعف هذه الرؤية القائمة على الأمن؛ حتى في الفترات التي لم يكن لـ”الولايات المتحدة” منافس.

وبحث دول المنطقة حاليًا عن بدائل لـ”الولايات المتحدة” يُفضح المنطق المعيوب لتلك الاستراتيجية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة