خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
مر 45 عامًا على حكم النظام الديني الذي خرج من رحم “الثورة الإيرانية”، وطوال هذه المدة تخلص النظام في صراع واسع النطاق بالهيكل الداخلي، من كل التيارات المشاركة في آلية الثورة وأوجد حكومة دينية تقوم على رؤية الفقه والفقهاء؛ بحسب التحليل الذي أعده موقع (زيتون) المعارض.
وقد سعت هذه الحكومة إلى تقديم ماهية مزدوجة؛ الأولى: في قالب هيكل حكومة يتكفل داخل الدولة بإدارة شؤون الشعب، والثانية كحركة تتجلى في استمرار الثورة، وقد غلبت هذه الصورة على الأخرى.
وكانت الأولوية لتقسيم العالم إلى قلة من الأصدقاء ووكثرة من الأعداء، وإشعال فتيل الحرب بين “إيران” و”العراق”؛ بدعوى الحرب بين الحق والباطل، والدفاع عن المظلوم حتى لو يتعارض ذلك مع المصالح الوطنية.
هذا الطريق الذي تسبب في الكثير من الصدمات لـ”إيران” كدولة وشعب. وإعادة قراءة الأوضاع الراهنة تُثير سؤال بشأن طريق التحرر من هذه الحالة.
وللإجابة ينبغي تقديم تحليل للأوضاع والحالة التي نعيشها الآن، ومن ثم رسم طريق التحرر والذي يتطلب تصدر النخبة المجال الرئيس لطرح الأفكار والتصورات للخروج من الوضع الفوضوي الحالي.
أزمة تطال “إيران” والإيرانيين..
بنظرة عامة على الأوضاع الراهنة، يتضح أنها تضرب بجذورها في صراع القوى بالعقد الأول للثورة. في تلك الفترة التي تمحورت حول السيد “الخميني”؛ الذي برز بشكل أقرب إلى هيكل السلطة، شملت ظهور شخصيات عمدت إلى الإطاحة بالآخرين حفاظًا على بقاءها.
وقد اتسع نطاق هذه العملية بحيث أفضت إلى التصفية الجسدية لكل الوجوه السياسية وطبقة النخبة التي يتصور منها إحتمالية التحول إلى قوى منافسة؛ بداية من حزب (نهضة الحرية)؛ وحتى الماركسية الوطنية التي رافقت رجال الدين في السياسات الأصولية.
في غضون ذلك منح عدم عقلانية منظمة (مجاهدي خلق)؛ بشأن استخدام الأسلحة، “الخميني” فرصة للصدام الجسدي المشروع على هامش السلطة.
من ثم مهد إقصاء شخصيات مثل: “بهشتي” و”رجائي” و”هنر” وغيرهم، الطريق أمام ظهور شخصيات أقل إحترامًا. والحرب بدورها ساهمت وقد أنطوت أيضًا، بحسب “الخميني”، على البركات اللازمة، في فرض حالة طواريء لقمع الحريات وقتل المنشقين بدعوى توحيد السلطة حول المحور الإيديولوجي (الولي الفقيه).
ووفاة المرشد الأول للثورة، كان أول نموذج على الطبقات غير الجديرة بالاهتمام في هيكل السلطة. لم يكن “خامنئي” آنذاك ثوري، ولا حتى حين ترأس الجمهورية، ولم يكن يُصنف ضمن الجيل الأول للنظام، وإنما بالنظر إلى مكانته في بداية الثورة فقد كان شخص ذو مسؤوليات هامشية حظى بالاهتمام باغتيال “بهشتي” والآخرين.
وبعد كسب الأصوات في الانتخابات الرئاسية، اتسمت شخصيته بالضعف في الصراع مع رئيس الوزراء والقوى الثورية. حتى أن السيد “الخميني” عنفه بشكل علني في موقفين.
لكن يمكن فهم دور “هاشمي رفسنجاني” في إيصال “خامنئي” إلى منصب المرشد، بعد وفاة “الخميني” والأسرار التي تتكشف حتى اليوم.
مرشد يتكيء على القوة العسكرية والأمنية..
بعد تثبيت موقعه كمرشد لـ”الجمهورية الإيرانية” بقوة (الحرس الثوري)، لذلك كان الحرس محور العلاقات الاقتصادية بالسلطة داخل الهيكل الحكومي.
وارتبطت السياسات الخارجية بذروة الأزمة مع الغرب بسبب السياسات النووية، والحرب بالوكالة، والعداء على مستويات واسعة من العالم. الأمر الذي يوضح سبب العقوبات الكثيرة على “إيران”.
وصدّر “خامنئي”؛ (الحرس الثوري)، في الصفوف الأولى للتحايل على العقوبات والحصول على مليارات الدولارات من عوائد مبيعات النفط، واقتصاد الاستيراد والتصدير. وهو ما ساهم في تعاظم القوة العسكرية للقيام بأي إجراء.
واتسع نطاق نفوذ (الحرس الثوري) وشمل الساحة السياسية بظهور شخصيات مثل “أحمدي نجاد” و”إبراهيم رئيسي”.
لكن هذه القوة فشلت في الوصول إلى أعلى مستوى في هيكل السلطة نتيجة تضارب المصالح الاقتصادية ومستويات الصراع. وكان من نتائج قيادة “خامنئي”؛ خلال 30 عامًا، من الاعتماد على قوة (الحرس الثوري) ما يلي:
01 – تشكيل قوة تعتمد على القوة والقمع..
02 – ظهور طيف من القيادات غير الكفء ومؤهلاتهم فقط الولاء للمرشد والإيديولوجية.
03 – تدمير “إيران” على كافة المستويات؛ حيث خرجت “إيران” من الأولويات السياسية للمرشد.
04 – تشكيل شبكة مالية واقتصادية كبيرة في خدمة المرشد.
05 – تفشي الفساد في هيكل السلطة.
06 – تدمير “إيران” في الأبعاد البيئية وتجريف الغابات والتربة، وتدمير المناظر الطبيعية، وتجفيف أرومية وغيرها.
07 – الضغط الاقتصادي على جميع الطبقات بحيث اختفت الطبقة الوسطى.
طرق التحرر..
هذه الأوضاع تتطلب الوعي. وكل شرارة عن جنون السلطة والقيام بأعمال لا تليق مصل قتل “مهسا أميني”؛ يُمثل فرصة جيدة للتوعية العامة ورفع مستوى الوعي بالمطالب.
وعلى النخبة أن تبادر للتوعية الاجتماعية لتحرير “إيران” من الفناء والدمار. والصمت سيكون خيانة لـ”إيران” والإيرانيين.
إن إنقاذ “إيران” لن يتأتى إلا بالاتحاد العام حول المحور الإيراني والصراخ بالمطالب عن طريق الوعي العام وإجراء استفتاء. لإنقاذ “إيران” يجب أن تتحد أصواتنا جميعًا.. للمطالبة بالاستفتاء.