17 نوفمبر، 2024 3:18 ص
Search
Close this search box.

زيارة “إردوغان” المفاجئة لتونس .. تخلط الأوراق وتُعقِّد مستقبل الصراع الليبي !

زيارة “إردوغان” المفاجئة لتونس .. تخلط الأوراق وتُعقِّد مستقبل الصراع الليبي !

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

وصل الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أمس الأربعاء، إلى “تونس” في زيارة مفاجئة برفقة وفد رفيع المستوى؛ ضم وزيري الخارجية والدفاع ومدير المخابرات ومستشارين أمنيين.

وقبل وصول “إردوغان”؛ كان الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، قد استقبل، على مدى الأسبوعين الماضيين، رئيس “حكومة الوفاق الوطني” في ليبيا، “فائز السراج”، وممثلين عن مجلس زعماء القبائل الليبية وعددًا آخر من المسؤولين الليبيين في خطوة لرأب الصدع بين الفرقاء الليبيين.

لكن توقيت الزيارة وعدم الإعلان عنها أثار الشكوك والمخاوف لدى دول الجوار، ولا سيما “مصر” وبعض الأطراف الدولية الداعمة للواء المتقاعد، “خليفة حفتر”، الذي فشل في كل محاولاته إسقاط “حكومة الوفاق الوطني” ودخول العاصمة، “طرابلس”.

الزيارة لم تأتِ من فراغ !

يقول المحلل والخبير الإستراتيجي، دكتور “محمد السعيد إدريس”، إن زيارة الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لـ”تونس”، لها دلالات سواء على مستوى “تركيا”، الدولة المتصارعة على الزعامة الإقليمية، أو على مستوى “تونس”.

مُضيفًا أن الدلالة أشد ما تكون وضوحًا على مستوى “تركيا”، التي تسعى لبناء تحالفات عربية سواء على مستوى الدول أو التنظيمات، (قطر، ليبيا، جماعة الإخوان). مشيرًا إلى أن زيارة “إردوغان”، لـ”تونس”، لم تأتِ من فراغ، فـ”تونس” باتت فيها أغلبية البرلمان من “الإخوان المسلمين”، فضلًا عن رئيسه، “راشد الغنوشي”.

“إردوغان” استغل الفجوة بين مصر وتونس..

كما أوضح “إدريس”؛ أن هناك فجوة ما بين “مصر” و”تونس” في العهد الجديد، بسبب أن الحكم في “تونس” الآن برلماني إخواني، وهو ما قرأه الرئيس التركي بذكاء، ولعب على المسار “المصري-التونسي” المتوتر وأخذ ضربة إستباقية ليدعم مشروعه في “ليبيا”.

وخلص “إدريس” إلى أن “إردوغان” جاء إلى “تونس” لدعم مشروعه في “ليبيا”، بعد توقيعه اتفاقيتين مع حكومة “السراج”، إحداهما لترسيم الحدود البحرية، والأخرى للدفاع المشترك.

وعن الموقف المصري من تلك الزيارة، التي لم تكن في الحسبان، قال “إدريس”: ربما نجد إدانة لهذه الزيارة من جانب “مصر”، ولكن تلك الإدانة ستكون سلاحًا ذا حدين، لأنه – إن حدثت الإدانة ستثير حساسية تونسية، وستعتبره تدخلًا في شأنها الداخلي.

تركيا والطموحات العثمانية..

يقول الكاتب، “حسن مرهج”؛ تُعد “ليبيا”، التي تملك احتياطي “نفط” مسجل يبلغ 47 مليار برميل واحدة، من أكبر عشر دول غنية بـ”النفط” في العالم، وأكبر دولة غنية بـ”النفط” في إفريقيا. لذلك فإن ربط القضايا الاقتصادية الجيولوجية بالمصالح السياسية للقوى الأجنبية قد عرض “ليبيا” إلى حروب بالوكالة، حيث حذرت صحيفة (صن) البريطانية مؤخرًا من أن تصبح “ليبيا”، “سوريا” أخرى.

ومن الواضح أن “تركيا” تسعى وعبر طموحات عثمانية، إلى إعادة سيطرتها على جل الدول التي كانت تحت سيطرة السلطنة، لكن بإطار إسلامي. فقد حددت “تركيا” سياستها الجديدة في منطقة “شرق البحر المتوسط” الحساسة في المحور الليبي، وقدم “إردوغان” و”فايز السراج” مذكرتي تفاهم حول التعاون الأمني والعسكري، فضلاً عن تعيين المناطق البحرية المتوسطية والتقسيمات البحرية التي أدت إلى توتر العلاقات اليونانية مع حكومة الوحدة الوطنية وطرد السفير الليبي من “آثينا”. لكن “إردوغان” يدعم الصفقة بقوة. وقال في بيان صدر مؤخرًا: “إن اتفاق تركيا مع الحكومة الليبية المُعترف بها دوليًا؛ يضمن حقوق البلدين، وقد أرسلنا نسخة من الاتفاقية إلى منظمة الأمم المتحدة”.

“بوتين” لن يضحي بحليفه “إردوغان” !

فيما يرى الخبير العسكري والإستراتيجي الروسي، “بافل فيلفبنهاور”، أن الفرق بين موقفي “أنقرة” و”موسكو”، في الملف الليبي، أن الأولى أعلنت بشكل واضح وقوفها إلى جانب “حكومة الوفاق” الشرعية في “طرابلس”، ولم تستبعد دعمها حتى عسكريًا.

أما “روسيا” – بحسب الخبير العسكري – فلم تتبنّ موقفًا صريحًا، إذ أعلن الرئيس، “بوتين”، تفضيله الحلّ السلمي ووقوفه على مسافة واحدة من طرفي النزاع في “ليبيا”، ولكن عمليًا هناك مقاتلون ومرتزقة روس يقاتلون إلى جانب اللواء المتقاعد، “خليفة حفتر”.

غير أن “بافل” أعرب عن قناعته بأن القرار الروسي الأخير، بشأن الموقف من الصراع في “لييبا”، سيتخذه “بوتين”، وسيكون مبنيًا على رؤية إستراتيجية. وبطبيعة الحال فإن “بوتين” لن يضحي بعلاقته مع حليفه التركي، “إردوغان”، ولن يذهب إلى مواجهته في “لبييا”؛ كما لم يفعل في “سوريا”.

مصالح متشابكة بين موسكو وأنقرة !

في نفس التوجه؛ جاء تحليل الأستاذ بجامعة جورج واشنطن، “إبراهيم فريحات”، الذي رأى أن هناك مصالح متشابكة كثيرة بين “روسيا” و”تركيا” تصعّب على البلدين الوصول إلى حد الاختلاف في “ليبيا” أو “سوريا”. وبحسب “فريحات”؛ فإن “تركيا” أصبحت أقرب وأقوى حليف لـ”روسيا” في المنطقة، وهي سبقت “إيران” في هذا المجال. كما أنها اختارت البُعد عن “الولايات المتحدة” وأوروبا لصالح التقارب مع “موسكو”.

ورجح أن يتوصل زعيما البلدين إلى اتفاق بشأن “ليبيا”، خاصة أن مصلحة كليهما إقصاء “الولايات المتحدة” وأوروبا عن منطقة الشرق الأوسط؛ وتحديدًا في “سوريا” و”ليبيا”.

واعتبر “فريحات” أن توقيع “تركيا” اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع “حكومة الوفاق”، دون ضوء أخضر روسي، أثار حفيظة “موسكو” التي ردت على الإجراء التركي ببيان حاد من وزارة خارجيتها وبتصعيد في “إدلب”، مشيرًا إلى حساسية موضوع “الغاز” في “البحر المتوسط”، والذي يكفي “أوروبا” لمئات السنين، والذي ستتمكن “تركيا” من السيطرة عليه بموجب الاتفاقية مع “حكومة الوفاق”، بينما تستخدم “روسيا”، “الغاز”، لإبتزاز “أوروبا”.

تحذير من استعمال تونس كمنصة لصالح تركيا..

حذرت “حركة مشروع تونس”، في بيانها الصادر، أمس الأربعاء، من أي تفكير في استعمال “تونس” كمنصة لأي عمل استخباراتي أو أمني أو عسكري لصالح “تركيا” في إتجاه “ليبيا”، لافتة إلى أنه وبعد الإطّلاع على تركيبة الوفد المصاحب للرئيس التركي؛ يجب الحذر.

كما دعت الحركة رئاسة الجمهوريّة إلى الشفافيّة التامّة مع الشعب التونسي بخصوص أهداف زيارة “إردوغان”، لـ”تونس”، واللّقاءات المرتبطة بها ومخرجاتها.

وترى “مشروع تونس”: “أنّ هذه الزيارة واللّقاءات المرتبطة بها توحي بإصطفاف رسمي تونسيّ لصالح محور (تركيا-حكومة الوفاق اللّيبيّة)، الذي أنتج اتفاقيّة هي محل رفض أغلب العواصم العربية والأوروبيّة”.

وتدعو الحركة، رئاسة الجمهوريّة، إلى النأي بـ”تونس” عن هذه الإصطفافات وعلى هذا الأساس، “وليكون موقفنا معتدلًا ومحايدًا يتوجب أيضًا دعوة المشير حفتر ورؤساء مصر واليونان، لزيارة تونس”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة