خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وسط تكهنات عالمية بإشتعال فتيل الصراع؛ إثر زيارة رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، لـ”تايوان”، التي غادرت اليوم الأربعاء، بعد أن تعهدت بالتضامن معها وأشادت بديمقراطيتها، تاركة وراءها موجة من الغضب في “الصين” بسبب زيارتها القصيرة للجزيرة؛ التي تعتبرها “بكين” جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.
ومن المُقرر أن تواصل “بيلوسي” جولتها الآسيوية متوجهة إلى “كوريا الجنوبية واليابان”، وفقًا لـ (رويترز).
وكان وفدها قد توقف في “تايوان”؛ في وقت متأخر، أمس الثلاثاء، بعد أن زار كلاً من “سنغافورة” و”ماليزيا”.
حيّت المُشّرعة البالغة: (82 عامًا)، شخصيات كانت في وداعها في “مطار سونغشان”، قبل أن تصعد إلى متن طائرة عسكرية أميركية، بحسب (فرانس برس).
وخلال زيارتها القصيرة لـ”تايبيه”، أكدت رئيسة “مجلس النواب” الأميركي تضامن بلادها مع “تايوان”، مُشيرة إلى أنه: “مهم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى”، كما عبرت عن شعورها بالفخر لوجودها في “تايبيه”.
وأبلغت “بيلوسي”؛ رئيسة “تايوان”، بأن “واشنطن” تعهدت قبل 43 عامًا بالوقوف إلى جانب “تايبيه”؛ وأن زيارتها تؤكد على ذلك.
وقالت رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ إن وفدها جاء إلى “تايوان” ليوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن “الولايات المتحدة” لن تتخلى عنها.
كما أعلنت؛ خلال اجتماع مع “تساي تشي-تشانغ”؛ نائب رئيس “البرلمان التايواني”، أن وفدها جاء إلى “تايوان” بدافع: “السلام للمنطقة”، بعد أن أطلقت زيارتها العنان لغضب “بكين” وأثارت عاصفة دبلوماسية.
مناورات عسكرية صينية..
وفور وصول “بيلوسي”، إلى “تايوان”، أعلن الجيش الصيني إجراء مناورات عسكرية حول الجزيرة، التي ردت بأنها تمتلك القدرة على حماية أمنها، الأمر الذي يجعل فرص الصدام مفتوحة.
وأجرى الجيش الصيني مناورات محدودة؛ الثلاثاء، ويُجهز لأخرى موسعة الخميس، فيما علق الجيش التايواني أن “الصين”: “تُحاول تهديد موانئنا ومدننا الرئيسة”، مؤكدًا أنه: “يمتلك القدرة على حماية أمن تايوان”.
وعبرت مقاتلات صينية طراز (su-35)؛ “مضيق تايوان”، وردت المدفعية التايوانية بطلقات تحذيرية، وبثت وكالة أنباء الصين؛ (شينخوا)، صورة أظهرت تمركز القوات حول “تايوان” من جميع الاتجاهات؛ حيث ستكون المناورات في 06 مناطق محيطة بها.
انتهاك للسيادة التايوانية..
وأعلنت “وزارة الدفاع” التايوانية، اليوم الأربعاء، أن التدريبات العسكرية الصينية؛ التي أعلنت ردًا على زيارة رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، لـ”تايبيه”، تنتهك بشكل خطير سيادة الجزيرة.
وقالت الوزارة إن المناورات الصينية تنتهك المياه الإقليمية والمجال الجوي لـ”تايوان”، وشكلت حصارًا بحريًا وجويًا عليها.
وقال المتحدث باسم “وزارة الدفاع” التايوانية؛ “سون لي-فانغ”، في مؤتمر صحافي إن: “بعض قطاعات المناورات الصينية تتداخل (…) مع المياه الإقليمية لتايوان”، مضيفًا أن: “ذلك عمل غير عقلاني يهدف إلى تحدي النظام الدولي”.
وأكدت “وزارة الدفاع” التايوانية أن الجزيرة ستُدافع بحزم عن أمنها وستواجه أي تحرك ينتهك السيادة الإقليمية، وسترفع من مستوى اليقظة بناءً على مبدأ تجنب الحرب.
وأضافت الوزارة؛ خلال مؤتمر صحافي، أن “الصين” تواصل شن حرب نفسية على “تايوان”، وأنه يجب على المواطنين عدم تصديق الشائعات وإبلاغ الحكومة بأي أخبار كاذبة.
ومن حهتها؛ قالت “وزارة الخارجية” التايوانية إن: “إشعار الصين لتايوان بعدم دخول الطائرات لمناطق المناورات في المياه القريبة من الجزيرة، هو استفزاز يتحدى النظام الدولي”.
وأكدت أن: “تايوان ستظل على اتصال مع دول؛ من بينها الولايات المتحدة لتجنب تصعيد التوترات”.
فرض عقوبات اقتصادية..
وكإجراءات عقابية، أعلنت “وزارة التجارة” الصينية؛ فرض عقوبات اقتصادية، قائلة إنها ستُعلق تصدير الرمال الطبيعية إلى “تايوان” – وهي مكون رئيس في تصنيع أشباه الموصلات أحد أكبر صادرات الجزيرة.
وأمس، أصدرت “الصين” قرارًا استباقيًا لزيارة “بيلوسي”، وقررت حظر الواردات من: 35 شركة أغذية تايوانية تُصّدر لها البسكويت والمعجنات؛ اعتبارًا من الإثنين.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية التايوانية الرسمية؛ أمس، أنه من بين: 3200 شركة تايوانية مسجلة لدى الجمارك الصينية تحت فئة المواد الغذائية، تم إدراج: 2066 شركة في لائحة تعليق استيراد.
وأدرجت “الصين”: 35 شركة من شركات فئة البسكويت والمعجنات والخبز تحت لائحة: “تعليق الاستيراد”، من بين: 107 شركات تعمل في هذه الفئة، وفقًا لحسابات (رويترز) بناءً على بيانات التسجيل المنشورة على موقع “الإدارة العامة للجمارك الصينية”.
وفي عام 2021، سجلت واردات “الصين”؛ من “تايوان”، رقمًا قياسيًا بلغ: 189 مليار دولار، وفقُا لبيانات رسمية تايوانية.
قلق ياباني من التحركات العسكرية..
وأعربت “اليابان”، اليوم الأربعاء، عن قلقها من: “التحركات العسكرية المحددة الأهداف”؛ التي توعدت “الصين” بالقيام بها ردًا على زيارة “بيلوسي”، موضحة أن بعضها سيجري داخل المنطقة الاقتصادية اليابانية.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية، “هيروكازو ماتسونو”، للصحافيين إن: “المناطق البحرية التي أعلن الجانب الصيني أنها ستُستخدم في المناورات العسكرية؛ اعتبارًا من ظهر الرابع من آب/أغسطس (…) تشمل المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان”.
وأضاف أن “طوكيو”: “عبرت عن قلقها للصين نظرًا لطبيعة النشاطات العسكرية”؛ التي تشمل: “إطلاق ذخيرة حية”.
وتابع “ماتسونو” أن: “السلام والاستقرار في مضيق تايوان مهم؛ ليس فقط لأمن بلادنا، ولكن أيضًا لاستقرار المجتمع الدولي”، مشددًا على أن: “موقف اليابان الثابت كان دائمًا أنه يتوقع حل القضايا المتعلقة بتايوان بشكل سلمي عبر الحوار”.
أعمال أميركية استفزازية..
وبدوره؛ علق وزير الخارجية الروسي؛ “سيرغي لافروف”، على زيارة “بيلوسي”؛ إلى “تايوان”، اليوم، قائلاً: “لا نرى أسبابًا للقيام بأعمال استفزازية من هذا النوع؛ خاصة للجانب الصيني”، مؤكدًا على أن “أميركا” ترغب في تأجيج التوتر مع “الصين”.
وتابع “لافروف”: “ليس لدي شك في أن هذا يعكس المسار ذاته الذي نتحدث عنه فيما يتعلق بالوضع الأوكراني – هذه هي الرغبة الأميركية في الإثبات للجميع إفلاتهم من العقاب: أصنع ما يحلو لي”، بحسب ما نقلته وكالة (سبوتنيك) الروسية.
وجابت سفن أميركية عدّة منطقة “تايوان”؛ أمس، مع وصول رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، إلى الجزيرة التي تعتبرها “الصين” جزءًا من أراضيها، وفقًا لمصادر عسكرية أميركية.
وفي الوقت الذي توعّدت فيه “الصين” بشنّ: “أعمال عسكرية محدّدة الأهداف”؛ ردًا على زيارة “بيلوسي”، أعلن الأسطول الأميركي السابع في تغريدة أن حاملة الطائرات (يو. إس. إس. رونالد ريغان)؛ التي تجوب المنطقة منذ بداية تموز/يوليو، موجودة في “بحر الفليبين”؛ جنوب “تايوان”.
استدعاء السفير الأميركي..
واحتجاجًا على الزيارة، استدعت “الصين”؛ أمس، السفير الأميركي لديها، وأعرب نائب وزير الخارجية الصيني؛ “شيه فنغ”، خلال حديثه مع السفير؛ “نيكولاس بيرنز”، عن: “احتجاجات قوية” لبلاده على زيارة “بيلوسي” للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها “الصين” جزءًا من أراضيها.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة؛ (شينخوا)، عن “شيه” قوله: “هذه الخطوة شنيعة للغاية بطبيعتها وعواقبها وخيمة جدًا”، مضيفًا: “الصين لن تقف مكتوفة اليدين”.
كما أدانت “وزارة الخارجية” الصينية، أمس، زيارة “بيلوسي” إلى “تايوان” قائلة: “من يلعب بالنار سيحرق نفسه حتمًا”.
وفي بيان نشرته (شينخوا)، اعتبرت “وزارة الخارجية” أن: “زيارة بيلوسي تدعم موقف تايوان في تغيير الوضع القائم، ويُعزز التواصل الرسمي بين الولايات المتحدة وتايوان، ويؤازر ويدعم الأنشطة الانفصالية لـ (استقلال تايوان)”، وأن: “هذه التصرفات خطيرة للغاية شأنها شأن اللعب بالنار، ومن يلعب بالنار سيُحرق نفسه حتمًا”.
وكانت “وزارة الدفاع” الصينية أيضًا؛ حذرت من “سحق” أي مخطط لاستقلال “تايوان”، مؤكدة أن “بكين” لن تتردد في شن حرب بسبب الجزيرة، ما اعتبره محللون: “نذر تصعيد جديد يُفاقم التوترات بعد حرب أوكرانيا، ويشعل المواجهة بين الغرب والصين”.
خلاف وتصعيد خطير..
ولا تزال “قضية تايوان” من بين أكثر القضايا إثارة للجدل بين “الولايات المتحدة” و”الصين”، فقد برزت كنقطة صراع خطيرة، يخشى المسؤولون الأميركيون من تحرك صيني وشيك في الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.
ومنذ نشر خبر زيارة “بيلوسي” إلى “تايبيه”، تدفع تحذيرات من “بكين” وجهود منسقة من قبل إدارة “بايدن” إلى منع التوترات المتصاعدة من الخروج عن نطاق السيطرة، وظهر هذا واضحًا في المكالمة الهاتفية التي استمرت ساعتين و17 دقيقة؛ الأسبوع الماضي، حين وجه الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، تحذيرًا يُنذر بالسوء إلى “بايدن”.
استعدادات أوروبية لتداعيات التصعيد..
ونقلت مجلة (بوليتيكو) الأميركية عن مصادر دبلوماسية غربية، أن الدول الأوروبية تستعد لتداعيات التصعيد الخطير بين “واشنطن” و”بكين” على خلفية زيارة “بيلوسي”.
وأفاد مصدر مطلع للمجلة؛ أن الحرب الكلامية المتدهورة بين “الولايات المتحدة” و”الصين”؛ بخصوص “تايوان” تُثير قلق الدول الأوروبية بسبب مخاطر تصعيد عسكري محتمل.
وأكدت المصادر أن “الاتحاد الأوروبي”؛ يعتبر أي مواجهة عسكرية بين “الصين” و”واشنطن” نزاعًا خارجًا عن السيطرة. وحذر نائب رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن؛ “بوريس روغ”، الدول الأوروبية؛ من عدم الاستعداد لسيناريو مواجهة “أميركية-صينية”، وذلك بدعم “تايوان”، إضافة للمحافظة على اتصال وثيق مع “بكين” بهدف تهدئة التوتر.
قدرات الجيش الصيني..
ووفق موقع (غلوبال فاير باور) الأميركي، فالجيش الصيني يحتل المرتبة الثالثة بين أقوى: 139 جيشًا في العالم، حسب إحصاءات 2021.
ويمتلك الجيش الصيني قدرات عسكرية هائلة؛ أبرزها تجاوز عدد جنوده: 3.3 ملايين جندي، ويصلح للخدمة العسكرية: 617 مليون فرد، ويصل لسن التجنيد سنويًا: 20 مليونًا.
أما الأسطول فيُصنف في المرتبة الأولى عالميًّا: بـ 777 وحدة بحرية، بينما تُصنف القوات الجوية في المرتبة الثالثة: بـ 03 آلاف و260 طائرة، إضافة إلى القوات البرية التي تضم آلاف الدبابات والمدافع وراجمات الصواريخ وعشرات آلاف المدرعات.
وتُقدر التقارير العسكرية أن لدى “الصين”: 350 رأسًا نوويًّا، بما في ذلك: 204 صواريخ طويلة المدى يتم إطلاقها من منصات إطلاق أرضية و48 على الغواصات، و20 “قنبلة جاذبية” يتم إسقاطها من الطائرات، فضلاً عن آلاف الصواريخ العابرة للقارات.
ويواصل الجيش تحديث قواته سعيًا لتخطي التفوق التكنولوجي الأميركي، وحسب (البنتاغون)، فإنّه أطلق العام الماضي طائرة شراعية فرط صوتية قامت بدورة حول الأرض بسرعة تفوق: 06 آلاف كم في الساعة، وهو سلاح على ما يبدو لا تمتلكه “واشنطن”.
قدرات جيش تايوان..
في المقابل؛ يُصنف الجيش التايواني في المرتبة: 22 بين أقوى الجيوش، ويمتلك أكثر من: 1.8 ملايين جندي، ويصل: 300 ألف لسن التجنيد سنويًّا.
وتصُنّف القوات الجوية في المرتبة رقم: 14 عالميًّا: بـ 739 طائرة، بينما الأسطول في المرتبة: 22؛ بـ 117 وحدة بحرية.
وتعتزم القوات الجوية امتلاك: 66 طائرة من طراز (إيه تي-5 بريف إيغل) فائقة القدرات، بحلول عام 2026، أنتجتها شركة حكومية محلية.
وتعتمد القوات المسلحة التايوانية في الغالب على العتاد الأميركي، لكن الرئيسة؛ “تساي إنغ-ون”، أعطت أولوية لتطوير صناعة دفاعية وطنية.
وفيما يخص القوات البرية فتضم أكثر من: 1100 دبابة وآلاف المدرعات، إضافة إلى المدافع الميدانية وذاتية الحركة وراجمات الصواريخ.
ووفق تقارير، فإن “تايوان” تعلم أنه لا يمكنها الصمود في وجه الجيش الصيني؛ ولهذا تتجهز بتكتيكات قتالية تعتمد عدم مركزية الاتصالات، واستخدام أكبر قدر من العتاد العسكري المتحرك الذي يسهل إخفاؤه خلال الحرب.
لا تقوم على النزعات الهجومية بل فرض الهيمنة والردع..
تعليقًا على ذلك، يقول الخبير العسكري؛ “جلال الطويل”، إن “الصين” تُعطي تحديث الجيش أولوية قصوى؛ لذلك اعتمدت إستراتيجية للتحول لقوة تكنولوجية ومحوسبة بالكامل، وسط نزاعاتها مع دول الجوار.
وعن قدرات الجيش الصيني مقابل التايواني، يقول “الطويل”؛ لموقع (سكاي نيوز عربية): “إنه لا مقارنة، سواء في الترسانة العسكرية أو القدرات اللوجستية القتالية، خاصة مع امتلاك بكين قدرات نووية هائلة، ويعتقد بأنه سيكون لديها بحلول 2030؛ ألف رأس نووي جاهز للإطلاق، ورغم ذلك فعقيدتها العسكرية لا تقوم على النزعات الهجومية بل فرض الهيمنة والردع”.