زيادة الضغط تولد الانفجار “حتمًا” .. “العراق” مهدد بالجوع والفقر ينهشه وساسة القصور لاهون !

زيادة الضغط تولد الانفجار “حتمًا” .. “العراق” مهدد بالجوع والفقر ينهشه وساسة القصور لاهون !

وكالات – كتابات :

بعد ثمانية أشهر من الانتخابات البرلمانية، لا يزال “العراق” بلا حكومة؛ ولا يبدو أن هناك طريقًا واضحًا للخروج من هذا المأزق الخطير. تنخرط النخب السياسية في منافسة شديدة على السلطة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات متزايدة، بما في ذلك أزمة الغذاء الوشيكة الناتجة عن الجفاف الشديد والحرب في “أوكرانيا”.

“العراق” أمام كارثة محققة..

يقول تقرير لوكالة (آسوشيتيد برس) الأميركية، إنه بالنسبة للعراقيين العاديين، كل شيء يتأخر. تعجز حكومة تصريف الأعمال عن سداد مدفوعات الكهرباء الحاسمة أو وضع خطط للاستثمار الذي تشتد الحاجة إليه في هذا القطاع قبل أشهر الصيف الحرجة.

وتوقفت الاستثمارات الخاصة بتحديث البنية التحتية للمياه مؤقتًا، بينما أدت البطالة ونقص المياه والمخاوف بشأن الأمن الغذائي إلى إثارة غضب الرأي العام.

أُجريت الانتخابات قبل عدة أشهر من الوقت الذي كان من المفترض عقدها فيه، ردًا على الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت في أواخر عام 2019، وشهدت خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين ضد الفساد المستشري وسوء الخدمات والبطالة.

جلب التصويت انتصارًا لرجل الدين الشيعي؛ “مقتدى الصدر”، وشكّل ضربة لخصومه الشيعة المدعومين من “إيران”، الذين فقدوا حوالي ثُلثي مقاعدهم ورفضوا النتائج.

مصدر الصورة: إيلاف

ويُعزز الثأر الشخصي الذي امتد لعقود من الزمن التنافس الشيعي، ويضع “الصدر” وحلفاءه الأكراد والسُّنة على جانب واحد ضد (الإطار التنسيقي)، وهو تحالف تقوده الأحزاب الشيعية المدعومة من “إيران”، وحلفاؤها من جهة أخرى.

أما في الوسط، فهناك المستقلون، الذين هم أنفسهم منقسمون، في ظل محاولات من جانب الفصائل المتنافسة لإغرائهم إلى هذا الجانب أو ذاك.

قال “سجاد جياد”، الباحث المقيم في “العراق”؛ في (مؤسسة القرن): “الأمر لا يتعلق بالقوة، بل بالبقاء”.

الشارع العراقي يغلي والساسة يتنازعون السلطة..

في غضون ذلك؛ يتزايد الغضب بين الجمهور العراقي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم انقطاع الكهرباء.

في الشهر الماضي؛ اضطر رئيس الوزراء المنتهية ولايته؛ “مصطفى الكاظمي”، إلى مغادرة جنازة الشاعر المرموق؛ في “بغداد”؛ وهو “مظفر النواب”، بعد أن بدأ بعض المشيعين يرددون شعارات مناهضة للحكومة ويرشقون قوافل مسؤولين حكوميين آخرين بالحجارة.

حذرت مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق؛ “جينين هينيس-بلاسخارت”، القادة السياسيين العراقيين؛ الشهر الماضي، من أن: “الشارع على وشك الغليان”، وقالت إن المصالح الوطنية: “تتراجع إلى اعتبارات قصيرة النظر للسيطرة على الموارد”.

لم يتمكن “الصدر”، الذي حصل حزبه على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات، من حشد عدد كافٍ من المشرعين في البرلمان للحصول على أغلبية الثُلثين اللازمة لانتخاب رئيس “العراق” المقبل، وهي خطوة ضرورية قبل تحديد رئيس الوزراء المقبل واختيار مجلس الوزراء.

ويضم تحالف “الصدر” الثُلاثي: (التقدم)، وهو حزب سُني؛ بزعامة “محمد الحلبوسي”، الذي انتُخب رئيسًا للبرلمان، في كانون ثان/يناير 2022، والحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ بزعامة “مسعود البارزاني”.

وتعتزم الكتلة تشكيل حكومة أغلبية، ستكون الأولى منذ إدخال نظام تقاسم السلطة القائم على الإجماع؛ في أعقاب الغزو الأميركي لـ”العراق” عام 2003، لإطاحة بالرئيس الراحل “صدام حسين”.

وستستبعد الحكومة المنافسين الشيعة المدعومين من “إيران” من تحالف (الإطار التنسيقي)، الذي يضم ائتلاف (دولة القانون)؛ لرئيس الوزراء السابق؛ “نوري المالكي”، وحزب (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ بحسب التقرير الأميركي.

قام كل من “الصدر” و”المالكي”، وهما خصمان سياسيان لدودان منذ فترة طويلة، بتعبئة الموالين في جميع الوزارات لتعزيز أجندتهم السياسية، ويخشى كل منهما أنه إذا كان في السلطة، فإن الآخر سيستخدم موارد الدولة – بما في ذلك القضاء ولجان مكافحة الفساد – لتطهير المؤسسات من الخصوم.

علاوةً على ذلك، فإن “الصدر” و”قيس الخزعلي”، الذي تُعد ميليشياته القوية المدعومة من “إيران” جزءًا من تحالف (الإطار التنسيقي)، منخرطان في نزاعٍ فتَّاك، حيث تستهدف حملات الاغتيال أعضاء ميليشياتهم في جميع أنحاء معقل الشيعة في جنوب “العراق”.

مصدر الصورة: رويترز

وللمفارقة، فإن المأزق الحالي هو جزئيًا؛ نتيجة إبتعاد الأحزاب عن الجماعات ذات التوجهات الطائفية. في الماضي، كانت التحالفات الشيعية تُشكل جبهة موحدة للتفاوض مع الكتل السُنية والكُردية. لكن هذه المرة، تجاوزت التحالفات الخطوط الطائفية، ما أدى إلى تأجيج التوترات داخل كل طائفة.

الإنزلاق نحو الحرب الأهلية مجددًا..

وفي ظل غياب اتفاق، يخشى كثيرون من الاحتجاجات العنيفة من قبل القاعدة الشعبية الكبيرة لـ”الصدر”؛ في أعقاب الاشتباكات المحتملة مع الميليشيات المدعومة من “إيران”.

في خطاب ألقاه؛ في 16 آيار/مايو، تعهد “الصدر”، المُحبط بشكل واضح، بعدم إبرام صفقة مع منافسيه؛ على حد وصف التقرير الأميركي.

وألمح إلى قدرات ميليشياته؛ (سرايا سلام)، التي فتحت الأبواب مؤخرًا أمام مجندين في محافظتي: “بابل” و”ديالى”.

وفي مؤشر على تصلب المواقف، تعهد “الصدر” مرة أخرى؛ الخميس، 09 حزيران/يونيو، بعدم التراجع ودعا نواب كتلته إلى التحضير لاستقالاتهم رغم أنه أمتنع عن مطالبتهم بالاستقالة.

وغضب “الصدر” من قرار “المحكمة العُليا” العراقية الأخير بمنع حكومة تصريف الأعمال من صياغة القوانين وإقرارها. أدى هذا بالفعل إلى إلغاء فاتورة الغذاء الطارئة اللازمة للحكومة المؤقتة لاستخدام الأموال العامة لدفع ثمن المواد الغذائية وشراء الطاقة من “إيران” في غياب الميزانية.

ورأى “الصدر”، الذي دفع مشروع القانون، في قرار المحكمة خطوة تميل نحو تحالف (الإطار التنسيقي). ومع ذلك، في فوز صغير لـ”الصدر”، إنعقد “مجلس النواب” في وقت متأخر من يوم الأربعاء 08 حزيران/يونيو، وأقر مشروع قانون الأمن الغذائي.

وتحدث قادة الميليشيات العراقية في جلساتهم الخاصة؛ عن مخاوف من أن يؤدي الجمود إلى إشعال احتجاجات في الشوارع من قبل أنصار “الصدر” وتصاعد الأمر إلى أعمال عنف بينهم وبين الميليشيات الشيعية المسلحة المتنافسة.

الدور الإيراني..

شهد “العراق”؛ في الماضي، مشاحنات سياسية طويلة الأمد بين الجماعات المتنافسة حول اختيار رئيس جديد ورئيس وزراء جديد، رغم أن الجمود الحالي في انتخاب رئيس هو الأطول حتى الآن.

مصدر الصورة: رويترز

وهذه المرة، لم تتمكن “إيران” من إصلاح الخلافات بين الخصوم الشيعة، وهو الدور الذي كان يقع في أيدي الجنرال الإيراني الكبير؛ “قاسم سليماني”، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة مُسيَّرة؛ في كانون ثان/يناير 2020. وقد فشلت ثلاث رحلات على الأقل للجنرال الإيراني؛ “إسماعيل قاآني”، للتوسط بين الشيعة في أن تُسفر عن تقدم.

وفي الآونة الأخيرة، قطعت “طهران”: 05 ملايين متر مكعب من صادرات “الغاز” إلى “بغداد”، بحجة عدم السداد. وقال وزير الكهرباء العراقي؛ “عادل كريم”، لوكالة (آسوشيتيد برس) الأميركية، الشهر الماضي، إنه ليس لديه فكرة عن كيفية دفع “العراق” المتأخرات؛ البالغة: 1.7 مليار دولار قبل أشهر الصيف الحارقة.

في غضون ذلك، يبدو أن المستقلين – الأحزاب المنبثقة عن حركة الاحتجاج عام 2019؛ والتي خاضت ما يُسمى قائمة (الامتداد) وفازت بتسعة مقاعد في المجلس التشريعي المكون من: 329 مقعدًا – قد ضلت طريقها. لقد أقسموا على أن يُصبحوا قوة معارضة هائلة لتمثيل مطالب المحتجين في البرلمان.

وكان رئيس الحركة؛ “علاء الركابي”، قد جمَّد مؤخرًا منصبه بعد أن استقال الأعضاء بسبب تصويته لصالح انتخاب؛ “الحلبوسي”، رئيسًا للبرلمان. ويرى المتظاهرون أن “الحلبوسي” متواطيء في قتل النشطاء خلال الاحتجاجات.

وقال المتحدث باسم حركة (امتداد)؛ “رسول السراي”، إن الكتلتين الشيعيتين تريدان استخدام المستقلين: “لتغطية فشلهما في تشكيل الحكومة”.

وقال بعض المستقلين إنهم واجهوا تهديدات على حياتهم، وقال أحدهم إنه عُرض عليه عشرات الآلاف من الدولارات كرشاوى للانضمام إلى الجماعة المناهضة لـ”الصدر”. وتحدث هؤلاء المستقلون دون الكشف عن هويتهم خوفًا على سلامتهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة