خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في زيارة رسمية، غير محددة بمدة زمنية، وصل الأمين العام لجامعة الدول العربية، السبت الماضي، إلى “العراق”، التقى فيها القادة العراقيين.
الزيارة تناولت عدة قضايا تتعلق بالعلاقات المتبادلة، بين “العراق” و”جامعة الدول العربية”، والأوضاع الإقليمية والدولية، وأيضًا زيارة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي” لعدد من الدول العربية.
وأعرب “أحمد أبوالغيط”، أثناء مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية العراقي، “فؤاد حسين”، عن دعم “الجامعة العربية”، لـ”العراق”: “بكل تطلعاته”.
وقال “أبوالغيط”؛ إنه أبلغ “حسين” بأن: “الجامعة العربية، تحت إمرة العراق؛ بما يؤمن مصالح الشعب العراقي”، مضيفًا: “خلال ثلاثة أشهر ستتم استضافة القيادة العراقية في الجامعة العربية لإطلاعها على حجم التطورات الحاصلة في مقر الجامعة”.
ملفات مختلفة..
بدوره، أكد “حسين” أن مفاوضاته مع “أبوالغيط” تطرقت إلى ملفات مهمة مختلفة، منها العلاقات بين “العراق”؛ وكل من: “تركيا” و”إيران”، والوضع في “سوريا”، مشيرًا إلى أنه أطلع الأمين العام للجامعة العربية على نتائج الزيارات التي قام بها مؤخرًا المسؤولون العراقيون إلى بعض الدول، وفي مقدمتها زيارة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، إلى بعض دول الخليج.
تأكيد أهمية التواجد الفعال للجامعة..
وأكد رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، دعم بلاده لمبادرات إنهاء الصراع في “اليمن”، كما أشار إلى دعم “لبنان” لتجاوز أزمته الصعبة.
وذكر بيان حكومي أن: “الكاظمي استقبل الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، والوفد المرافق له، وبحثا آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية ومختلف القضايا العربية الراهنة”.
ونقل البيان، عن “الكاظمي”؛ تأكيده: “أهمية التواجد الفعال للجامعة العربية، وتطوير منظومات عملها بما يمكنها من خدمة الشعوب العربية”.
وأشار رئيس الحكومة العراقية إلى أن: “بلاده تتطلع إلى إنعقاد القمة العربية المقبلة، عبر دعم دور عربي أكبر يسهم في جهود التهدئة”، وأضاف أن: “العراق يدعم مبادرات إنهاء الصراع في اليمن، ودعم لبنان لتجاوز ظروفه الصعبة، كذلك يؤيد عودة سوريا إلى الجامعة العربية وتشجيع الحوار الداخلي فيها”.
تأكيد على أهمية العراق العربية والإقليمية..
تعليقًا على الزيارة، أشار الدكتور “رائد العزاوي”، أستاذ العلاقات الدولية والباحث في الشؤون العربية؛ أن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية، “أحمد أبوالغيط”، لـ”العراق”، تأتي تتويجًا لجهود كبيرة قامت بها الحكومة العراقية لاستعادة دور “العراق”، العربي والدولي، وزيارة “أبوالغيط”، لـ”بغداد”، توكد أهمية “العراق” العربية والإقليمية، وتحقيقًا لرؤية عراقية متميزة في حال الأزمات التي تعاني منها المنطقة.
وأضاف “العزاوي”، في مداخلة تلفزيونية عبر قناة (الحرة)؛ أن الجهد الدبلوماسي العراقي، منذ تولي السيد، “مصطفى الكاظمي”، رئاسة الوزراء قبل نحو عام، أثمرت عن تقارب في العديد من القضايا في “سوريا”، حيث يشترك “العراق” و”مصر” وعدد من الدول العربية؛ في ضرورة عودة “سوريا” إلى “الجامعة العربية”، على أساس ضمان أمن واستقرار هذا البلد الشقيق، وما يلبي طمحات شعبه في العيش بحرية وكرامة، ويتفق “العراق” على ضرورة دعم جهود “السعودية” في “اليمن” بما يحقق الاستقرار، ويتفق “العراق” على ضرورة ضمان حق الشعب المصري والسوداني في مياه “النيل”.
وأوضح “العزاوي”؛ أن “العراق” مقبل على تحديات كبيرة واستحقاقات مهمة؛ أهمها الانتخابات المبكرة، في شهر تشرين أول/أكتوبر المقبل، وأن حكومة “الكاظمي” لا تريد أن يكون “العراق” مع أو ضد أي محور، فالقرار هو قرار عراقي مستقل.
جزء من الحراك الخليجي والعربي..
وعما تبحث “الجامعة العربية” عنه في “العراق”، يقول رئيس مركز “القرار السياسي” للدراسات، “هادي جلو مرعي”؛ أن: “الطريقة التي تتصرف بها الدول العربية، اليوم، تنم عن رغبة حقيقية لإيجاد زخم عربي كبير في العراق؛ وعلى كافة المستويات، في ظل وجود استشعار بأن الحكومة العراقية تذهب لفتح قنوات اتصال مع الدول العربية، الأمر الذي حفز هذه الدول بأن تتجه نحو العراق”.
وتابع “مرعي”؛ بالقول: “زيارة، أبوالغيط، إلى العراق هي جزء من الحراك الخليجي والعربي، بمعنى آخر هنالك هبّة عربية نحو العراق، والسبب هو استقطاب العراق وإبعاده عن إيران، في ظل اختلاف في التوجهات داخل العراق، فهناك من يريد التوجه نحو إيران وآخر نحو الدول العربية والأوروبية، وهو موضوع سيؤدي إلى الاحتكاك الشديد بين هذه التوجهات خلال الفترة المقبلة”.
وأضاف “مرعي”، قائلاً: “لا يمكن التكهن الآن في أن العراق إلى أين يتجه، صوب إيران أم الدول العربية، فمحور القوى الشيعية التقليدية ما زال قويًا، وهي تتوجس من التقارب مع الدول العربية”.
العراق يستطيع لعب دور بين الأشقاء..
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، “باسم أبوطبيخ”، إن “العراق” بلد ذو سيادة مركزية وموقع جغرافي؛ وحاضنته العربية تجعله يقوم بأدوار في الوقت الراهن تستطيع أن تجمع أو تقرب بين الأشقاء هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى، هذه ليست المبادرة الأولى لـ”العراق” لحل القضايا العربية؛ فكانت هناك جهود عراقية مع وزير الخارجية السوري، “المعلم”، لعودة “سوريا”، لـ”الجامعة العربية”، لكن كانت هناك مؤامرات خارجية حالت دون تحقيق ذلك.
وأضاف أن “العراق” يلعب دورًا مهمًا ووثيقًا في تحسين الأجواء، فيما يخص “الاتفاق النووي”، وقد حدثت اجتماعات داخل “العراق”، بين الجانب الأميركي والإيراني، أما اليوم فـ”العراق” يلعب ذات الدور مع “سوريا”؛ لأنها تثق بحيادية “العراق”، فـ”الكاظمي” يستطيع أن يلعب هذا الدور، فقد كان رئيسًا لجهاز المخابرات، ويتميز بعلاقاته الطيبة مع رؤوساء الدول.
مؤشرات لاحتمالية انفراجات تحتاج لمزيد من الوقت..
ومن ناحية أخرى، قال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، “جمال واكيم”، إن الحكم الآن، في “العراق”، يخضع لنوع من تجاذب وتقاسم النفوذ ما بين محورين يتصارعان في المنطقة، المحور الأول هو: “إيران” وحلفاؤها، والمحور الثاني: “المملكة العربية السعودية” و”الولايات المتحدة” وحلفاؤهما، مما انعكس ذلك على تركيبة السلطة والائتلافات القائمة، وبالتالي هذه المبادرات تأتي في إطار ما تعتبره القيادة العراقية بحلحلة للأوضاع الإقليمية؛ مما ينعكس إيجابًا عليها أيضًا وهذا ينسجم كذلك مع طبيعة التوازنات القائمة في “العراق”، والتي لا تسمح بأن يلتحق “العراق” بأحد هذه المحاور، ولكن تسمح له بأن يشكل محور وساطات في المنطقة.
وأضاف أنه: “في الوقت الراهن، وحالة الاستقطاب الموجودة حاليًا؛ من الصعب جدًا لهكذا مبادرات أن تنجح أو تصل إلى نتيجة ويجب الانتظار للأشهر المقبلة ما ستترتب عليه التجاذبات والوساطات، ولكن بمجرد طرح العراق لهكذا وساطة، فهذا يعني أن هناك مؤشرات لاحتمالية الانفراج، ولكن نحتاج لمزيد من الوقت حتى تتبلور هذه الوسطات أو المبادرات التي يقدمها العراق”.