خاص : ترجمة – محمد بناية :
إنطلق الربان “علي شمخاني”، مندوب المرشد الإيراني وأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، في زيارة رسمية إلى “العراق” للقاء القيادات السياسية والأمنية.
وخلال الزيارة؛ التقى “شمخاني” كلاً من الرئيس العراقي، “برهم صالح”، ورئيس حكومة تيسيير الأعمال، “عادل عبدالمهدي”، ومستشاره للأمن القومي، “فالح الفياض”، ورئيس جهاز المخابرات، “مصطفى كاظمي”، ووزير الصحة، “جعفر علاوي”، للحديث عن طيف كبير من الموضوعات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تخص البلدين.
بالإضافة إلى ذلك؛ التقى “شمخاني”، خلال الزيارة؛ عدد من رؤساء التيارات السياسية الرئيسة بـ”العراق”، مثل: “عمار الحكيم، حيدر العبادي، نوري المالكي وهادي العامري”. بحسب صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.
مهام كثيرة بالعراق..
ويعكس حجم هذه المساعي الدبلوماسية الكبير، وتوقيت الزيارة وتزامنها مع عدد من الأحداث المهمة، (فشل “محمد توفيق علاوي” في تشكيل الحكومة واغتيال الجنرال “سليماني”)، مساعي “شمخاني” التي تستهدف ملء فراغ الجنرال في تطورات الشرق الأوسط، (لا سيما العراق)، كما يبدو أن العراقيين يعانون حاليًا أزمة سياسية مكتملة بعد فشل “علاوي” في تشكيل الحكومة، الأمر الذي أثار مخاوف “طهران” إزاء المسار السياسي في “بغداد”، وبالتالي تهديد مصالح “طهران” في هذا البلد.
وقد بلغت هذه المخاوف حد إضطلاع “شمخاني”؛ بمهمة دراسة وضع الأحزاب والتيارات والتحالفات البرلمانية السياسي وموقف الجميع إزاء الاتفاق على بديل رئيس الوزراء وتشكيل حكومة عراقية؛ في ظل الأوضاع الحالية الحساسة الناجمة عن انتشار فيروس “كورونا”.
لكن يبدو أن هذه المساعي لن تفلح في ملء فراغ قائد (فيلق القدس) السابق، فقد كانت تحركاته الدبلوماسية أكثر جدية وطولاً وسرية من زيارة “شمخاني”، العلنية الرسمية القصيرة.
غير قادر على ملء الفراغ !
من جهة أخرى، يبدو أن “إيران”، (في مرحلة ما بعد الجنرال)، تواجه مشكلة خطيرة؛ فيما يخص اختيار شخصية كبديل عن الجنرال، “سليماني”، الذي حظي بخلاف التعليم العسكري والأمن، بنفوذ واسع ودهاء سياسي والبراعة الدبلوماسية في التعامل مع الشخصيات والفصائل العراقية، والتي هيأت أجواء خلق نوع من الموازنة في “بغداد” بالتوازي مع تأمين المكاسب الإيرانية في “العراق”.
وعليه؛ يجب القول: أقدم الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على اغتيال الجنرال “سليماني”؛ لأن مميزاته الخاصة لا تتوفر لأي شخص، تقريبًا، في “الجمهورية الإيرانية”، وبالتالي مواجهة التحديات الراهنة وتبعات فراغ، “سليماني”، في “العراق” والشرق الأوسط ككل.
إذ كانت تكمن مميزات الجنرال في قدرته الهائلة على خلق علاقة وثيقة يمكن الإعتماد عليها بين المتطلبات الميدانية المهمة على المستوى العسكري، والتحركات الدبلوماسية والسياسية. ومن البديهي في مثل هذه الأجواء وتلكم المميزات، أن تميل “الولايات المتحدة” إلى إقصاء هكذا شخصية بسبب دورها في هذا التنسيق الإستراتيجي المهم والسريع، (في الوقت نفسه)، بين التطورات الميدانية العسكرية مع التحركات الدبلوماسية والسياسية، لا سيما وأن البديل لن يحظى، على المدى القصير، بنفس درجة قبول الجنرال “سليماني”، وهو ما سيبعث على بلورة فضاء مناسب لتنفس “الولايات المتحدة الأميركية” في الشرق الأوسط.
نفس هذا الفضاء؛ سوف يُمثل فرصة قصيرة الأمد لـ”الولايات المتحدة” لإحياء تنظيم (داعش) الإرهابي في “العراق” بغرض الضغط على “الجمهورية الإيرانية”.
بناءً على ما تقدم؛ من المستبعد أن تتجه التطورات في “العراق”، وبخاصة من المنظور السياسي، على نحو يساعد “إيران” على تحقيق الحد الأقصى من المكاسب.
فالمؤكد أن مساعي “شمخاني” الدبلوماسية، في مرحلة ما بعد الجنرال، لا تخدم الوضع العسير والمعقد الحالي في “العراق”. مع هذا بات ملموسًا أكثر من ذي قبل حرص أمثال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي على المتابعة الدائمة والميكانيكية لتلكم الفئة من المساعي والتحركات السياسية والدبلوماسية، في ضوء ما تُمر به المنطقة من أجواء وفراغ موقع الجنرال “سليماني”.